أحمد شرجي: يلعب المسرح المدرسي دورا مهما بكل بلدان العالم بتاهيل الشباب، وتحفيزهم على الامساك بالبذرة الاولى للموهبة وبالتالي الدخول لعالم المسرح الرحب، اذا كان الطالب بالفعل موهوبا، وليس مجرد اشتراكه بنشاط مسرحي داخل المدرسة يعني هذا بان له مستقبل بالمسرح.
مشاركته بالنشاطات المدرسية هي اختبار حقيقي لا ختياراته المستقبلية، من خلال هذا النشاط يحاول صاحب الموهبة بالتعرف على ميوله واهتماماته، ويعمل على تطويره نفسه وبالتالي يختار المسرح كاختصاص لدراسته، اذا المسرح المدرسي هو محاولة لزرع الثقة بنفس الطالب الموهوب، لكن يبقى السؤال هو كيف نحاول ان ننمي هذه الموهبة او الطاقة عند الموهوب منهم؟؟ كيف نزرع ثقته بنفسه وبرايه وفكرته دون ان نوبخه ونهمشه؟؟؟؟ هل علينا ان نجعله ينفذ كل ما نطلبه منه باعتباره مشاركا بنشاط مسرحي مدرسي؟ ونحسم الامر مع انفسنا بانه نشاط لمدة يوم او يومين وينتهي كل شيء!!! ام ان النشاط المسرحي (المسرح المدرسي) له أهداف اخرى ؟ بالتأكيد اهدافه اكبر من كونه مجرد نشاط يقام بالاحتفالات السنوية في معظم بلداننا العربية.
هدفه الاول هو تربوي كي يساهم بتكوين شخصية الطالب، وجعله يفكر باستقلالية، والاهم التعرف على هواياته وميوله، وهذا كله يصب في تطوير شخصية الطالب.
كل هذا حملته معي لاشاهد نشاط مسرحي مدرسي في الجنوب الهولندي في مدرسة (Rodenborch-College-Roosmalen) التي قدمت حكاية (علاء الدين والمصباح السحري)، وهي إحدى القصص التي روت أحداثها شهرزاد على مليكها، والتي تعتبر واحدة من اجمل قصص (من الف ليلة وليلة )، كانت هذه المسرحية هي اشبه بتحية الوداع من قبل الطلبة لمدرستهم واساتذتهم وزملائهم، هذا النظام سائر في اغلب المدارس الهولندية، باقامة نشاط مسرحي يقدمه طلبة السنة الاخيرة.
سوف لانتحدث عن المسرحية كونها عرضا مسرحيا متكاملا، لانه لايخضع لاغلب مقومات العرض المسرحي، ولاننا حتما سنكون قساة على طلبة كان هدفهم بالتأكيد ليس فنيا بقدر ما هو مجرد نشاط مدرسي، فعليه ليس من الانصاف ان نمارس عليهم دور الناقد ونطالبهم بما هو خارج عن قدراتهم كون اغلب يشارك لاول مرة بهكذا نشاط.
بل سنتاول هذا النشاط من باب اخر، ونحاول ان نسلط الضوء على التجربة بحد ذاتها كونها تجربة مثيرة، وكذلك نلم بنظام هذا العمل الذي كان عبارة عن ورشة مسرحية لمدة عام دراسي كامل، لعل مدارسنا العربية تستفيد من هذه التجربة وتحاول ان تمارسها مع طلبتها.
علاء الدين، نص كتبه الطلبة
طلاب في المرحلة الثانوية يكتبون نصا مسرحياً! اليست هذ فكرة مثيرة؟؟؟ عندما تحدثت مع المشرفين على هذا النشاط وهما(مدرس اللغة الهولندية Reneacute; van Gerven ومدرسة الموسيقى Marion Zwanenberg-Neefs )، قالوا بانهم وزعوا طلبة المرحلة الاخيرة الى مجاميع، وعليهم جميعا ان يبحثوا بالمكتبة على شخصية علاء الدين وان يكتبوا نصا مسرحيا لى هذه الشخصية وماهي حكاية علاء الدين، وعلى كل مجموعة لاتخبر الاخرى بماذا تكتب وعن موضوع الحكاية، وعليهم ان يسلمونا النص النهائي بعد ثلاثة اسابيع، وبعد ثلاثة اسابيع كان عندنا خمسة نصوص لخمسة مجاميع، فيها تشابه نعم ولكن فيها ايضا اختلاف بالطرح، وكان الغرض هو تنمية روح البحث عند الطالب بموضوع ليس من ثقافته، زرع الثقة بنفسه بكتابة رايه وفكرته وبالتالي عليه ان يدافع عن كل ذلك، والاهم من كل ذلك هي محاولة لتنمية الموهبة اذا كان الطالب موهوبا، قد يكون موهوبا بالكتابة وهذا الفعل يساعده في إبراز موهبته، واعطيت كل النصوص الخمسة التي كتبها الطلبة الى مدرس اخر كي يكون نصا واحدا يجمعه من نصوص الطلبة
استمر العمل على نشاط (علاء الدين المسرحي) طيلة العام الدراسي، وتكون التمارين بايام العطل فقط كي لاتؤثر على دراستهم، كان عملهم يحمل الكثير من التلقائية والبراءة والفرح الممزوج بالفخر لماقدموه، ارادوا ان ينقلوا لنا استمتاعهم على الخشبة بكل عفوية، ولعل المثير والملفت للانتباه هو تلك الفرقة الموسيقية والتي هي عبارة عن اوركسترا مصغرة تتكون من ستة عازفين على الات مختلفة،كون المسرحية تظم العديد من الاغاني يجسدها الطلبة كمجموعة وكافراد، هذه العمل يربي الذائقة الموسيقية والحسية لدى الطالب، ينمي عنده الاحساس وحفظ الجمل الموسيقية بشكل صحيح، لان الغناء لشاب بهذا العمر مع فرقة موسيقية ليس بالامر الهين ابداً.
لايمكن اخضاع هذا العمل لاحكام نقدية، لان من قاموا به هم مجموعة من الطلبة مستواهم اقل من الهواة، وان كانت هناك التماعات جميلة من اغلبهم، لكن يجب علينا ان نتعاطى مع الهدف النبيل لهذه التجربة والذي هو حتما اكبر من هدف جمالي او فني.
لكننا فضلنا بالكتابة عن دروس هذه التجربة، روح العمل الجماعية التي تميز هذه التجربة لكل الطلاب المشتركين بهذه التجربة، ابتداء من استقبال الضيوف، بيع التذاكر، تصميم الضوء، خياطة الازياء، عمل الديكور، مستندين لدعم عوائلهم لهم، الذي حرصوا لشراء جميع تذاكر المسرحية، توزيعها على معارفهم واصدقائهم، من اجل مساعدة إدارة المدرسة بتكاليف هذه التجربة.
لكن يبقى السؤال الاخر بعيد عن الدروس التي استقيناها من هذه التجربة، وهو هل استمتعنا كمشاهدين بهذا النشاط؟؟ اقول نعم وكثيرا جدا، كانوا طيورا تتقافز على المسرح، يحاولون ان يقدموا شيئا يثير انتباهنا، تلاحظ ارتباكهم المنطقي على الخشبة، واخطائهم التي يرتكبوها، ويرتكبون خطا ثانيا من خلال محاولتهم تصحيح الخطأ بخطأ اخر، انها لذة جميلة، استمتعت بصوت نسائي رائع، انه صوت ( marleen Van de Mouwlen) هذه الفتاة الموهوبة، تمتلك صوتأ ملائكيا، صوت اوبرالي، موهبتها اكبر بكثير من عمرها، اثنى عليها اغلب الجمهور، تمتلك احساس صادق بالغناء وتجيد الغناء باكثر من لغة، والتي ادت شخصية (ياسمين حبيبة علاء الدين )، اخذت قلوبنا بدفء صوتها وطولها الفارع على الخشبة.
بالتأكيد نتائج هذا العمل (الورشة ) له ايجابيات كثيرة، بل انها طريقة عمل علمية، بالاضافة لكل الايجابيات التي تطرقنا لها سابقا، هذه التجربة اذا لم يخرج منها موهوبا فأنها حتما زرعت بذرة التلقي عند الطلبة، عرفت جيل على عالم المسرح.
ملاحظة: الصور ماخوذة من موقع المدرسة وباذن من ادارتها؟