بغداد: اعلن الاتحاد العراقي للادباء والكتاب الجمعة وفاة الكاتب والفيلسوف العراقي الشهير مدني صالح عن عمر يناهز ال 71 عاما، بعد معاناة مع المرض استمرت سنوات عدة.وقال عضو الاتحاد ابراهيم الخياط لوكالة فرانس برس ان quot; وفاة الكاتب الكبير مدني صالح خسارة كبيرة للثقافة والادب وقد فقدت الساحة الثقافية العراقية احد ابرز والمع اسمائهاquot;.
ولد الكاتب، مدني صالح في مدينة هيت غرب العراق عام 1932 وعرفت نتاجاته الابداعية في حقلي الفلسفة والنقد الشعري واثارت جدلا كبيرا في الاوساط الادبية خصوصا كتاباته في الصحف اليومية.واشتهر صالح الذي عمل استاذا للفلسفة في كلية الاداب في جامعة بغداد منذ الستينات، وكان ابرز كتاب الصفحات الادبية في صحيفة quot;الجمهوريةquot; في ثمانينات القرن الماضي.واصدر العديد من المؤلفات الادبية والفلسفية ممزوجة بطابع اكاديمي في مقدمتها quot;هذا هو السيابquot; وquot;هذا هو البياتيquot; فضلا عن مؤلفاته التي اهتمت بالفلسفة الاسلامية والوجودية القديمة والحديثة.كما اصدر كتبا فلسفية مثل quot;الوجودquot; عام 1955 وquot;اشكال والوانquot; عام 1956 وquot;مقامات مدني صالحquot; عام 1989، اضافة الى كتب مسرحية وتحليل نقدي وفلسفي، واعتبر نفسه مصدر اشعاع للخير يمده بالشجاعة وعدم الخوف من اية سلطة سياسية حينذاك.وكانت الصحف اليومية تخشى نشر مقالاته بسبب جرأتها النادرة وكان يشترط عدم تعرض مقالاته الى مقص الرقيب والحذف.واكمل صالح دراسته بعد تخرجه من جامعة بغداد في جامعة كامبريدج في بريطانيا.
وكرس جزءا هاما من نتاجاته وكتاباته للنص المكاني لمدينته هيت الغافية على نهر الفرات غرب البلاد التي كان يعدها عاملا محفزا للابداع رغم تمرده على قيم الحياة البدائية فيها منذ طفولته. ووظف صالح السخرية جوهرا ومحورا رئيسا لنتاجاته الادبية والفلسفية حيث يعتمد اسلوبا ساخرا في تضمينها واشاراتها للحقائق الحياتية.
ويعد الكاتب الراحل مدني صالح من اول المشتغلين والمهتمين بالفلسفة في العراق الحديث وعرفها بانها ليست كتابات او نظريات بقدر ما هي صرخة تملأ الزمان لتؤسس ارادة القول. بدا صالح متمردا في بداية انشطته الفكرية وكانت له طريقة خاصة في التعبير الصوتي والكلامي وايماءاته الحركية التي يسعى دائما ان يوصل عبرها رسالة يقول فيها quot;انا مدنيquot; في اشارة الى انه هو الموقف الذي لا يتغير. وقد ذكر صديقه حميد المطبعي، بان quot;السخرية هي جوهر فلسفة مدني صالح، وعندما اعتمد أسلوبا ساخرا في القبض علي حقائق الحياة أراد أن يثبت أن الشر وليس الخير هو الذي أنيابه في كل شيء، لكن مهلا فمدني صالح شخذ قلمه منذ أدرك هذه الحقيقة لمواجهة القيم المغشوشة للشر، وليقول للناس: أن الحلم أقوي من الواقع، فكتب مقالة يبشر بالنخبة والنخبة تلك هي العقل والعقل سيد الكلمة، وكتب مقالة آخري يحرض فيها علي الغش الاجتماعي وغش السياسة، ثم كتب تلك المقالة التي نادي فيها علي المصلحين أن ينتبهوا من خطر الدعاة لأن بعضهم مثل الغوغاء يهرجون، وبعضهم مثل السوس، وبعضهم كأبن الراوندي يعظون كالسكين، كان يكتب المقالات وعينه في أعماقه يستقرئ بها البواطن..!quot; (أ. ف. ب.)