قليلٌ من الدراية ِ أيها المجهول
قليلٌ من النظرة ِ أيتها العتمة
قليلٌ من إلى أين أيها الطريق
وقليلٌ من القليل ِ أيها المتبقي
فقد استحيتُ من هذا الذي ليس لي
هذا الذي يمرّ أمامي ولاأراه
يعبرُ كلّ مساحات أحلامي الغريبة ِ ولاأراه
يأخذني الى النهايات ويعود بي مبتدئا كأنني ابن الوهم
قليلٌ من الضوء ِ أيها الإنطفاء
لكي أشمّ رائحة القهوة في الصباح دون تردد
لكي لاأضرب كفا بكف
لكي أكتفي بكأس نبيذ ٍ واحدة ٍ وأمضي الى المطر
قليلٌ من الجمر أيها الرماد
لكي أصعدَ مع النجمة الطائرة
بعيدا بعيدا
ونضحكُ حتى أتكيءَ على كتفها
ونهبط معا الى المقهى
لو لم أكن عراقيا
لكنت الآن وصلت الى البيت
افتحُ الباب
وافتحُ حديثا جديدا
وافتحُ عينيّ بكامل ضوئهما
كأنني لم أكنْ متعبا ووحيدا
لو لم أكن عراقيا
لما خفت كثيرا من أن يمرّ القطارُ
ولقلت للقطار الى الجحيم
فسألحق بآخر قد يأتي بعد قليل
وقد أكون منشغلا أيضا
لو لم أكن عراقيا
لكنت الآن مثل قمر ٍ يشعّ فوق عرش المساء
لايخاف ولايتوقف عن النظر الى المدينة
ولايأبه بطبقات الغيوم التي تحجبه
لو لم أكن عراقيا
لغنيتُ بأعلى صوتي حتى ساعة متأخرة
وليغضب جاري
وليتوقف المارة أمام البيت
فسوف أفتح النوافذ ليصل صوتي الى آخر الحي
فأنا في تلك اللحظة أريد أن أغني
بمعزل ٍ عن جواز سفري
وبما يعيد اليّ الطمأنينة لكي أنام
قليلٌ من الأصدقاء أيتها الوحدة
فأنا أعذرُ الكثيرينَ منهم
أولئك العالقينَ برواتبهم الضئيلة
والذين اسودتْ عيونُهم في البرد
والذين تأتي أصواتهم من بعيد
مثل موتى يخرجونَ من قبورهم لخمس ِ دقائق
قليلٌ من الصبر أيها الانتحار
قليلٌ من العراق ياإلهي
لكي أعرفَ قبلتكَ من دون سؤال ....