تجربتي الجديدة أنضج وبعيدة عن الايدولوجيا والسياسة وستنحاز إلى قضايا البسطاء
الشاعر أحمد قران الزهراني لـquot;إيلافquot;: quot;بأثر سلبي.. quot;الشلليةquot; لا زالت تسيطر على الصفحات الثقافية السعوديةquot;
حاورته هيبت برادة: حكيم يعبث بلغته الشعرية البليغة، يهذي حين ينظم شعرا فهو يعيش أسمى حالاته النفسية والشعورية حينما تحيط به خصوصية النظم ليلد قصيدة تشبهه هو فقط.
الشاعر أحمد قران الزهراني ومدير إدارة الصحافة المحلية بوزارة الثقافة والإعلام بجدة رئيس تحرير مجلة quot;عبقرquot; والمشرف العامعلى موقع منتديات quot;أوراق ممطرةquot; الثقافية، يعتبر الشعر فنا نخبويا، صاغ السوداوية في quot;بياضquot; ويحضر الآن لإصدار quot;وشاية الغربةquot; التي يعد جمهوره أن تكون quot;تجربة مغايرة ليس على المستوى الشخصي فحسب بل على مستوى التجربة الشعرية العربيةquot;.
يعشق quot;التفعيلةquot; فيجد فيها جنونه، وينظر إلى quot;قصيدة النثرquot; على أنها مولود quot;خديجquot; لم يكتمل بعد، يصف تجربته الشعرية ويسهب في تكنيكاته وإبداعاته، كما يؤكد بجرأة في حواره وبحذر موضوعي عن آرائه في الصحافة السعودية وعن quot;الصفحات الثقافيةquot; و quot;الشلليةquot;.
ترجمت له عدة قصائد إلى الانجليزية والفرنسية ونشر شعره في أكثر من عشر مطبوعات عربية, وفي العديد من المواقع الأدبية على شبكة الانترنت، وصفه الشاعر والناقد العربي الدكتور عبدالعزيز المقالح quot;انه الموجة الأحدث في قصيدة التفعيلةquot;، وكان له مع إيلاف هذا الحوار:

bull; كيف توفق بين الخيط السردي في نصوصك والمستوى الجمالي الشعري علما أن السرد داخل القصيدة يستطيع أن يهبط بمستوى الشعرية؟
مر وقت طويل انشغل فيه معظم النقاد والدارسين بمناقشة إشكالية الوزن والقافية في الشعر، وكيفية الخروج منهما أو عليهما؛ لتحقيق قدْرٍ مرجوٍ من التميُّز الذي يبحث عنه كل شاعر، وطَفَت إلى السطح لسنوات طويلة إشكالية quot;قصيدة النَثْرquot;، وما أدراك ما قصيدة النثر.
وكلها اجتهادات أعتقد أنها لا تلمس جوهر الشعر، فما الذي يجب أن يتوافر في الشعر ليكون شعراً عظيماً؟ ما الذي يُمَيِّزه عن السرد مثلاً كما جاء ضمناً بسؤالكِ؟ هل هو الوزن؟ هل هي القافية؟ هل هو الإيقاع؟ هل هو النَفًس الشعري؟ هل هو قدْرٌ من هذا و ذاك؟
في ظل انهيار الحدود الفاصلة بين الأنواع الأدبية وتداخل السرد بالشعر والشعر بالسرد، أصبح السؤال الذي ينبغي أن يُطرح quot;ما هي العناصر التي ينبغي توافرها في المكتوب ليحقق هذه الموازنة؟quot; لذا لا أعتقد أن السرد يضعف الشعر؛ بل العكس هو الصحيح؛ فتداخل السرد بالشعر، يضفي عليه ثراءً و سحراً، هو سحر الحكاية منذ أقدم العصور، فعنصر الحكاية هو البوابة السحرية التي تفتح الفضاء الشعري على آفاق الإيحاء؛ فتغدو الحكاية حينئذ جزءاً لا يتجزأ من البنية الشعرية؛ فيسير السرد والشعر جنباً إلى جنب ليحققا للقارئ قدراً كبيراً من المتعة وقليلاً جداً من خيبة التوقع.
bull; السوداوية تتوشح ديوانك quot; بياض quot; ما حكاية هذه المفارقة ndash; اسم الديوان بياض وغلافه اسود ومضمونه مزيج بينهما؟
الديوان quot; بياض quot; نعم, وغلافه اسود, وعنوان الديوان مكتوب بخط quot;ابيضquot; وفي الداخل يمتزج السواد بالبياض, ولربما العنوان هو العتبة الأولى - كما يقول النقاد - التي يستطيع القارئ أن يدخل من خلاله إلى مضامين الديوان التي تشكلت وفق رؤية ذاتية من خلال التفاعل مع أحداث كانت سوداوية بالنسبة لجيلنا الذي ينظر إلى العالم بشيء من الحسد, وكثير من الغبن, فالعالم - وخاصة الغربي - في حالة استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي, ونحن في منطقة تصارع وتجاذب سياسي, منطقة لم تعرف الاستقرار منذ أزمان طويلة, ساد فيها الظلم الدولي على الظلم السياسي المحلي على الظلم الاجتماعي, منطقة حولها العسكر إلى حالات من الصراعات والانقلابات والثكنات العسكرية, حتى أصبحنا ننام ونصحو على انقلابات, وحروب وعلاقات متقطعة بين دول توحدت فيها اللغة والدين والمصير المشترك, منطقة غنية بكل الثروات إلا أنها لا تملك من هذه الثروات شيئا, أمام هذه السوداوية التي تحيط بمجتمعاتنا لم يكن هناك من بد إلا أن يشارك الشاعر في هذا الهم من خلال صياغة سوداوية لهذه الأحداث لان الشعر مرجع تاريخي, وذاكرة امة, مع أنني أؤكد أن هناك جوانب بيضاء في الديوان, لعل المرأة هي التي تضيئها من خلال البوح الوجداني وفي المجمل النقاد رأوا أن هناك سوداوية في الديوان تتفق مع الغلاف وتختلف مع المسمى, إلا أنني أرى أن هذه السوداوية تنبئ ببياض قادم.
bull; تعتمد أغلب نصوصك على المقطعية أي اعتماد المقطع كمكون أساسي داخل النص الشعري، مما يسمح لك باستجماع النفس الشعري لكتابة نص مبني على اللقطة والمشهد، ما رأيك بالمقطعية في القصيدة؟
سأجيب عن هذا السؤال مرتين: مرة حسب ما تقصدينه من quot;مقطعيةquot; بمعنى المشهد أو اللقطة، وتأثيرها على النص الشعري، وتقنية المقاطع الشعرية المتعددة.
سأجيب أولاً بافتراض أنك تقصدين تضمين الشاعر لموضوعات عدة، أو مشاهد مختلفة في نص شعري واحد، وهنا تبدو الإشكالية في كيفية صوغ هذه المشاهد واللقطات في النص، ففي ديوانيّ السابقين quot;دماء الثلجquot; وquot;بياضquot; كانت ـ و مازالت ـ حالة العالم العربي و الإسلامي، و أحداث التاريخ المجيد هي هاجسي الذي أحاول أن أنقله إلى القارئ، و كانت الإشكالية في الطريقة التي يضمَّن بها الحدث في النص؛ لكي لا يبدو مقحماً عليه؛ فكل الأشياء حاضرة أمامنا و خلفنا، لكن المهم هو الصورة التي ستُنقل بها مشاهد التاريخ و مثالب الحاضر، وأوزار الماضي إلى الشعر, لا تقوم القصيدة أو النص الشعري عادة على الأحداث و الوقائع وحدها، كما هي القصة، و قد يعد هذا تابعاً للإجابة عن السؤال السابق؛ فالشعر يتعالى على الواقع المباشر إلى النظرة الكونية الواسعة للوجود والموجودات؛ لذا حاولت أن أصوغ رؤية خاصة بي للتاريخ و متعلقاته، والواقع ومشكلاته، فبدأت في ديواني الأول quot;دماء الثلجquot; بتمارين شعرية عديدة، كأن تتماهى الذات الشاعرة في مخاطب وهمي تشكو له الحال، وتطلب منه الحلول كما في نصوص: quot;شحوب في زمن يليق بناquot;، و quot;تداعيات الوهمquot;، و quot;أبجدية القواميسquot; و quot;الرمزquot; وغيرها. واستمر التجريب، لتصبح الصورة أكثر وضوحاً وإشراقاً وجرأة في نصوص مثل: quot;نبوءة الترابquot;، quot;طقوس الحجارةquot;، و quot;وحيداً باتجاه الموتquot;، وهنا يعلو صوت الذات الشاعرة بالتصريح بالوجع، واستنهاض الأمة لإيجاد الحلول، إما بقتل المغتصب أو قتل النفس؛ لأن الحياة على حالة كهذه أصبحت عاراً مبيناً. وفي نصوص تالية لم تضمها بعد دفتي كتاب تطورت التجربة الشعرية كثيراً ليصبح التضمين صارخاً، واضحاً جليَّاً، لا يحتمل التأويل، ففي قصيدة quot;وشاية الغربةquot; التي أعدها من أنضج القصائد بتجربتي الشعرية, فقد اختزلت كل التقنيات السابقة في هذا النص الذي ترجم الى الانجليزية والفرنسية ونشر في أكثر من عشر مطبوعات عربية , وفي العديد من المواقع الأدبية على شبكة الانترنت، وفي quot;يوميات 07quot; تجردت المشاهد والمقاطع بشكل واضح تماماً، حيث قُسِّم النص إلى سبع مقاطع بحسب أيام الأسبوع، وتضمن أقوالاً شائعة، وشاهد يومية موغلة في الأسى بأسلوب لا يخلو من السخرية المرة .
وبالنسبة للمقاطع المعنوَّنة في نصوصي فهي كثيرة أمثِّل عليها بنص quot;حالة الحب .. حالة الماءquot;، حيث يبدأ كل مقطع بكلمة تتكرر في كل مقاطع النص quot;هو الحبquot;. وهناك نصوص أخرى جديدة متعددة العنوان وهناك نصوص بأربعة أو خمسة مقاطع قصيرة لكل مقطع عنوان مختلف عن الآخر. لكن في المجمل المقاطع في النص لا تلغي وحدته البنائية والشعرية.
bull; تتقن التعامل مع النص الشعري ليس كانفعالات فقط وإنما كبناء يوجه تلك الانفعالات، إلى أي حد يوجه موضوع القصيدة قران داخل النص؟
المضمون في النص الشعري لا يمكن أن يختاره الشاعر, فالقصيدة التي يتحكم الشاعر في بنيتها ومضمونها تأتي ضعيفة المستوى, بينما القصيدة التي تأتي دون تخطيط مسبق ووفق حالة لا شعورية ودون الانحياز لفكرة أو مضمون تأتي قصيدة كاملة الاشتراطات والانفعالات, فتخرج من حيز النظم إلى حيز الشعر, وهنا الفارق يكون كبيرا, فالنص الذي يكتبه الشاعر يأتي نظما, بينما النص الذي يكتب الشاعر يأتي عميقا ومؤثرا ونابضا بالحياة والجمال.
.
bull; كيف تصف احتفاءك ببناء القصيدة؟ وهل تتعمد التكثيف الأسلوبي والدلالي؟
تعتمد بنية القصيدة وتشكيلاتها على مستوى التركيب والدلالة والصور والإيقاع، مما تجسد القصيدة من خلالها هويتها الشعرية وخصائصها الفنية والجمالية والتعبيرية، ويعد التكثيف الأسلوبي والدلالي من سمات النص الشعري الجيد؛ كما أن التقابل والمترادفات والمفارقات الأسلوبية والبنائية ضمن لعبتي الشعرية إن جاز التعبير، ولا يستطيع الشاعر أن يكون متعمداً لتقنية معينة، أو غير مبالِ بتقنية أخرى، فالشعر وحي أولاً وإن عمل فيه قلم الشاعر بعد ذلك، فلا يتجاوز بعض التعديلات من تقديم وتأخير، و غالباً يكون النص مكتملاً في روحه ووجدانه.
.
bull; تحاور في نصوصك الشعرية قصائد غنائية لآخرين ليست فصحى فقط وإنما أخرى شعبية وعامية، هل التحاور هذا في بناء القصيدة يؤدي إلى تقريب المسافة بينك كشاعر ومتذوقي الشعر؟
توظيف النص الشعبي والأغنية المنحازة للنص المحكي في النص الشعري الفصيح أسلوب قديم, وليس جديدا, وهي حالة يستحضرها الشاعر دون وعي مسبق, فتضمين الأغنية تعد من جهة تواصلا بين الحاضر والماضي، والحكمة والعبث، والمعنى واللا معنى, ومن جهة أخرى استحضارا لحالة تاريخية مختلفة, أو حالة شعرية معينة, وقد يكون استحضارها من اجل مفارقة شعرية أو صورة شعرية, أو حتى من اجل استحضار حكاية تدعم مضمون النص وتوجهه.
.
bull; وهل تنوي بمقاربة شعرك بالثقافة الشعبية العربية الحالية جمهورا يحفل ويهتم لما تكتب؟
حديثنا هنا عن جمهور الشعر بالمعنى الكمي للكلمة، وما يسهم به هذا الجمهور في صياغة أشكال الكتابة الشعرية وتحديد مسارها التطوري، هذه العلاقة بين الشاعر وجمهوره من جهة، وبين الشعر نفسه وقدرته على الاستقطاب الجماهيري من جهة أخرى، لابد أنها تشغل حيِّزاً من اهتمام الشاعر، لكنه ليس اهتمامه كله، وقد يكون اللاوعي عندي قد أراد ذلك، أقصد أراد أن يوِّجه شعري إلى هذه الشريحة، لكنني لا أدَّعي أن هذا الأمر يشغلني كثيراً، وإلا ألقيت قصائدي في الساحات والأسواق، فالشعر فن نخبوي بالدرجة الأولى شئنا أم أبينا.
.
bull; إلى أي مدى يستطيع الشاعر الموازنة بين الاقتصاد اللغوي وبين توصيل المعنى وجمالية النص؟
غاية اللغة الأولى هي إيصال المعنى للمتلقي، لكن لغة الشعر تتجاوز هذه المهمة الأولى للغة إلى غاية أسمى وأرقى؛ فالشعر بداية له قارئه الخاص الذي يحاول أن يقرأ ما بين السطور، ويصبو إلى تأويل مقاصد النص الشعري، ومع كل ذلك فيجب أن يوازن الشاعر بين اللغتين، بحيث لا يغدو معميات لا يستطاع الوصول إلى المراد منها، كما لا يفقد في الوقت ذاته الاقتصاد والتكثيف اللغوي المطلوب للقصيدة، وكل شاعر له طريقته الخاصة التي يستطيع بها أن يصل إلى غرضه.
.
bull; يعتقد بعض المتتبعين لتجربتك أنك تشتغل على اللغة باعتبارها مصفاة أثيرية للعالم، ما علاقتك باللغة وكيف تنظر إليها في الشعر؟
قلت في إجابة سابقة أن الشاعر يكتب في حالة نفسية وشعورية خاصة جداً؛ لا يمكن تصنيعها، وإلا لم يكن شعراً، أما في النثر فنحن نعدو مسرعين غير آبهين بالخطأ؛ لأننا نكتب بكثير من الوعي، وقليل من القيود التي يرتبط بها الشعر, وبشكل عام للغة عندي اهتمام خاص؛ فأنا أشعر بالكلمة جداً كشاعر وكناثر .
.
bull; للإيقاع حضور قوي في نصوصك إلا أن الباذخ في تجربة أحمد قران الزهراني هو تحطيمه للقافية باعتبارها مركز جذب للمكونات الإيقاعية الأخرى، كيف تنظر إلى الإيقاع في القصيدة الشعرية؟
لم أحطِّم القافية بالمعنى الحرفي للتحطيم؛ فقد كتبت القصيدة العمودية، ومزجت في بعض نصوصي بين القصيدة العمودية وشعر التفعيلة، لكنه التجديد الذي هو غاية كل مبدع .
أما عن الإيقاع، فقد ظلت موسيقى الشعر العربي سمة بارزة من سماته، فما الشعر بلا الإيقاع؟ لهذا أجدني ما زلت منحازا إلى نص التفعيلة بما يتوفر له من مساحات في خلق الصورة الشعرية, وما يعطيه من أبعاد في موسيقية داخل النص.
.
bull; تجيد التفعيلة، ما موقفك إذاً من قصيدة النثر؟ وهل لك تجربة شعرية على شاكلتها؟
قصيدة النثر بنظري مولود خديج لم يكتمل نموه بعد، وهي بذا ليست السقف الأخير للقصيدة العربية، فمازالت المحاولات التجريبية فيها لم تكتمل، ولي بالطبع تجارب فيها لكني ربما لم أتشبع بعد من مكنونات قصيدة التفعيلة, التي أرى أنها عالم بلا حدود تستطيع استيعاب جنون الشاعر وهمومه.
.
bull; وكيف تعاطى النقاد مع تجربتك الشعرية .. وما ابرز النقاد الذين تناولوها؟
الحقيقة أن النقد الأدبي هو السير الذي يتحرك من خلاله الشاعر إلى معالم جديدة في النص الشعري, والبوصلة التي تدل الشاعر على مكامن الضعف والقوة, ومواطن الجمال في النص الشعري, في ديواني الأول الذي صدر عام 1998م بعنوان quot;دماء الثلجquot; عن نادي جدة الأدبي الثقافي, كان للنقاد في الداخل موقف ايجابي, فقد كتبت عنه أكثر من عشرين دراسة نقدية ومقالة أدبية, ومن أسماء فاعلة من النقاد والكتاب والشعراء, وكان بالنسبة لي ذلك دافعا مهما لاكتشاف تجربتي ومدى حضورها في المشهد الشعري, والحقيقة بالنسبة لي كانت هذه التجربة الأولى هي تجربة quot; التجريب الشعري quot; وحينما صدر ديواني الثاني quot;بياضquot; عن المركز الثقافي العربي ببيروت عام 1993م كان له حضوره الملفت في المشهد الشعري ليس المحلي فحسب بل العربي, وأنا اعتبر هذه التجربة هي quot;تجريب المضمونquot; وقد تناول التجربة الجديد عدد من النقاد البارزين على المستوى العربي, كما تم تناولت تجربتي ضمن الأبرز في التجربة الشعرية المحلية رسائل ماجستير ودكتوراه, ولعل من ابرز الأسماء التي تناولت هذه التجربة, الدكتور عبدالعزيز المقالح من اليمن, والدكتور بن شوشة بن جمعة من تونس, والدكتور حافظ المغربي من مصر, والدكتور حسن النعمي من, والدكتور معجب العدواني من السعودية, والأستاذ محمد موسم المفرجي, والشاعر احمد باعطب , والشاعر عبدالعزيز الشريف, والروائي عبدالحفيظ الشمري, والناقد علي مغاوي, والقاص على فايع, والناقد المصري جمال سعد محمد, والدكتور مصطفى الكيلاني من تونس, والدكتورة شادية شقروش من الجزائر والدكتور صلاح المحاميد من فلسطين والأستاذ ياسر عثمان من البحرين وغيرهم من الكتاب, ولدي رغبة في أن اصدر كل الدراسات التي كتبت عن تجربتي الشعرية في كتاب مستقل.
* الزهراني quot;ميزانية الأندية الأدبية السعودية ضعيفة وتؤثر في إنتاج العمل الثقافي الجيدquot;
bull; تصدر الأندية الأدبية الثقافية في السعودية إصدارات تنم عن ثقافة مجتمع بعينه وطريقة تناول ثقافي مختلف من منطقة إلى أخرى، كيف تجد تلك الإصدارات وما جديد مجلة quot;عبقرquot; الصادرة عن أدبي جدة؟

تنطلق الأندية الأدبية الثقافية ndash; وهي أهم المؤسسات الثقافية في المملكة- تنطلق وفق معايير وتوجهات مختلفة لا يحكمها نظام واحد أو توجه واحد, فلمجلس إدارة النادي الحرية المطلقة في اتخاذ القرارات والإجراءات التي تكفل له النجاح وان يقدم منتجا ثقافيا هاما ومؤثرا في نهاية المطاف, فلكل ناد أدبي إصداراته الخاصة التي تأتي بناء على طموحات وتوجهات مجلس إدارته, نحن في نادي جدة الأدبي الثقافي جئنا والنادي يصدر أربع دوريات توزع على مستوى الوطن العربي, وقد وجدت لها مساحة كبيرة من التلقي, بل عرف النادي الأدبي الثقافي بجدة من خلال هذه الدوريات التي استطاعت أن تعكس المستوى الثقافي للمثقف السعودي وان بنسبة معينة, وحينما جاء مجلس الإدارة الجديد كلفني بإعادة إصدار مجلة عبقر, وهي مجلة فصلية تعنى بالشعر وقضاياه بعدا عن الدراسات النقدية الصارمة, وقد كانت تصدر منذ انطلاقة الدوريات إلا أنها توقفت ما يقرب من عشر سنوات, وأعيد إصدارها خلال الفترة الماضية, وقد وجدت ردود فعل ايجابية كبيرة, فهي لم تحدد منطقة جغرافية واحدة, بل المتابع والقارئ لهذه المطبوعة وكمطبوعات النادي الأخرى لا يمكن إلا أن يطلق عليها أنها مجلة عربية وليست محلية, ذلك لان الأسماء التي تضمنها العدد جاءت من كافة الأقطار العربية ولكل الشعراء ولكل التجارب الشعرية, سواء القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة أو قصيدة النثر دون النظر لتوجه النص أو جنسية كاتبة, واعتقد أن سر نجاح دوريات نادي جدة الأدبي تكمن في هذه الخصوصية التي يتعامل معها رؤساء التحرير وفق رؤية أن النص الإبداعي ليس له حدود جغرافية.
.
bull; وهل قدمت هذه الأندية ما هو مطلوب منها وفق هذه الرؤية التي طرحتها؟
إشكالية الأندية الأدبية إشكالية كبيرة, بدءا من اختلافات الأعضاء, ومرورا بميزانية الأندية الضعيفة, وليس انتهاء ببعض القيود الحكومية, كل هذه إشكاليات ربما قيدت الأندية الأدبية, لكن في تصوري تأتي ميزانية الأندية كأهم مؤثر على سير عملها, فمليون ريال ميزانية نادي كنادي جدة الأدبي الثقافي, وهو يصدر خمس مطبوعات تأخذ ما يقرب من نصف الميزانية, فضلا عن مصاريف تشغيلية ورواتب ومكافآت العاملين, في تصوري أنها لن تنتج عملا ثقافيا مؤثرا, رغم ما نبذله من جهد ومن تقتير, ورغم كثافة الأنشطة والإصدارات إلا أن طموحاتنا لا تقف عند حد معين ولن نقف عاجزين رغم ضعف الموارد المالية للنادي, وسنعمل من اجل الثقافة السعودية في محاولة لإيصالها إلى الآخر من خلال المطبوعات أو من خلال الأنشطة المنبرية.
.
bull; ناقشت في رسالة الماجستير quot;دور الصحافة السعودية اليومية في التنمية الثقافيةquot; ما تقييمك للصفحات الثقافية في الصحف السعودية اليومية وهل لك انتقاد على تناولها الثقافي محليا وعربيا؟
الصحافة السعودية تتأرجح بين فترة أخرى فيما يخص الثقافة, وكما أثبتت دراستي العلمية أن الصحافة السعودية اليومية ساهمت بشكل ملفت في التنمية الثقافية من خلال تعاطيها مع الشأن الثقافي بكل الأشكال الصحفية, إلا أن الملفت للنظر أن الصحافة السعودية تنشط فترة في نشر المنتج الثقافي وتخمد فترة أخرى, وقد يعود ذلك إلى تطابق الرؤية التي تقول أن الثقافة شان نخبوي والصحافة تبحث عن جماهيرية أو عن شعبية لزيادة مساحات توزيعها, ويأتي ذلك على حساب المنتج الثقافي, ونلاحظ أن الإعلان يلغي بشكل مباشر الصفحة الثقافية, إضافة إلى أن الشللية ما زالت تسيطر على الصفحات الثقافية وبشكل يؤثر سلبا على المنتج الثقافي وعلى الصفحات الثقافية, وهناك أمر مهم للغاية, أن المحرر الثقافي ndash; وهو في الأصل صحفي ndash; حينما تمر عليه فترة زمنية يعمل من خلالها محررا صحفيا يتعالى على العمل ويعد نفسه من المثقفين, ولهذا يتحول من مهني أي من صحفي ثقافي إلى مثقف ينظر ويصادر الآراء ويكتب الدراسات النقدية, وقد يتحول إلى شاعر أو قاص أو روائي أو ناقد, ويترك عمله المهني الذي هو في الأساس صحفي يبحث عن الحدث ويصنعه ويغطيه, وهو أمر شائك, ولا يحدث في أي صحافة أخرى, لا يحدث إلا في الصحافة السعودية للأسف الشديد, وهذا أيضا مما يؤثر على الصحافة الثقافية.
.
bull; ترجمت لك بعض قصائدك، ما هو الدافع لترجمة القصائد في العصر الحالي؟ وهل أي قصيدة بالفصحى قابلة للترجمة بالأجنبية دون أن تفقد جماليتها؟
ترجمت لي قصائد عديدة إلى اللغة الانجليزية والفرنسية، وكان الدافع من المترجم ذاته الذي أُعجب بالنص وترجمه دون طلب مني، ولذا فمن قام بالترجمة شاعر فنان يعرف كيف يصوغ القصيدة الشعرية و ينقلها إلى الآخر محتفظة بقدر كبير من شعريتها .
ولا شك أن الدافع هنا كان دافعاً فنياً بحتاً، وهذا هو المطلوب، ولا يغيب عنك بلا شك فائدة التلاقح بين اللغات والثقافات المختلفة, والتعريف بالتجربة الشعرية وترويج الاسم للغات الأخرى, وقد أهديت احد النصوص التي ترجمت إلى شعراء وشاعرات أمريكيين أرسلوا عن طريق الإيميل رسائل تثني على هذه التجربة, وهذا لا شك ما يبحث عنه المبدع.
bull; أين يكمن الاختلاف بين ديوان quot;بياضquot; وجديدك القادم؟
لا بد أن هناك تطوراً كبيراً في التجربة الشعرية، وإذا شئتِ اختصار مواطن الاختلاف، فسأقول أن تجربة ديواني الأول quot;دماء الثلجquot; كانت بمثابة تجريب شعري في أشكاله وأنماطه ومضامينه, هي تجربة التجريب الشعري, بينما التجربة في ديواني الثاني quot;بياضquot; كانت تجربة المضمون, وذلك من خلال الهم الجمعي والقضايا العامة التي تناولتها في بياض, تجربتي الشعرية الحديثة والتي ستصدر قريبا تحت عنوان quot;وشاية الغربةquot; ستكون بالتأكيد أكثر عمقا وأكثر تطورا وأكثر نضجا, وستنحاز بشكل مباشر إلى القضايا الهامشية للمجتمع, ستتناول الهم الاعتيادي, ستتناول قضايا البسطاء من الناس, بعيدا عن الايدولوجيا والسياسة والهم القومي, وهي تجربة شاءت لها الأقدار أن تتحرك في مساحات شاسعة من الهم الإنساني, وقد وجدت أصداء كبيرة أثناء نشر بعض نصوصها في الصحف المحلية والعربية, وهو ما يشي بأنها ستكون تجربة مغايرة لا على المستوى الشخصي فحسب بل على مستوى التجربة الشعرية العربية.
bull; شاركت أخيرا في مهرجان للشعر في سوريا كيف كانت تلك التجربة؟
كانت رحلتي إلى سوريا مؤخراً بمناسبة مهرجان الشعر العربي - القصيدة الحديثة والهوية - بسوريا ضمن الاحتفال بدمشق عاصمة الثقافة العربية والذي انطلق 7 أبريل/ نيسان 2008م بمدينة الرّقّة السّوريّة، وكانت فعاليّات quot;مهرجان الشّعر العربيquot; في دورته الرابعة بمشاركات سورية وعربية واسعة إلى جانب مشاركات من تركيا وإسبانيا وأوكرانيا، وانقسمت فعاليات المهرجان بين مدينتي الرقة والثورة، وفق برنامج مفصّل، حيث شهدت مدينة الرقة في اليوم الأول افتتاح معرض تصوير ضوئي عن معالمها التاريخية، إضافة إلى معرضي كتاب أقيما بالمناسبة. وقد التقيت هناك بشعراء عرب كثيرين، ضمن أمسيات ثقافية واجتماعات على هامش المهرجان، وقد اصطحبت معي مجلة quot;عبقرquot; في أول صدور لها بعد انقطاع طويل, ولعلي أؤكد على أهمية حضور مثل هذه المهرجانات ليس فقط للمشاركة وإنما للاطلاع على التجارب الشعرية المختلفة ليس كمنتج مقروء وإنما كمنتج مسموع, وهذا بدوره يؤثر على تجربة الشاعر المستقبلية.