الفنان العربي أهم من المثقف العربي
سلوى اللوباني من القاهرة: كلما رحل كاتب أو مفكر عربي أتأمل المشهد الثقافي العربي من جديد.. أحيانا اشعر بالحسرة على حياتهم ووالمعاناة التي تكبدوها من أجل الكتابة لنا؟ هل بالفعل قدرناهم في حياتهم كما يجب؟ هل استفدنا من تجربتهم الروائية؟ هل كتاباتهم وفكرهم ساهم في تطوير مجتمعاتنا كما أرادوا أو تمنوا؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى الكثير من الدراسات والأبحاث.. ولكن أين هم أصحاب رؤوس الأموال العربية من مثل هذا الموضوع؟ هل يقع ضمن دائرة اهتماماتهم؟
كلمة.. جائزة أو متحف.. وماذا بعد؟
رحيل المفكرين العرب على اختلاف توجهاتهم يدفعني دوما للتفكير بكيفية استمرار وجودهم الفكري بعد رحيلهم.. هل يكفي أن نسجل كلماتنا عن الراحل في مجلة أو جريدة أو نصور حلقة عنه للتلفزيون؟ هل يكفي أن تتواجد كتبهم في المكتبات؟ أو هل يكفي أن ترتفع نسبة مبيعات كتبهم بعد موتهم لأننا كالعادة شعوب لا تقدر قيمة ما كان بين أيدينا إلا بعد الرحيل؟ هل نسارع لتأسيس جائزة باسم الراحل أو متحف أو مثلا نطلق اسمه على دورة جديدة لمهرجان ثقافي؟ أو أن تتسابق بعض الشركات الإنتاجية لإنتاج فيلم أو مسلسل عن حياة أحدهم مثل الطيب صالح، محمود أمين العالم، رجاء النقاش، محمود درويش وغيرهم ممن رحلوا.. وينتهي تأثير العمل على المشاهدين بانتهاء الحلقة الثلاثين.. وكم حقق من أرباح؟؟ كل هذه الأمور شكليات ومؤقتة.. تعبر عن شحنة عاطفية تجاه الرحيل والصدمة بالفقدان.. ومن ثم نعود إلى حياتنا العادية وكأن شيئا لم يكن.. ويعود إلينا العمى الفكري الذي ابتلينا به منذ فترة..
أين نصيب المثقف العربي؟
أتعجب أن يخصص رأس مال كبير لتأسيس محطة فضائية فنية مثل روتانا لتضم جميع الفنانين العرب من المحيط الى الخليج، ولا يخصص رأس مال قد يكون اقل بكثير لتأسيس محطة فضائية تضم المثقفين والمفكرين العرب، تضم برامج متنوعة مدروسة كما يتم للفنان العربي.. وأخص روتانا لانها مجموعة قائمة على تخطيط وتنسيق فعال.. اثبتت الفكرة نجاحها من حيث الترويج للفنان واصداراته.. لماذا لا تطبق في مجال آخر.. مجال نحن والاجيال القادمة بحاجة اليه ولا غنى عنه مهما تغيرت المفاهيم والقيم... أم والمجتمعات العربية بحاجة الى فن فقط؟؟ تضم روتانا الفنانين وتبرم معهم عقود انتاجية للاغاني والاشرطة اضافة الى التوزيع والحملات الاعلانية والترويج والتسويق للاصدارات الجديدة في وسائل الاعلان... محطة لها 6 قنوات تلفزيونية بقنواتها غير مشفرة تتوجه الى كافة الاعمار وجميع شرائح المجتمع.. بالاضافة الى راديو ومجلة وموقع على الانترنت.. فعلى سبيل المثال تمتلك مكتبة للافلام.. تعد اضخم مكتبة افلام عربية في العالم تضم افلام الزمن القديم (روتانا زمان) الى احدث الافلام السينمائية (روتانا سينما)... روتانا موسيقى تقدم للمشاهد برامج وأخبار عن الفنان العربي ولقاءات عديدة معه تعلن عن اصداراته الجديدة ونشاطاته، روتانا خليجية تعرض كل أعمال الفنانين الخليجين، فاين نصيب المثقف العربي من هذه الافكار؟
المثقف العربي.. كائن غريب
لماذا نهتم بان نعلم كم حقق سي دي أو شريط من مبيعات لفنان عربي ولا نهتم كم حقق كتاب أو رواية من مبيعات لمثقف عربي؟ لماذا نهتم بان نروّج لسي دي أو شريط ولا نهتم بالترويج لكتاب؟ لماذا نحتفل بهذه الطريقة بالفنان العربي ولا نحتفل كذلك بالمثقف العربي؟ لماذا نهتم بان نعرف أدق تفاصيل حياة الفنان وخطواته وأين سافر وماذا أكل؟ ولا يهمنا أن نتعرف كذلك ما يخص المثقف العربي.. هل هو كائن غريب عنا لهذه الدرجة؟ والاغرب من ذلك.. عند الاهتمام بتشجيع الفكر والأبحاث والثقافة يتم التبرع بمبالغ طائلة لجامعات الغرب بينما لا يتم التفكير بتطبيق تجربة روتانا ببعض أقسامها على المثقف العربي؟ ولا اعتقد بان عالمنا العربي ينقصه المال حتى بظل هذه الازمة الاقتصادية العالمية.. فلا زلنا نسمع عن مبالغ طائلة يتم صرفها على امور اعلانية واعلامية وترويجية!!
إلى أين سيذهب الإعلام العربي بنا وبمثقفينا ؟ الله اعلم!!
التعليقات