مازالت روايته الأولى quot;حكومة الظلquot; الأكثر رواجا
منذر قباني: أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة التي يشعر بها جيل كامل من الأدباء السعوديين.

* نجاح روايتي الأولى حكومة الظل لعب فيه القارئ عبر الإنترنت دورا كبيرا،
* من المؤسف أن يكون أعضاء الغرف التجارية في السعودية منتخبين، ولا يحدث ذلك في الأندية الأدبية.
* الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الرواية التي تحترم عقل القارئ الواعي

عبدالله السمطي من الرياض: يجزم الروائي السعودي منذر قباني بوجود طفرة روائية في السعودية، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك ضعفا في الحالة النقدية والثقافية في رأيه ، ويشخص قباني هذا الضعف بوجود بعض النقاد و المثقفين quot;يهاجمون الإنتاج الثقافي من دون إبداء أسباب منطقية و علمية قائمة على تحليل منهجيquot;.أصدر الروائي منذر قباني روايتين، هما:quot; حكومة الظلquot; 2006 وquot; عودة الغائبquot; 2008 وقد حققتا نسبة مقروئية عالية بين القراء وطبعتا غير مرة، مع ذلك لم تلفت الروايتان أنظار النقاد السعوديين، بل كتب عنه عدد من النقاد العرب، وهو في حديثه لإيلاف يكشف أسباب هذا التجاهل النقدي ويعزوه إلى quot;الأهواء الشخصيةquot; وquot;عدم القراءةquot;. قباني المولود بالرياض في العام 1970 والذي يعمل بالأساس طبيبا جراحا، يشكل صورة للجيل الروائي الجديد الذي يكتب بدقة كتابة مختلفة على مستوى الأسلوب الروائي وعلى مستوى النسق الدلالي يؤكد على أن هناك شعورا عاما لدى عدد كبير من الأدباء وخاصة الشباب بالعزلة عن المؤسسات الثقافية وبعدم الشعور بالتضامن من قبل الأجيال السابقة من الأدباء والنقاد. في هذا الحوار تطرق قباني إلى توصيف حالة الرواية السعودية، وموقف المؤسسة الأدبية من المبدع السعودي وغيرها من القضايا الأدبية، وهذا نص الحوار:

* حققت روايتاك:quot;حكومة الظلquot; وquot;عودة الغائبquot; نسبة مقروئية عالية بالمقارنة بالروايات السعودية التي واكبتها في الصدور، فما مدى استجابة النقاد لهما؟
- لا شك أن رواية حكومة الظل إستطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا منذ صدورها في عام ٢٠٠٦ ولا يزال الإقبال عليها كبيرا إلى اليوم بعد مرور ثلاث سنوات، حتى أنها كانت من أكثر الكتب مبيعا في معرض الكتاب الدولي الأخير بالرياض، و كذلك الحال بالنسبة لرواية عودة الغائب التي صدرت في عام ٢٠٠٨. بل أن بفضل من الله لم يكن هذا النجاح على المستوى المحلي فقط، بل تجاوزه إلى كثير من الأقطار العربية، ولكن بالرغم من هذا ستجد أن من تناول هاتين الروايتين، إما بالتحليل أو عن طريق الكتابة الإنطباعية، هم في الغالب من غير النقاد السعوديين. لا أعتقد بأن هذا الأمر من قبيل المصادفة، أو أنها مسألة تخصني أنا وحدي دونا عن غيري، بل أراه إنعكاسا لضعف الحالة الثقافية في المشهد المحلي بشكل عام بالرغم من الطفرة الروائية التي نشهدها اليوم في السعودية. بل أنه من المؤسف أنك تجد بعض النقاد والمثقفين يهاجمون الإنتاج الثقافي من دون إبداء أسباب منطقية وعلمية قائمة على تحليل منهجي لتلك الأعمال، حتى أنه منذ فترة قريبة صرح أحد هؤلاء النقاد، تعليقا على عدم وصول أية رواية سعودية للقائمة القصيرة أو الطويلة لجائزة بوكر العربية، بأن الرواية السعودية لا تصلح للنشر وغير مؤهلة للترشيح!! لا شك أن مثل هذه التصريحات هي أقرب للأهواء الشخصية منها للرأي النقدي التحليلي، و صدقني عندما أقول لك بأني لن أكون مندهشا إن لم يكن يعلم صاحب ذلك التصريح ما هي الروايات السعودية التي رشحت للجائزة ناهيك عن قراءته لتلك الأعمال.
ولكن بالرغم من هذا فهناك من النقاد والكتاب من تناول أعمالي بالنقد والتحليل من أمثال عبود عطية و عبدالحفيظ الشمري ، و محمد العشري و سلطان الزعابي و غيرهم كثير. كما أن ما يكتبه القراء عبر المنتديات الثقافية لا يقل أهمية عندي حيث أن تلك الكتابات تشكل مقياسا حيا لمدى تجاوب القارئ مع الكاتب، وأنا شخصيا أستفيد كثيرا منها. ولله الحمد فقد حظيت أعمالي على قدر كبير من التغطية عبر الإنترنت، حتي أني لا أبالغ إن قلت بأن نجاح روايتي الأولى حكومة الظل لعب فيه القارئ عبر الإنترنت دور كبير، حتى أنه بعد صدور الرواية بأشهر قليلة كانت تأتيني رسائل من عدد كبير من أشخاص لا أعرفهم من كافة الأقطار العربية تستفسر عن كيفية الحصول على العمل الذي قرأوا عنه عبر الإنترنت.

* لأنك آت من مجال علمي طبي .. كيف هي علاقتك بعالم الأدباء السعوديين هل تشعر بالعزلة أم بالغربة أم بالتضامن؟
تربطني علاقة جيدة مع عدد من الأدباء و المثقفين السعوديين، و لكن لا أخفيك القول بأن هناك شعورا عاما لدى عدد كبير من الأدباء و خاصة الشباب بالعزلة عن مؤسساتنا الثقافية وبعدم الشعور بالتضامن من قبل الأجيال السابقة من الأدباء و النقاد. مع الأسف النوادي الأدبية لا تقوم بدورها كما يجب، وهذا أمر غير مستغرب من أعضاء مجالس إدارة معينين وغير منتخبين، حيث أنهم يدركون بأن بقائهم في مناصبهم هو رهن علاقتهم الجيدة مع المسؤول الذي عينهم و ليس مع المثقفين والأدباء الذين هم من المفترض المعنيين في المقام الأول من قبل النوادي الأدبية. ومن المؤسف حقا أن يكون أعضاء مجالس الغرف التجارية في السعودية منتخبين، في حين أن الحال ليس كذلك بالنسبة للنوادي الأدبية التي من المفترض أنها تمثل النخبة الثقافية للبلاد، والتي تقود حركة التنوير والتطوير والإصلاح. لذلك أنا أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة وعدم التضامن التي يشعر بها جيل كامل من الأدباء السعوديين.
ومن المفارقات العجيبة أنه في السنوات الثلاث الأخيرة أتتني دعوات لأقامة أمسيات ثقافية حول أعمالي من خارج بلادي أكثر مما أتاني من داخلها. وهذا أمر مؤسف حقا، فهل يعقل على سبيل المثال وليس الحصر بأن أتلقى دعوة من قبل أدباء من الإمارات ولا أتلقى ولو مرة واحدة دعوة من النادي الأدبي بالشرقية التي هي أقرب إلي!
وفي المقابل أنظر إلى مدى الحفاوة التي يتلقاها الأديب في دولة مجاورة مثل مصر عندما يبرز له عمل و يحقق نجاحا ما. ألا تتفق معي بأن هناك فرقا كبيرا؟

* في رأيك هل قطعت الرواية السعودية شوطا باتجاه الأعلى أم أنها مازالت تراوح مكانها الاجتماعي المضموني الإيروتيكي أحيانا؟
لا شك أنه في السنوات الأخيرة الرواية السعودية تطورت بشكل جيد و ملموس خارج المضمون الإجتماعي والفضائحي. فهناك أعمال لمؤلفين مثل عبد الوهاب آل مرعي، وسيف الإسلام آل سعود، وعبد الواحد الأنصاري وغيرهم تحاول شق بحار جديدة في الرواية المحلية، و لكن مع الأسف الإعلام لا يسلط الضوء الكافي لمثل هذه الأعمال الجادة، بل كل ما يعنيه الرواية الفضائحية، ولذلك يبدو للقارئ خارج مشهدنا الثقافي وكأن كل ما ينشر من روايات سعودية لا تعدو الرواية الإروتيكية الإجتماعية علي حد تعبيرك. وهذا مثال آخر على ضعف المناخ النقدي والثقافي في المشهد المحلي الذي لا يبرز مثل تلك المحاولات الجادة والجيدة لمؤلفين يستحقون عناية وإهتمام أكثر بكثير مما يتلقونه اليوم.

* من المفارقات الحادثة أن هناك من أصدر رواية واحدة وبدأ يملأ الدنيا ويشغل الناس ، هل هي سطوة الإعلام والنشر أم تشوق الناس لهذا العالم البولوفوني الجديد في الساحة السعودية؟

لا شك أن للإعلام دورا كبيرا في رواج أي عمل روائي، و بعض الروائيين يتعمدون مصادمة فئة من فئات المجتمع و خاصة الفئة المحافظة على أمل أن تستقطب تلك الفئة أقلامها للتنبيه من ذلك العمل فيكون الأثر عكسيا و يقبل القراء علي ذلك العمل من باب الفضول. وهناك أمثلة كثيرة لمثل تلك الروايات التي نالت شهرة ورواج بفضل مثل تلك الضجة المفتعلة، ولكن سرعان ما يخفت بريق تلك الأعمال، و في الغالب هي لا تترك أثرا إيجابيا في نفس القارئ.
أنا شخصيا أؤمن بأن العمل الجيد كفيل بأن يفرض نفسه على الإعلام و هو قادر على صنع الرواج من خلال القارئ الواعي. و هذا ما حدث بالفعل مع رواية حكومة الظل ومن ثم مع رواية عودة الغائب. رواية حكومة الظل عندما صدرت في ٢٠٠٦ لم يهتم بها الإعلام في بادئ الأمر. لم يحم حولها أي ضجة إعلامية مثلما حدث مع روايات أخري صدرت في ذات الفترة. و لكن مع ذلك بدأت مع مرور الوقت تحتل قائمة الكتب الأكثر مبيعا، وكان الرواج قائما على ما تداوله القراء عبر منتديات ومدونات الإنترنت. و بعد أن نفذت الطبعة الأولى بدأ الإعلام يلتفت إلى الرواية ويتساءل عن مؤلفها. اليوم و بعد ثلاثة أعوام لا تزال رواية حكومة الظل هي من أكثر الروايات رواجا في العالم العربي، في حين أن كثيرا من الروايات التي صدرت في ذات العام و نالت ضجة إعلامية مفتعلة، لا يذكرها أحد اليوم. لذلك أنا دائما ما أقول بأن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الرواية التي تحترم عقل القارئ الواعي، والتي تقدم له أسلوبا جديدا وماتعا ممزوجا بفكر و ثقافة، بحيث تجعل علاقة القارئ لا تنتهي معها حتى بعد أن يطوي آخر صفحاتها.

* ما الجديد السردي عند منذر قباني؟
أحضر حاليا لرواية جديدة، أصدقك القول، لا أدري متى ستكون جاهزة للطباعة، لأني لا أزال في المراحل الأولى من العمل. ولكن أعدك وأعد القراء بأنه إن شاء الله ستتوافر المزيد من الأخبار حول عملي الجديد عبر موقعي في الفيسبوك.