عبد الجبار العتابي من بغداد:هذا كتاب مميز واستثنائي وطريف، في طروحاته وطريقة عرضه للوقائع واسلوبه، وفي مادته التي ربما تشبه ادب الرحلات ولكنها تفيض الى ابعد من ذلك، حيت تتخذ لها اتجاهات اخرى تحاول من خلالها اشباع الرغبة الصحفية والثقافية لدى صاحبي المشروع، حيث يرسمان لوحات لكل ما يمران به عبر يومياتهما التي ينطقان من خلالها بتوهجات ذاتية ورؤى يصوغانها بحس ادبي.

الكتاب عنوانه (العراق 360 درجة) وتحته يأتي توضيح عبر عنوان ثانوي هو: (شهادات رحلة من بغداد الى دمشق، انقرة، اسطنبول، القاهرة، بيروت)،كتبه فارس حرام وعبد المحسن صالح، والناشر له مؤسسة فريدريش ايبرت الالمانية، بطباعة انيقة باللغتين العربية والانكليزية، ويتألف من 229 صفحة من الحجم المتوسط، ويتضمن الكتاب مقدمة كتبتها (انيا وللنبرغ)، قالت فيها: يقوم الكاتبان العراقيان فارس حرام وعبد المحسن صالح في ايلول 2005 برحلة تبدأ من مطار بغداد الدولي ليزورا في خلال ثلاثة اشهر كلا من دمشق، استنبول، القاهرو وبيروت، يلتقي الكاتبان في كل محطة منها بفنانين ومثقفين، ويقومان بزيارة المعارض الفنية والامسيات الموسيقية، كما يتعرفان على كتاب وناشرين، لينقلوا من ثم تجربتهما وانطباعاتهما في برنامج اذاعي بعنوان (العراق 360 درجة) جرى بثه على مدى ثلاثة اشهر من قبل اذاعة لبنانية وثلاث اذاعات عراقية على نحو دوري اسبوعي، وكان الى جانب فارس وعبد المحسن فيه مراسلون محليون من البلدان التي شملتها الرحلة يتناولون بالتقارير الاذاعية وضع الفن المعاصر في بلدانهم ) واضافت: ( العراق 360 درجة كتاب من ادب رحلات ومجموعة حوارات دارت في خمس مدن في المنطقة العربية وتركيا ويكاد يجمع بينها التركيز على القضايا العراقية، فكان لمحتويات هذا الكتاب ان تقيم بدورها جسورا بين السياسة والفن وبين السيرة الذاتية والتاريخ وبين الابداع والنقد).

يقع الكتاب في خمسة فصول كتبها الكاتبان بالتناوب وتحاورا معا او على انفراد هي: (دمشق ndash; الجريدة في الزقاق، الكتاب في المنزل)، وتضمن حوارات مع الكاتبة روزا ياسين، وحمل الحوار عنوان (احيانا تكون المرأة اخطر عدو للمرأة) والناشر لؤي حسين بعنوان (الكناب حتى الان ليس ظاهرة في حياة عموم السوريين)، والمخرج السينمائي فجر يعقوب، حمل عنوان (انتصار التلفزيون على الثقافة)، كما اشارا في هذه اليوميات الى صور مختلفة من دمشق حيسن مرا على العديد من الامكنة التي يلتقي فيها مثقفون عراقيون.

والفصل الثاني: (انقرة / اسطنبول ndash; الكتابة من اليمين، الكتابة من الشمال)، وتضمن حوارا مع الشاعر احمد تلي، حمل عنوان (ان الانسان الحر الرافض للافكار التي تروج لها الامبريالية هو مادة شعري الاساسية)، ومع الناقد وجدي سيار، بعنوان (العلاقة الفنية والثقافية لبلدي مع الغرب ومع الشرق متساويتين في الاهمية)، وشهادة للفنان احمد اوجيت: ( كيف لي كفنان ان اضمن بقاء المعلومات المتعلقة بخلفيتي وانتمائي القومي ثانوية مقابل اسمي).

والفصل الثالث: (القاهرة ndash; ارواح، شخوص، ارواح، ارواح)، وتضمن حوارا مع الفنانة امال قناوي: ( هناك هدف ما من وجود واستمرار الفجوة الهائلة بين الفن والجمهور غير المتخصص)، وشهادتين للفنان جورج بهجوري: ( اكتشفت جمال الضحك كفن وطريقة لحياتي) والمدير الثقافي وليامز ويلز: (اصبح لدى الفنانين حماس متزايد للخوض في المواضيع السياسية).

اما الفصل الرابع كان:( بيروت ndash; فيلم واحد، معرض للحذف، مكرر، مخيف )، وتضمن حوارات مع الكاتبة ايمان حميدان يونس: (انا اشعر بان الناس من الداخل لم تتصالح) والشاعر عباس بيضون: (قلب المدينة الذي كان.. لم يعد الان قلبها، وصرنا نبحث عن قلب لبيروت) والفنانين ربيع مروة ولينا صائغ ( اننا ما زلنا نعيش الحرب لكن بشكل مختلف)، بالاضافة الى شهاة للمخرج السينمائي برهان علوية: (خونت من قبل بعض اصدقائي لعدم مشاركتي في هذه الحرب).

اما الفصل الاخير كان عن: (بغداد ndash; بغداد، العودة الى الديار)، فيسرد فيها فارس حرام مشاهداته المكثفة اثناء الحرب، ويتحدث عن ما شاهدته بعد عودته، قبل ان يختتم بالقول ( ولانني تعلمت ايضا ان اجد الامل في كومة من القش، فانني ما زلت اشرح هذا الامل لاسرتي واعلق عليه كلما بدا ذلك ممكنا، واحيانا يتخلل شرح الامل خجلي من الواقع الذي يعكس مرآته امام عينيّ، فاخبرهم ان الخيال هو الحل الوحيد ، ثم اشك ان كنت ساكون واحدا من الناجين مرة اخرى، مقيما في منزلي نفسه الذي نهب قبل ثلاث سنوات ).

كما يضمن الكتاب سيرا ذاتية لكل الشخصيات اجرى الكاتبان معهما الحوارات.