ماء و نار.....

لجأنا إلى كهف..... رياح الخريف لا تُحتمل..... عتمة الجدران أطبقت على صدري......... جلسنا متقابلين... رنوت إليه...... غارقا في سكينته المعهودة.... وكأننا لم نغادر الخلوة بعد....... وددت لو سألته...... فأتتني كلماته :
لا تخف.
انبعثت ضجة..... واندس بعض الضوء......
وهل يملك المرء أن لا يخاف؟
أغمض عيناه قائلاً....
كل ما حولك هو مرآة لما في قلبك.
كيف.....؟
النار خصم للماء.. والماء خصم للنار....فأطفئ نار الخوف بماء الطمأنينة.. أروي قلبك.
كدت أن أسأله كيف... لكنه نظر معاتبا وقال...
أليس بذكره تطمئن القلوب...؟

ماء الحياة....

دخلنا قرية.... فأطعمونا.
..... قضينا ليلنا عند رجل كان رغم كرمه يعاني الفقر والإملاق. قبيل الفجر قمنا وبعد الصلاة رحلنا. رأيته يترك تحت الوسادة كل ما لدينا من مال... سألته:
لست ضد الكرم.. ولكن أتعطيهم كل ما لدينا؟
الجود ماء الحياة. الأنهار لا تشرب مياهها و الأشجار لا تأكل فواكهها. والشجرة تبقى بعد تساقط أوراقها. و العاقل لا ينظر إلى الزيادة والنقصان، لأن كليهما يمضي كما يمضي السيل.


نصيحة.....

قالت العجوز لأبنائها....
لا تتوقفوا عن الأحلام لأنكم كبرتم، فأنت ستكبرون أذا ما توقفتم. الفرق كبير بين أن تنضجوا وأن تكبروا. الكبر يأتيكم دونما اختيار أما النضج فهو من اختياركم.... إذا ما اختلفت قلوبكم فستحتاجون حناجركم وأما إن تألفت..... فلن تحتاج شفاهكم لكلمات....


و أخرى.....

الجوهر لا يكمن في ما قيل بل في المسكوت عنه.


سألوه فقال......

ماذا تفعل لو كنت زعيماً hellip;؟؟
لا أفعل شيئاً hellip;!
لا شيء..!!! ومن يحكم إذنhellip;؟؟
القوانين...... hellip;!!

أمواج.....

اقشعر جسد الموجه وهي تقترب من الشاطئ... كانت في قمة الانتشاء. يداعبها هواء الصبح فترتمي في أحضانه و تواصل رقصها في رشاقة وتألق......وفجأة.. رأت انكسار الموج أمامها على صخرة ضخمة قبيحة اللون.... صاحت بخوف.. يا إلهي.. أهذا مصيرنا؟.... أنموت...!
ما بك أيتها الموجة الصغيرة.. لم كل هذا الذعر والحزن.... أتاها صوت موجة ضخمة كانت تلاحقها.
أنت لا تفهمين.. سننتهي.. سننكسر كلنا على هذا الشاطئ..
آه...أهذا ما يرعبك... كلا.. أنت يا صغيرتي التي لا تفهمين.. ألم تدرك بعد بأننا لسنا بموج... نحن جزء من هذا المحيط.... نحن المحيط.

حكايا الجدات.......
داعبت الجدة شعر حفيدتها قليلا قبل أن تسألها... لم كل هذا الحزن يا بنيتي؟ لماذا؟....
تعبت يا جدتي... قال الحفيدة ببطء و الكلمات تتعبها.....كلما حللت مشكلة صادفت أخرى. هل قدري هو هذا العراك الذي لا ينتهي؟
سحبتها الجدة بحنان من يدها واتجهت بها نحو المطبخ... ملئت ثلاثة أواني بالماء ثم وضعت كل إناء فوق موقد. وسرعان ما بدأت المياه في الغليان.... وضعت جزرة في أول وعاء، وفي الثاني بيضة. أما في الثالث فقد وضعت بعض البن. وبعد دقائق أطفئت النيران ثم أخرجت الجزرة والبيضة ووضعتهما في إناء. وسكبت القهوة في فنجان..... التفتت نحو حفيدتها وقالت...
أخبريني.. ماذا ترين؟
جزر وبيض وقهوة... ردت الحفيدة والدهشة تغمرها. طلبت منها الجدة أن تتحسس الجزرة فلاحظت أنها رخوة ضعيفة. ثم طلبت منها أن تفعل الشيء ذاته مع البيضة. لاحظت الحفيدة صلابة البيضة المسلوقة. طلبت منها الجدة أن تحتسي القهوة، ففعلت وهو تبتسم لمتعة المذاق الجيد.
ماذا يعني كل هذا يا جدتي؟..... قالت الحفيدة وهي تحتسي بانتشاء واضح فنجان القهوة.
كل هذه الأجسام يا بنيتي قد تعرضت لنفس المحنة. كلها أُدخلت في ماء يغلي. فأما الجزرة التي كانت قوية وصلبة فقد تحولت إلى جسم رخو ضعيف. أما البيض الذي كان هشا فقد اشتد عودة وازداد صلابة بعد الغلي. أما البن فقد كان فريدا في ردة فعله. فهو لم يعطينا مذاقا حلوا فحسب وإنما غير لون الماء أيضا. فقولي لي يا فتاتي.. ماذا تريدين أن تكوني؟...
[email protected]