ما يحدُثُ في الخمسِ دقائق
quot;تكاتُ الساعةِ صوتُ العمر وهوَ ينقضيquot;

إن كانَ في حوزةِ الوقتِ
خمسُ دقائِقَ، لن أتلكأ بالصبرِ،
تلكَ الهوادَةُ قد تَلِدُ المستحيل.

من قالَ أن الدقائقَ عاقرَة
لا تؤلِّفُ دهشةً؟
للدقيقةِ ستونَ خطوَةٍ كي تمرَّ،
يُضفنَ لعُمرِ البدايةِ،
تنضبطُ على إيقاعِهنَّ الفرحَةُ،
ويحاذيهنَّ القبر.

لن أتلكأ بالصبرِ..
سأمنحُ تلكَ الهوادة كلّ الهدوءِ
لكي يطمئِنَّ مجيئكِ..
قد ينفَذُ عِطركِ، يشتمُّهُ في الطريقِ
الهواء /
تشربُ النظرات من فيضِكِ
ما تشتهيهِ وما أشتهيه..
وتبقى القرارةُ / تبقى البقيَّةُ منكِ
لتقنعَ هذا الخواء بجدوى
دقائِقِيَ الخمس.

لخمسِ دقائقَ وأنا أتسلقُ،
أجتازُ مع التكَّةِ ما ترسمهُ اللحظة،
أترُكُ وهمًا وأمسِكُ آخَرَ
أتلهّى، الخمسُ دقائِقَ لم تنفذ..
فالساعةُ عرجاءٌ تُشفى فورَ قدومكِ،
ولا حَرَجٌ إن أسنَدَها الصَّبرُ،
وتقاسَمتُ الفقرَ مع الطاوِلةِ
فيما لو كانَ حضوركِ كنزٌ
وغيابُكِ هذي الصحراء.

لن أتلكأ في الصبرِ..
ولن أسمحَ بنفاذِ التبغِ،
الغيمَةُ فوقَ رمالِ القفرِ
دليلُ التائِهِ،
يافِطَةٌ تُمسِكُ في يَدِكَ إلى الغايَةِ.
لن أهمِلَ أو أمهِل أكثَرَ
سأعيدُ الهيبةَ للوقت
وأخرُجُ.

الخمسُ دقائِقَ
لم يبقَ منهنَّ سوى أن أكتبَ فوقَ
الطاوِلةِ لها:
إن جئتِ لهذي الطاوِلةِ الآنَ
التفتي إلى الوقتِ، فإن كان بحوزتِهِ
خمس دقائِقَ
انتظريني.

الفتاةُ التي لم تجد غيرَ الصباح..

الفتاةُ التي لم تجد عند بابِ الطريقِ
المعبَّدِ حافلة
وقفت لدقائقَ أخرى..
بلا رغبةٍ لتتبُّعِ هذا الصباحِ العَجول.
وتحتَ المظلَّةِ؛
على ألواحِ المقعَدِ الممدّدةِ تركت
تاريخَ اليوم ليخمجَ.

جلست لدقائِقَ أخرى..
ركلت حصاة شامِتة وابتسمت
كان طريقُ البيتِ طويلٌ في تلكَ
اللحظةِ..
والشمسُ تنتصبُ على قرنيّ
شيطانٍ شَبِقٍ
فيما تتعذّرُ.. أهوَ كسلها؟
بل السائقُ النشيطُ، والطريقُ غيرُ
مشوِّقةٌ، ولأن ما سوفَ يحدُثُ
مقرونٌ بظهيرَةِ أمس.

تسيرُ بلا اتجاهٍ
منذُ سنين لم تقضِ هذا الوقت خارِجَ
العَملِ،
تستغِلُ كل دقيقةٍ في التفحُّصِ
الدقائِقُ دنانيرها الآن، يغدِقها
أبوها الوقت.
الوقتُ أبوها، والصباحُ بائعُ البهجةِ
الذي كادَ يَنفُقُ..

سارت لدقائِقَ أخرى..
اللجةُ رحلت من تحتِ مظلّةِ السرفيسِ
متناسيةً أكوابَ القهوة.
والشارعُ يتثاءبُ ويعودُ إلى النومِ
قليلا..
ولم ترَ ربّةَ بيتٍ تتثاقلُ فوقَ الشرفةِ
من سَهرِ الأمس.

سارت لدقائقَ أخرى..
الشمسُ عدائيةٌ في الظهيرَةِ،
إسوِرََةُ المعصمِ تلسعها،
ورمادُ الشمسِ الميِّتةِ على جَنبِ
الحائطِ لم يَبرُد.
خفتت خرخشةُ الجيبِ،
وأدركتِ استنفاذِ أبيها/ الوقت،
وأن الفسحةَ ستكتظُ بمن يتقاسمُ معها
البهجَة،
فالتفتت لسماءٍ صافيةٍ وتابعتِ السيرَ
لدقائقَ أخرى.

وفي اليومِ التالي
والتالي
والتالي
كان هنالك شاعِرٌ غيري
يرصدُ موقِف الباصِ
ويكتبُ:
الحافِلةُ التي لم تجد عند بابِ
الطريقِ المعبَّدِ تلكَ الفتاة
انتظرت لدقائقَ أخرى.

[email protected]