محمد عطيف من الرياض:يسجل التاريخ الأدبي الروائي أن الكاتبة quot;طوني موريسونquot; هي من أهم الكاتبات الزنجيات اللواتي نلن جائزة نوبل للأدب في ظل مرحلة صعبة وحرجة من التمييز العنصري الذي عاصرته ولم يقف حجر عثرة في سبيل إبداعها الروائي، وطريقتها المميزة في الكتابة الروائية.
تقول quot;موريسون على لسان بطلها quot; في نيويورك يستطيع الإنسان أن ينجح، لكن النجاح في نيويورك لا يعني الحياة، بل يعني النجاح فقط quot;. وتردف quot; أنا لم أكن أريد أن أنجح، كنت أريد أن أحيا!quot;. وهي ترى بواقعية الحقيقة quot; إذا كنت لا أستطيع أن أغير المستقبل، فإنني قادرة على تغيير الماضي quot;.
تلك الفلسفة الخاصة لم تنطلق منها quot;موريسونquot; لأجل شهرة معينة، بقدر ما كانت تطمح أن تقدم نفسها ومجتمعها من السود بما يستحقونه كبشر لهم نفس الحقوق كما للبيض دون تمييز مقيت. كانت صراحتها تنطلق من كبت مؤلم ففي العام 1986م وقفت quot;موريسونquot; في مؤتمر لجمعية أهل القلم الدولية quot; بن كلوبquot; لتقول quot; لم أشعر مرة في حياتي أنني أمريكية!quot;. كانت ترى أن النقاد الأمريكيين يرون quot;أدب السود كمادة بحث اجتماعيquot;!. وتعتبر ذلك جزءاً من عنصرية كريهة تمارس بذكاء وخبث شديدين.
نالت جائزة quot;بوليترزquot; كبرى الأدبية الأمريكية في عام 1986م عن كتاباتها الروائية التي كان أغلبها حول العنصرية ضد الزنوج وتحدي الأخيرين لها بكافة السبل الممكنة. وتجلى ذلك في قمته في روايتها quot;جازquot; حيث شبه أسلوبها بأنه الأقرب لأسلوب موسيقى الجاز التي ينسب ابتكارها لسود أمريكا.
عن نشأتها تتحدث موريسون quot; أنا من مواليد كليفلاند، وجذوري تعود إلى الجنوب. هرب أهلي من الرق، وكان الصراع بين التكيف مع الواقع الأبيض والحفاظ على الهوية السوداء هاجسي الدائم. وفي السبعينات بلغ الذروة فلم أجد أبلغ من تدوين هذا الإيقاع الموسيقي الذي يهزني نحو الأصول السوداء، فجاءت روايتي أشبه بلوحة شعرية سوداء quot;.
كانت أول أعمالها رواية quot; العين الأشد زرقة quot; عام 1970م، واعتبرتها مغامرة، ولكن الانطباعات التي وصلتها كانت مشجعة أكثر مما كانت محبطة، لتأتي روايتها quot;نشيد سليمانquot; عام 1977م لتفرضها على quot;جائزة النقادquot;. حيث اعتبروها وصلت للأفكار الناضجة، والأسلوب المميز. بعدها أصدرت رواية quot;طفل القطرانquot; 1981م، ونهجت نفس الأسلوب عن مشكلة العنصرية. وفي روايتها الخامسة quot;بيلافدquot; 1987م تصل quot;طوني موريسونquot; قمة الشهرة وتنتشر الترجمات لرواياتها. وعندما فازت بجائزة نوبل للآداب لم تستطع أن تخفي أنها حققت نجاحاً كبيراً بالرغم من ظهور المشككين في نزاهة الجائزة لها حتى أن بعضهم من أبناء جلدتها من السود. لكنها ردت على ذلك أن مجرد شخصين أسودين شككا في ذلك فأحدهما قال أنه تم تحريف كلامه فيما اعتبرت الأخر quot;متطفلاً على الثقافة quot;.
في كل الأحوال تحتل quot;طوني موريسونquot; مكانة راقية بين الكاتبات في أمريكا. قال عنها الناقد جون ليونار الشهير في صحيفة (نيويورك تايمز) لا أحد كان يتجرأ ويعالج هذا الموضوع بعد الرواية الشهيرة التي وضعها quot;الكس هاليquot; بعنوان quot;جذورquot; لولا أن quot;طوني موريسونquot; كانت واثقة أنها في معالجة جديدة لهذا الموضوع الذي يتعلق بنبش جذور العبودية، فهي لا تهتم بسرد الأحداث بل تجاوزتها إلى الأهم، إلى الإبداع الأدبي لذلك لا يجد احد أنه في فضول ليقرأ كتاب quot;الكس هاليquot; مرتين ولكن الكثيرين سيعيدون قراءة quot; نشيد سليمانquot; كما الذين يعيدون قراءة quot; نشيد الإنشادquot; الذي ألف سليمان قبل ثلاثة آلاف سنة quot;.
فيما ورد في بيان فوزها بجائزة نوبل quot; هي تعمل لتحرير اللغة من لجام العنصرية quot;.
وتظل موريسون تسجل تاريخاً صعباً بكتابة غير تقليدية، تتبنى قضية كبيرة في عالم لم يكن يؤمن بغيرquot; البيضquot;، وسيطرة الرق، وتغييب مكانة الإنسان الحقيقية، لتسجل نفسها مرجعاً يكاد يكون تاريخياً قبل أن يأتي إبداعاً أدبياً عالمياً.