إعداد عبدالإله مجيد: يُفتتح في تشرين الأول/اكتوبر معرض جديد من المتوقع ان ينسف سمعة الشاعر تي. اس. اليوت بوصفه من شعراء القرن الماضي المعروفين بثقل الدم والتقشف في العلاقات أو الكلام. فالمعرض يقدِّم اليوت في ضوء جديد بوصفه مدافعا عن الأدب السحاقي وأبا حنونا يحتضن الكتاب الناشئين والذين ما زالوا يتلمسون طريقهم في حرفة الأدب.
تكشف رسائل كتبها اليوت حين كان ناشرا في دار فيبر اند فيبر، لأول مرة، انه كافح مجازفا باستنزال غضب السلطات البريطانية عليه من أجل نشر quot;نايتوودquot; Nightwood، التي كانت من أوائل الرويات السحاقية على الاطلاق في حينها. وتبين مراسلات لم تُنشر في المعرض الذي تقيمه المكتبة البريطانية ان اليوت كان يعتقد ان رواية quot;نايتوودquot; التي كتبتها جونا بارنز كانت quot;آخر انجاز كبير يتحقق في زمنناquot;.
كما ان مقتطفات من يوميات الشاعر تيد هيوز تعود الى عقد الستينات تشير الى اليوت على انه quot;شيخ المعلمينquot; واصفة الشاعر في سنواته الأخيرة بالشخصية quot;الأبويةquot;. ومن بين المواد التي تقدمها المكتبة البريطانية لزوار المعرض رسائل بعث بها اليوت الى طفل في الثالثة من العمر كان الشاعر عرابه، ونصوص يصف فيها دوره كرجل اطفاء عندما كانت الطائرات الالمانية تقصف لندن بلا هوادة، وقصص عن معاناته خلال الحرب بسبب شحة الورق والحبر. وكلها معروضات ترسم صورة جديدة تماما يظهر فيها الوجه الآخر للشاعر بوصفه انسانا رحيما عطوفا.
وتنقل صحيفة quot;ذي اندبندنت اون صنديquot; عن امينة المخطوطات الأدبية الحديثة في المكتبة البريطانية رايتشل فوس قولها ان الانطباع الشائع عن اليوت يتصوره كاتبا قاسيا جهما ارتبط اسمه بقصيدة quot;ارض اليبابquot; ولكن المعرض يبين quot;ان له جانبا آخر وانه كان دافئا وكريما للغاية في علاقاته وكان الآخرون يردون على هذه العواطف بمثلهاquot;.
وقف اليوت الى جانب رواية quot;نايتوودquot; التي تدور احداثها في عشرينات القرن الماضي مصوِّرة العلاقة العاصفة بين بطلتي الرواية رغم رفض الناشرين الآخرين لها بدعوى كونها رواية quot;ماجنةquot;. كان اليوت من المعجبين بكتابات مؤلفة الرواية بارنز حتى انه أقر بالصعوبة التي لاقاها في تقليد اسلوبها بعد قراءة أعمالها.
بغية الالتفاف على قوانين الرقابة الصارمة في زمنه عمد اليوت الى تغيير عدد من اشارات الرواية الى السحاق فضلا عن تلميحات أخرى الى الدين. ورغم ذلك اعترف اليوت الى جيفري فيبر مؤسس دار النشر التي حملت اسمه بأنه يرى نفسه حَكَما لا يُعتد برأيه حين يتعلق الأمر بقضايا الرقابة. وكتب اليوت في رسالة الى فيبر عام 1936: quot;يصدمني دائما ما لا يصدم الآخرين ولا يصدمني ما يصدمهمquot;.
تكشف مقاطع تُعرض لأول مرة من يوميات هيوز اعجابه في شبابه باليوت. كان هيوز في بداية حياته الأدبية عندما كتب هذه الصفحات من يومياته. وكتب أحد المقاطع في اليوم التالي على وفاة اليوت في نيسان/ابريل عام 1965. وهو يبين الأثر البالغ الذي تركه رحيل اليوت في نفس تلميذه هيوز وقتذاك. قال هيوز في هذه الصفحة من يومياته، كما نقلت صحيفة ذي اندبندنت اون صندي quot;ان تي. أس. اليوت توفي يوم أمس، مثل ضربة على الرأس اعقبها صداع ثقيل بآثاره. شبكتُ اليوت في افكاري بوصفه شيخ المعلمين وكنتُ أحلم به بكل نقاء وصفاء. لكن هذا ستكون له تبعاته عليَّ. شعرتُ دفعة واحدة كمن كنسته الريح وكمن نال الأمان. وأدركتُ في الوقت نفسه ان كل شيء سيكون مختلفا. كان في ذهني دائما كالشخصية الأبوية....وكونه ناشري حسم بكل بساطة ابوته هذه. كم من المرات فكرت في الذهاب كي أطلب مباركتهquot;.