إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي لا زالت تحظى فيه مساعي وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، للوصول إلى رئاسة منظمة اليونسكو بحالة كبيرة من الجدل وسط حالة من الاهتمام الإعلامي الكبير، على الصعيدين المحلي والعالمي، بدأ يدور الحديث الآن - ومع بدء العد التنازلي لعملية الاقتراع - حول حقيقة حظوظ حسني الحالية من واقع الدعم الذي قد يجده من كبريات دول العالم. وفي هذا الإطار، تنشر اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية تحقيقا ً موسعا ً عن استمرار تداعيات الأجواء الجدلية التي تحيط بالوزير المصري الآن، بسبب تك التصريحات المثيرة للجدل التي سبق وأن أدلى بها بحق اليهود والإسرائيليين.
بداية ً، تشير الصحيفة إلى أن أجواء المناورات الانتخابية الخاصة برئاسة المنظمة قد بدأت ساخنة هذا الأسبوع، حيث بدأت تُلقي تلك الاتهامات التي أنكر فيها البعض على حسني قدرته على شغل هذا المنصب بظلالها على حظوظه للظفر بالعراك الانتخابي شديد السخونة، خاصة ً في ظل ما يواجهه من اتهامات تتحدث عن أنه يكن مشاعر كراهية دءوبة تجاه إسرائيل وأنه لطالما لعب دورا ً بارزا ً في بيروقراطية المراقبة المُحبِطة في مصر. كما أكدت الصحيفة على أن قضية ترشح حسني وما نتج عنها من حملات معارضة ضارية قد تسببت في إثارة جولة أخرى من الغيبة (بحق حسني) في تلك المنظمة الدولية التي تم تأسيسها في عام 1945 لترويج السلام عن طريق التبادل الثقافي، والتي تكدرت بها الأجواء أيضا ً لعدة سنوات نتيجة لسوء الإدارة، ونسج المؤامرات، ونشوب سلسلة من الخلافات بين الشمال والجنوب.
وفي الوقت الذي أكدت فيه الصحيفة على أنّ الأجواء الجدلية التي أحاطت بقضية ترشح حسني لرئاسة المنظمة قد أدت لوضع الولايات المتحدة وباقي حلفاء مصر الغربيين في وضعية غير مريحة، وبينما رفضت الخارجية الأميركية الخوض في إذا ما كانت الإدارة الأميركية تدعم أو تعارض حسني، كشفت الصحيفة نقلا ً عن مسؤول بارز من داخل الإدارة الأميركية في واشنطن - دون أن تكشف عن هويته ndash; تأكيده على أن واشنطن لن يكون بإمكانها دعم حسني، قائلا ً :quot; ليس أمامنا من طريقة تمكننا من دعم هذا الرجل. وقد فعلنا كل ما بوسعنا في سبيل إقناع المصريين بدعم مرشح آخرquot;. كما قال الناطق باسم الخارجية الأميركية إنّ عملية الاقتراع ستكون سرية، وأنّ المدير العام الجديد ينبغي أن يكون لديه quot;التزام واضح بمبادئ اليونسكو الأساسيةquot;.
وتمضي الصحيفة بعد ذلك لتشير إلى ذلك البيان المشترك الذي أصدره كل من الفيلسوف الفرنسي بيرنارد هنري ليفي، والمخرج الفرنسي كلود لانزمان، والكاتب الحائز على جائزة نوبل في السلام والناجي من الهولوكوست إيلي ويزيل، والذي قالوا فيه إن انتخاب حسني سيتسبب في quot;إغراقquot; اليونسكو الذي يعاني في الأساس من اضطرابات، وطالبوا كذلك المنظمة quot;بتجنب وصم نفسها بالعارquot; بعدم اختيار حسني مديراً جديدا ً لها، وذلك ردا ً على الزوبعة التي أثارها حسني خلال شهر مايو / أيار من العام الماضي عندما أعلن في مشادة كلامية مع بعض النواب بمجلس الشعب أنه سيقوم بنفسه بحرق أي كتب إسرائيلية يتم العثور عليها في المكتبات المصرية. كما قال المثقفون الثلاثة في بيانهم :quot; فاروق حسني نموذج معاكس لرجل السلام، والحوار، والثقافةquot;، واتهموه بأنه quot;رجل خطيرquot; وquot;محرض للقلوب والعقولquot;.
وتابعت الصحيفة حديثها بالإشارة إلى تلك الحملة التي شنها مركز quot;سيمون فيزنتالquot;، إحدى الجماعات اليهودية الدولية التي تعني بملاحقة النازيين السابقين، ضد الوزير المصري. وهي الحملة التي أكد من خلالها على أن احتمالية انتخاب حسني مديرا ً للمنظمة تُشكل تهديدا ً كبيرا ً على القيم الأساسية لليونسكو. ونوهت الصحيفة أيضا ً لذلك الهجوم الذي شنته منظمة مراسلون بلا حدود، التي تتخذ من باريس مقرا ً لها، حيث قالت إن حسني فشل في إظهار تأييده لقضية حرية التعبير، التي تُعد واحدة من المهام الرئيسية لليونسكو.
وبعد أن تحدثت الصحيفة عن الموقف الأميركي (المعلن وغير المعلن) من القضية، أشارت في الوقت ذاته إلى أن فرنسا ndash; التي تُعوِّل كثيراً على الرئيس حسني مبارك للمضى قدماً بمشروع تأسيس إتحاد خاص بدول البحر الأبيض المتوسط ndash; قد آثرت التزام الحيادية نظرا ً لوجود مقر المنظمة بالعاصمة، باريس. وأبرزت الصحيفة أيضا ً تراجع إسرائيل عن هجومها الذي شنته على مدار الأشهر الماضية ضد ترشح حسني، وذلك في أعقاب الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقاهرة في مايو/ أيار الماضي، حيث كان يسعى للحصول على تعاون مصري بشأن جهود منع تهريب الأسلحة إلى داخل قطاع غزة وغيرها من الأمور الهامة للدولة اليهودية.
وفي محور آخر هام، تبرز الصحيفة أيضا ً ما كشفه الوزير المصري نفسه خلال مقابلة له مع صحافيين مصريين قبيل مغادرته إلى باريس الأسبوع الماضي عن أن السفير الأميركي الجديد لدى اليونسكو quot; دافيد كيليونquot; يعمل بكل قوته في الخفاء الآن في سبيل تقويض دعمه للوصول إلى اليونسكو. وبحسب روايات صحافية تحدثت عن تلك المقابلة، فقد عزا حسني سبب تحمس كيليون ضده إلى حقيقة كونه يهوديا.ً غير أن الصحيفة قالت إن تلك المعلومة لم تكن دقيقة من جانب الوزير المصري، وأشارت إلى أن معارف كيليون نفوا ذلك، وأكدوا أنه كان يعمل فقط مع النائب الديمقراطي الراحل توم لانتوس، الذي كان يُعد واحدا ً من أشد المتحمسين لنهوض إسرائيل.