سهى شامية: تتميز رواية quot;سبعة اوديةquot; للروائي الفلسطيني عبد الحميد عبود (دار الغاوون) بثلاثة اشياء:
اولا، جرأتها الكبيرة في تناول المحظور بأقانيمه الثلاثه: الدين والجنس والسياسة، ولكن بعمق فلسفي.
ثانيا، اللغة المروسة الحادة التي استطاعت بمهارة عالية نقل هذا العمق الفلسفي.
ثالثا، الفوران السردي الذي يضع الرواية على خيط مشدود بقوة روائي يعرف ادواته.
تتناول الرواية الشخصية العربية المشرذمة من خلال شخصيات عديدة ابرزها ثلاث شخصيات تمحورت الرواية حولها وهي: حاتم العراقي وعصري السوري وسرحان المصري. ولكل من هذه الشخصيات عُقدة تدور حولها ازمة ذاته (فالعراقي يلخص ازمة الذات العراقية والمصري كذلك والسوري..وكذلك بقية الشخصيات المغربية والجزائية والخليجية) اضافة الى المشتركات الاخرى التي تجمع بينهم: الكبت الجنسي ، الانتهازية، الاحتيال... والحلم بالهجرة الى اوربا.
تدور احداث الرواية في فصولها الاولى في عيادة تقع في تمبكتو، هي عيادة نصب لا عيادة طب يمارس فيها العراقي شعوذاته على الطوارق البسطاء، وكذلك يحتال فيها السوري quot;طبيبquot; الاسنان على زبائنه، اما المصري فيعمل مدرّسا في مدرسة ليبية يعاني فيها الامرين، فهو من جهة شاعر لم يجد فرصته بعد ليعيش موهبته وهو من جهة اخرى ملحد مضطر لممارسة تقيته في مجتمع مليء بالخرافات والاولياء.
تستغل سائحتان اوروبيتان مطامع العراقي للرحيل الى اوربا فتمارسان عليه السادية الجنسية في الصحراء، وتقريبا تقومان باغتصابه..قبل ان تتركاه للبحث عن ضحية اخرى.
ولا يكف الثلاثة المحتالون عن ان يكونوا ضحايا وجلادين في نفس الوقت..فها هو الطاهر احد الطوارق يقوم بخداعهم من خلال اخذ مالهم مقابل ايصالهم الى المغرب كي يتم تهريبهم الى اوربا..فاذا به يأخذهم الى مضارب عشيرته لاصلاح اسنان ابناء العشيرة ومداواتهم بالاحجبة والادعية والشعوذات.
وهناك تبدا المتاهة في الصحراء الكبرى..حيث يلاقي كل منهم المصير الذي يلائم شخصيته..واكتفي بهذا القدر كي لا افسد على القارئ متعة اكتشاف المفاجآت والمفارقات التي تنتظر هؤلاء الثلاثة في متاهة صحراوية ووجودية ايضا.
حين قرأت quot;سبعة أوديةquot; مؤخرا تعجبت من التعتيم الاعلامي الكامل الذي لقيته مثل هذه الرواية الكبيرة والتي هي افضل من رف كامل من الروايات الجديدة التي رشقتنا بها الصحافة الثقافية العربية والتي على ما يبدو لا تقل تأزماً عن الذات العربية التي حاولت هذه الرواية سبر اغوارها.
- آخر تحديث :
التعليقات