لم أعد أتذكّر كم استغرقتُ في التنّومة
حيث زرتها ذلك الصيف،
لأني كنتُ مستغرقاً في النوم طوال الوقت.
فحيثُ عبرنا شط العرب؛ على جسره العائم كأفعى ميتة
بدا وكأننا في عالم آخر، يبدو الهواء فيه شبه ماء
ولست أدري أكان جسمي ينضح عرقاً،
أم انّ الرطوبة هي التي تحاول غسل ما علق بي من عالمي الماضي
عجبت كيف يقف هؤلاء الباعة دون أن يناموا في دكاكينهم!
وتخيلتُ المدينة؛ التي كانت يوماً ما مدينة،
تخيّلتُ أهلها ينامون على الأرصفة،
والسائقين وقد صفوُا سيارات الأجرة بركابها الغارقين في ثيابهم،
وضعوا خاولياتهم المبللة على رؤوسهم، وعلا شخيرهم
الجو في التنومة دبق، ..
يثير رغبة ملحة في ممارسة الجنس
لكنك لا تلبث أن تغط في نوم عميق!
الهواء اللزج يقفل عيني بسائل مالح
فأنام ...
الأطفال وحدهم مشاغبون
ـ لهم طاقة لا يقدر عليها إلا النوم ـ بعثروا نعاسي
رائحة سمك quot;الصبورquot; المشوي والبصل الأخضر تحدد وقتاً مبكراً للغداء
حاولتُ فتح عيني، فوقعتا على فتحة البابِ
المطلةِ على رايات عاشوراء ترفرف نعسى خلف سدرة ملأى بالعصافير الخاملة
لم أعد أتذكر إن كنا نأكل ونحن نيام، ..
لأنني فقدت حساب عدد القيلولات التي نمتها
ومع أنني الآن لا أميز الصور التي ُرسمت في مخيلتي
بين ما رأيتُه وأنا نائم، وما قد رأيته وأنا نائمٌ،
أرى أن نعتها بالتنومة لم يأتِ إلا في حالة مشابهة لما رأيته

البصرة: 25 نيسان 2010

* التنومة هي القسم الشرقي من مدينة البصرة، حيث يفصلها شط العرب عن مركز مدينة العشار والأحياء الأخرى على الجانب الغربي من النهر، كانت حتى الثمانينات من القرن الماضي مركز استقطاب سياحي وترفيهي وثقافي حيث حرم جامعة البصرة التي تم الاستغناء عنها وهدم مبانيها وتحويل كل الكليات إلى منطقتي باب الزبير، وكرمة علي.