اتحاد الادباء في العراق سيعود الى عضوية الادباء العرب

عبدالجبار العتابي من بغداد:اكد رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق فاضل ثامر ان عودة الاتحاد الى احضان الاتحاد العربي اصبحت وشيكة بعد سبع سنوات من القطيعة والجفاء، مشيرا الى ان الادباء العراقيين يتطلعون الى الاجتماع الذي يعقد الشهر المقبل في القاهرة ليشكل علامة العودة لاسيما مع التفاؤل الذي ابداه الامين العام لاتحاد الادباء العرب، كما أشار فاضل ثامر في حوار مع (ايلاف)، هو الاول له بعد انتخابات الاتحاد الاخيرة، الى عدم وجود اي دعم حكومي للاتحاد ولا ميزانية خاصة به، معللا ذلك لوجود اجندات سرية معادية للثقافة والى وجود لون من فوبيا الثقافة لدى بعض المسؤولين الذين يعتقدون خطأ بأن الثقافة او بعض مفاصلها تتعارض مع الثوابت الاخلاقية والدينية، كما أكد سوء العلاقة ما بين الاتحاد ووزارة الثقافة بسبب استئثار بعض المسؤولين في الوزارة بالعمل الثقافي والقرار الثقافي وتجنب الدخول في شراكة مع الادباء، موضحا ان الاتحاد ليس شيوعيا كما يتهمه العض بل انه يمثل جميع الاتجاهات.

* ما أخر اخبار العلاقة بينكم وبين اتحاد الادباء العرب؟
- اتصلت قبل ايام بالاستاذ محمد سلماوي الامين العام لاتحاد الادباء والكتاب العرب واعلن انه سيقدم طلبا الى اجتماع المكتب الدائم لاتحاد الكتاب العرب المقرر انعقاده في مطلع شهر حزيران / يونيو المقبل لاعادة النظر في عضوية اتحاد الادباء في العراق المعلقة وذلك في ضوء نتائج الانتخابات الاخيرة التي اجراها الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق واسفرت عن انتخاب قيادة جديدة، نشرت هذه المعلومات ونشرت في بريد الكتروني خاص للاستاذ سلماوي الذي اعلن استلامه لهذه الوثائق وايضا طلب ارسال كتاب اخر يتضمن طلبا رسميا من اتحاد الادباء لاعادة عضويته، وكنت قد عرضت عليه في المكالمة الهاتفية امكانية السماح لوفد من اتحادنا لحضور اجتماعات المكتب الدائم في القاهرة وقال بأنه سيعرض هذا الامر على المكتب الدائم ورجا ان يكون الوفد مقتصرا على شخصين فقط، وانا متفائل في هذه المرة حقيقة من جدية تحرك الاستاذ سلماوي والاخوان في المكتب الدائم وخاصة بعد ما لمست من جدية هذا الامر في لقاء سابق جمعني بالاستاذ سلماوي وعدد من اعضاء المكتب الدائم من هم الاستاذ حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب في سورية والاستاذ الشاعر يوسف شقرة رئيس اتحاد كتاب الجزائر الذي وعد ببذل الجهود الاستثنائية من اجل اعادة عضوية اتحاد الادباء في العراق الى موقعه الطبيعي في الاتحاد العام للادباء العرب، فلهذا نحن نتطلع الى الاجتماع المقبل الذي نتوقع ان يعلن عن اعادة عضوية اتحادنا ونحن نتخذ الان الاجراءات الكاملة ونتهيأ اذا ما استلمنا اي اشارة للتوجه الى القاهرة لهذا الشيء، ومقدما نحيي زملاءنا في الامانة العامة لاتحاد الكتاب العرب راجين ان نسمع البشرى قريبا.

* هل للتطورات السياسية الاخيرة في العراق في عودة العلاقات الجيدة؟
- هناك عوامل داخلية وخارجية، الداخلية تتعلق اولا بانجاز باجراء الانتخابات العامة التي كانت انتخابات نظامية وشرعية، هذا جانب والجانب الاخر بالتأكيد تحسن الوضع السياسي واتضاح الصورة لدى الاشقاء العرب عن طبيعة النظام السياسي والاجتماعي في العراق، وفي الوقت ذاته لنقل زوال الكثير من الصور السلبية الخاطئة عن المشهد العراقي والتي ساقها اعلام، مع المؤسف، مضلل وغير موضوعي وغير نزيه، من جانب اخر انا اعتقد ان تماسك الادباء العراقيين في الداخل والخارج ورفضهم اقامة اي مركز انشقاقي معادي او مضاد او معارض لاتحاد الادباء في العراق / المركز العام في بغداد هو من العوامل الاساسية التي اقنعت الزملاء الاخوان في الامانة العامة بمشروعية هذا الطلب الذي يجب ان يحضى باجماع اعضاء المكتب الدائم والمؤتمر المقبل للكتاب العرب.

* الدورة الجديدة لاتحادكم ما الجديد فيها وهل وضعتم الاصبع على جروح الاخطاء؟
- في الواقع اتحاد الادباء في هذه الدورة له شرف ان يكون قد اضاف مجموعة من الاسماء الجديدة التي لم تكن قد صعدت في السابق منها على سبيل المثال الاستاذ ياسين النصير واحمد عبد الحسين وعمر السراي والسيدة الروائية عالية طالب والشاعر احمد عبد السادة اضافة الى وجود ممثل الكتاب السريان هيثم بهنام بردى، وهناك توزيع جديد للمهام، يعني هنالك رغبة وجدية لدى جميع اعضاء المجلس المركزي للتعاون والتفاعل بشكل افضل من اجل الارتقاء بمستوى عمل الاتحاد لتلافي الكثير من نقاط الضعف والاخطاء والنواقص التي شابت عمل المرحلة السابقة التي انجزت الكثير ولكن سجلت الكثير من السلبيات ضدها، هنالك رغبة في الارتفاع بمستوى عمل اتحاد الادباء في المحافظات لاننا نعتقد ان اتحاداتنا في المحافظات بحاجة الى رعاية خاصة، هنالك خطة مستقبلية لتطوير العمل الثقافي بشكل افضل وهنالك مشروعات لاعادة العلاقات الثقافية مع اتحادات الكتاب العرب وكذلك مع عدد من اتحادات الادباء الصديقة التي كانت تربطنا فيها روابط طيبة، لكن كل هذه الاحلام والمشاريع تحتاج الى دعم حقيقي من لدن الدولة ومن مجلس النواب لاننا وللاسف خلال السنوات السبع الماضية لم نجد رعاية حقيقية ولا تفهما من لدن الهيئات الاساسية في الدولة العراقية من مجلس النواب الى مجلس الوزراء الى رئاسة الجمهورية لاهمية الفعل الثقافي ولهذا ظل هذا الفعل الثقافي مهمشا ويبدو ان السبب هو الانشغال بالملفات الساخنة، وفي الوقت ذاته لوجود اجندات سرية معادية للثقافة تخشى الثقافة، هنالك لون من فوبيا الثقافة لدى بعض المسؤولين الذين يعتقدون خطأ بأن الثقافة او بعض مفاصلها تتعارض مع الثوابت الاخلاقية والدينية والشرعية وهذا رأي خاطيء لا يمكن ان يجد له سندا في المفاهيم السمحاء للدين الاسلامي الذي كان دائما يحتضن الاداب والفنون والثقافة بجميع الوانها وينفتح على ثقافة الاخر والفترات المزدهرة للثقافة العربية والعراقية في التاريخ القديم والوسيط تؤكد هذا الشيء، ولهذا نحن نتطلع الى انه تشهد المرحلة المقبلة دعما حقيقيا من لدن جميع الجهات والاحزاب والقوائم الانتخابية التي سبق لها ان قدمت مجموعة من الوعود السخية لاحتضان الثقافة ورعايتها، وفي المرحلة المقبلة لانطلب منها اكثر من الالتزام بما وعدت به وان تحقق هذه الوعود الى مشاريع عملية ملموسة وليست الى مجرد اقوال وكلمات تبقى مجرد حبر اسود قد تغسله اية زخة مطر عابرة.

* شهدت الدورة السابقة تأزما في العلاقة بين الاتحاد ووزارة الثقافة، الى اين وصلت العلاقة الان؟
- لسنا مسؤولين عن تدهور العلاقات بيننا وبين الوزارة في بعض المراحل، نحن دائما نؤمن بأهمية الشركة بين اتحاد الادباء وبين العمل الذي تؤديه وزارة الثقافة بمختلف دوائرها، ليست لدينا اشتراطات، لا نريد ان نحل محل الوزارة ولا نريد ان نتطاول عليها، نؤمن بالشراكة لكن بعض الاخوان في الوزارة احيانا اما يحاول تحجيم عمل الاتحاد او اقصاء عمل الاتحاد او التملص من الالتزامات، اضرب لك مثلا: في مرة سابقة احد وكلاء الوزارة نظم مهرجان المربد بدون مشاركة الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق فأضطررنا الى المقاطعة، الاسوأ من ذلك اننا وجدنا وزارة الثقافة قد اتخذت قرارا اخطر هذا العام اولا بقطع صلتها بمهرجان المربد والزعم ان هذا المهرجان يفضل ان يظل مهرجانا بصريا حسب رغبة الادباء البصريين كما تقول وهذا زعم في الحقيقة فيه الكثير من عدم الدقة، مثل هذا القرار كان ينبغي له ان يدري قبل ان يوضع موضع التطبيق لانه يكشف عن نية الوزارة للانفراد في العمل الثقافي بعيدا عن المثقفين والفنانين والمبدعين ولدينا دلائل كثيرة منها على سبيل المثال ان الدورة الاخيرة لمهرجان المتنبي الذي اقيمت في محافظة واسط في الخامس من شهر ايار / مايو شهدت انسحاب وزارة الثقافة من العمل التنظيمي والاداري والاقتصار على تقديم دعم مادي قدره سبعة ملايين دينار عراقي وحضور السيد وكيل الوزارة الاستاذ فوزي الاتروشي لالقاء كلمة ليس الا، وهذا لا يكفي، انا اعتقد ان الكثير من العلامات الثقافية، الدورات والمهرجانات والانشطة التي كانت اساسا قد اسستها وزارة الثقافة في مراحل مختلفة هي حق طبيعي للوزارة وان تمارس عملها من خلال المشاركة والتعاون مع الادباء العراقيين، ربما بعض المسؤولين في الوزارة يفضلون الاستئثار بالعمل الثقافي والقرار الثقافي وتجنب الدخول في شراكة مع الادباء ربما لان الادباء العراقيين بطبيعتهم مشاكسين ومتمردين ولا يعجبهم العجب، وهذه حقيقة، فالمجتمع الديمقراطي في كل بلدان العالم يكون فيه المواطن مشاكسا ومطالبا ومشككا الى اخره، وطبعا بسبب الخصوصية للمثقف العراقي نجد ان من حقه ان يكون كذلك ويجب التفاعل مع هذا الواقع وليس الهرب منه، لان هذا الهرب لا يقود الى لون من الاستقلالية بل الى لون من الدكتاتورية والتعسف، على سبيل المثال ان معظم الايفادات التي قدمتها الوزارة في السنوات الاخيرة ومنها ما تسمى الاسابيع الثقافية او الوفود الثقافية كانت حكرا على موظفي الوزارة، موظفيها الكبار والصغار ومنها مدراء المكاتب وحتى الحمايات وكان يبعد عنها الادباء بينما نعتقد انه يجب ان تكون هنالك نسبة معينة لمشاركة الادباء الذين هم يمثلون الثقافة العراقية اضافة الى تمثيل الفنانين العراقيين بطريقة عادلة ومعقولة، نخشى ذلك لان الوزارة تعد العدة الان لاطلاق مهرجان جديدة هو مهرجان بغداد الثقافي التي تريد له كما يبدو ان يحل محل مهرجان المربد حيث ستنفرد الوزارة وتدعو من تدعو وتبعد من تبعد لانها لاتمتلك الالية التي تمكنها من الوصول الى الجميع، هذه الالية نحن نعترض عليها، ندعو مرة اخرى الى اعتماد مبدأ الشراكة الثقافية، مبدأ المسؤولية ومبدأ الايمان بالدور الكبير الذي من الممكن ان ننهض به معا، لبناء حياة ثقافية وحراك ثقافي ممكن ان يؤثر على مستقبل الاجيال ويمكن له ان يقدم صورة ناصعة عن العراق الجديد، العراق الديمقراطي التعددي الذي يرفض كل اشكال العنف وكل اشكال التمييز الطائفي والقومي والسياسي.

* لماذا يتهم البعض الاتحاد دائما انه كتلة من الشيوعيين؟
- هذا حكم جائر وغير موضوعي، اولا ان الاتحاد غير معيّن، الاتحاد يعتمد على اراء الناخبين الذين صوتوا بحرية مطلقة وامام الكاميرات وامام الجميع، عبروا عن وجهات نظرهم، الاتحاد يضم مجموعة مختلفة تمثل اتجاهات كبيرة، فيهم بالتأكيد كتاب يساريون وليبراليون وديمقراطيون واسلاميون ومستقلون وكلهم تقريبا كتاب مبدعون ومميزون، اما اذا ما وجد عدد من الكتاب الشيوعيون ضمن الاتحاد، لا اعرف لماذا هذا الحكم؟، هل يوجد تابو او رفض شيوعيين او يساريين في الاتحاد.، لا اعرف.. اذا كان القانون لا يحاول ان يضع هذه التابوات، فالنشاط الوطني والسياسي والمهني متاح امام جميع القوى السياسية التي تؤمن بالعملية السياسية والتي تناهض الاحتلال وتناهض الطائفية والعنف والارهاب.

* كيف ترى الواقع الادبي والثقافي في العراق الان والسنوات الاخيرة الماضية؟
- هذا سؤال في غاية التعقيد يا صديقي العزيز، ذلك ان الوضع الثقافي لم تتضح صورته بشكل واضح، ذلك ان صدمة التغيير التي حدثت عام 2003 وكذلك دخول قوات الاحتلال صعود الصراع الطائفي الذي ادى الى خلق ازمة داخلية لدى المبدع العراقي الذي لم يستطع تجاوز هذه المرحلة بشكل واسع وظل مترددا وظلت الكوابيس التي كان يعيشها في ظل النظام السابق تتواصل ولكن تحت لافتات جديدة، مع ذلك استطاع المبدع العراقي ان ينجز بعض الاعمال في مجال الشعر والقصة والرواية والنقد الادبي لكنها محدودة، وأهم من ذلك لم يستطع الى حد الان ان يؤشر لنا عن وجود ملامح جيلية جديدة او ملامح فنية مهمة على مستوى الابداع الثقافي ومع ذلك نقول ان الايام المقبلة.. حبلى بما هو اجمل.

* هل اخذت ادارة الاتحاد فاضل ثامر من عمله النقدي والادبي؟
- بالتأكيد.. العمل المهني اخذ الكثير من وقتي، كما نقول انه اخذ من جرف ابداعي الخاص لانني خلال هذه السنوات لم استطع ان اقدم ما كنت اطمح الى تقديمه خلال السنوات الماضية وخسرت الشيء الكثير ولكني كنت اسرق احيانا بعض السويعات لاكتب فيها بعض الدراسات، فأنجزت كتابا عن السرديات وانجزت كتابا اخر فيه الكثير من المشاكسات الخاصة بأشكاليات الثقافة العراقية وعلاقتها بالسلطة وكذلك لديّ اربعة كتب تحتاج الى تحرير، لا امتلك الوقت الكافي الان لاعادة تحريرها ونشرها ولهذا انا مكبل بقيود والتزامات اعتبرها جزء من مسؤوليتي الوطنية وخاصة نحن نعمل الان في وضع ثقافي صعب لا نجد فيه الرعاية والدعم من لدن الدولة، لا توجد ميزانية ولا توجد اي تمويل لنا من اية جهة رسمية، كما ان رئيس الاتحاد والامين العام وجميع الاعضاء يعملون بتطوع ودونما مقابل مادي، وان كل ما يصرف هو من جيوبهم الخاصة، وهذه حالة نادرة لا نجد لها مثيلا في كل العالم العربي ولا في كل العالم، ومع ذلك فنحن نبدو امام الاخرين وكأننا نجني الشيء الكثير من مركزنا ومواقعنا وهو خلاف هذا الامر، انا اتمنى شخصيا ان تتاح لي الفرصة لأتفرغ وأعود الى مقعد الابداع، مقعد الكتابة لكي اواصل مشواري النقدي الكبير الذي آمل ان استطيع ان امنحه بعض وقتي.