محمد الحمامصي من القاهرة: بعد ست سنوات من فريق عمل مكون من أكثر من عشرين أستاذ جامعي وباحث وموثق، أصدرت مكتبة الإسكندرية، موسوعة علمية وثائقية تؤرخ لواحدة من اكثر العائلات المصرية شهرة في العصر الحديث؛ ألا وهي العائلة البطرسية أو عائلة بطرس باشا غالي.
تضمن الكتاب quot;العائلة البطرسية.. سيرة عائلة قبطيةquot;، الذي أعده دكتور خالد عزب، وأيمن منصور، ومحمد السيد حمدي، أكثر من ألف وثيقة نادرة وعشرات الصور التي تثري ذاكرة الوطن، صفحات من التاريخ يقلبها القارئ، تعود به إلى منتصف القرن التاسع عشر حيث نشأت العائلة البطرسية، يعيش هذا الزمن الجميل عندما كانت مصر تصنف في مصاف الدول المتقدمة لما بذله كل من محمد علي باشا والخديوي إسماعيل.
الكتاب تؤرخ ليس لعائلة واحدة وإنما لمجموعة من الشخصيات والأحداث التي ارتبطت بتلك العائلة.. العائلة البطرسية، يبدأ تاريخه بذكر تاريخ بطرس باشا غالي عميد تلك الأسرة ورئيس نظار أو وزراء مصر، والرجل الذي اختلف حول دوره الوطني المؤرخون، والذي تكشف صفحات الكتاب من خلال مجموعة من أندر الوثائق والصور، اذ تناول الكتاب صفحات من تاريخ حادثة دنشواي ومشروع مد امتياز قناة السويس وقضية طابا التي أثيرت لأول مرة في عهد وزارة بطرس باشا للخارجية، من خلال مجموعة من الوثائق النادرة، بالإضافة إلى حادثة اغتيال بطرس باشا غالي، وما أثير حولها من علامات استفهام وملابسات حاول الكتاب استكشافها وعرض جوانبها.
ومع تصفح صفحات الكتاب يستعرض فريق العمل دور نجيب باشا بطرس غالي الوطني خلال الحرب العالمية الأولي، وفي عرض مركز تناول فريق العمل مشوار حياة واصف باشا بطرس غالي احد أقطاب الوفد المصري الذين حكم عليهم بالإعدام خلال أحداث ثورة 1919 ودوره الوطني والسياسي الذي يذكره له التاريخ بكل مجد وفخار موقفه عندما كان وزيرًا للخارجية من مشكلة اللاجئين الطرابلسيين المقاومين للحكومة الايطالية في ليبيا فرفض تسليمهم لها، وموقفه من حادثة مقتل السير لي ستاك، ودوره في مفاوضات اتفاقية عام 1936 بين مصر وبريطانيا، ومطالبته بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وذلك في أول دخول له إلي عصبة الأمم عام 1937، كذلك يلقي الكتاب الضوء على واصف باشا الكاتب والقاص من خلال مجموعة من مؤلفاته ككتاب تقاليد الفروسية عند العرب.
أما مريت بك نجيب غالي فقد افرد الكتاب له حيز كبير للدور السياسي والإنساني والثقافي الذي لعبه من خلال دوره في مساعدة الشعب الأثيوبي في المحن التي ألمت به، وعلاقته القوية مع الجالية القبطية في الحبشة، ودوره في تضيق هوة الخلاف بين الكنيسة القبطية والكنيسة الأثيوبية، ومشكلة دير السلطان بالقدس وحقوق الأقباط فيه، كذلك تناول هذا الجزء من الكتاب اهتمام مريت غالي بعلم الآثار ودوره في جمعية الآثار القبطية والمحافظة على أثار مصر بالإضافة إلي مؤلفاته خاصة كتابه سياسة الغد الذي قدم منه خلاله برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي للنهوض بمصر.
كذلك تناول فريق العمل مشوار حياة الدكتور بطرس يوسف بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة، ودوره السياسي خاصة في عملية السلام المصرية الإسرائيلية ومفاوضات كامب ديفيد وزيارة الرئيس السادات للقدس.
وتناول الكتاب السير الشخصية لبعض أفراد العائلة البطرسية مثل يوسف بك بطرس غالي والد الدكتور بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وجفري نجيب غالي الذي اشتهر بأعماله الإنسانية في سبيل إنقاذ الأحباش، والمهندس واصف يوسف بطرس غالي ودوره في جمعية الآثار القبطية، والسيد رءوف يوسف بطرس غالي، والدكتور يوسف رءوف يوسف بطرس غالي وزير المالية الحالي.
بالإضافة لأعلام العائلة البطرسية فقد تناول الكتاب، واحدة من أهم المنشات المعمارية المرتبطة بتاريخ العائلة البطرسية، ألا وهي الكنيسة البطرسية الكائنة بشارع رمسيس بجوار الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وذلك من خلال دراسة معمارية فنية لهندسة الكنيسة وتخطيطها وابرز الجوانب الفنية، كذلك خصص كتالوج مصور لمقتنيات العائلة البطرسية من نياشين وميداليات وتذكاريات تقتنيها العائلة البطرسية.
وقد صرح د.خالد عزب أن الكتاب يأتي في إطار تعاون مثمر بين مكتبة الإسكندرية والعائلات المصرية العريقة، تمخض عنه حتى الآن إصدار عملين هما: العائلة السليمية.. سيرة عائلة من صعيد مصر، وهو يؤرخ لعائلة محمود باشا سليمان، أشهر عائلات مدينة أسيوط وأكثرها نفوذًا من الناحية السياسية والاقتصادية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين.
أما العائلة البطرسية، عائلة بطرس باشا غالي فقد وجدت مكتبة الإسكندرية تعاون فاق كل الحدود من تلك العائلة ففتحت لفريق مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وهو يخطو خطواته الأولي في أواخر عام 2005 باب أرشيفها الخاص الذي تحتفظ به الكنيسة البطرسية ذاك الصرح الديني والثقافي الذي يجاور مبني الكاتدرائية القبطية، فأصبح هذا الأرشيف النواة لمشروع ذاكرة مصر المعاصرة والشريان الرئيسي الذي يمده بالمادة الوثائقية لتاريخ مصر المعاصر، بجانب مشروع أرشفة وثائق دار المحفوظات العمومية، الذي ولد من رحم مشروع أرشفة وثائق العائلة البطرسية، والذي سوف تؤرخ له مكتبة الإسكندرية من خلال عمل كبير يحمل عنوان quot;الدفترحانة.. دار المحفوظات العموميةquot;.