إلى quot;براءquot; احتفالاً بصوتها

الصدفة الخالية
وكوم الؤلؤ
وعنقها
هو ما كان يفتح الباب على الغموض.

عطر في قميص
وقلب أكثر إثارة من النظرة
وفم لم يتوقف عن هجاء الأبواب المغلقة
الفتاة العابرة من الكرخ إلى الرصافة.

يشع من أصابعها
ضوء شهوتها
وهي تنام
ويظل الفتى يلاحق فراشات فمها.

لجمالها الذي يذهب لقراءة الليل
أثر يصرخ
والليل وحده يعود
إلى قلادتها فوق الطاولة.

الزهور في نومها أغاني
وخصرها وسط الظلمة سهم هزيل
وكتابها الذي يصرخ على حافة السرير
والخرائط التي رسمها الفتى عن شيراز
وملا بسها الداخلية
وقطرة من النبيذ
وبقايا كلمات المضاجعة
كما لو كان فليماً حلواً عن الحياة المطاردة.

تمر الأسابيع على عاج معصميها
ويذهب الفتى إلى بكاء الأمواج
فيكسره الحب
ويكسرها
لكنهما يعودان مثل الأفق
لاكمال رسم الأشجار الناقصة على دجلة.

النوم طفلها
لما يشدو الفتى في أغنيته عن بغداد
والربيع تلك اللمحة المرحة
لما يكون الصباح ضحكاً على كلمات الليلة الفائنة
وهما يرنوان إلى السرير الأبيض
إلى جنة النسائم
أو كما لو ينظران في فاكهة من اللذائذ
أو دورة من لهب
وخيول بيض.. آلاف الخيول البيض
تلك قبلة أولى كانت فوق كتفها.

النغمة الممزقة
ونصف الحياة التي تحياها
والشمس التي تجلبها إلى الرصافة
وذكرى قلوب الموتى البغداديين
نور يمتد ليغفر للمدينة جنونها.

يرى فيما يرى الفتى
أن
حزنها لا يشبه حزن طيور الرصافة
حزنها الذي
أجمل من التواضع
وأن أغانيها ليست كئيبة
وأسمها البرئ فيه لذة على الألسنة
وأصابعها قفص للأقلام.

يرى فيما يرى الفتى
أنها
شجرة لا تخاف الفوؤس
عصفورة هاربة من أغنية حلوة
تأخذه إلى أرضها كما الريح
يرسم شجرة فوق سرتها
ويردد أغنية
أغنية فيها الحياة كلها.

قُبْلتها فورة من رحيق
وللفتى الحائر
أنّاتها.. ولذة لسانها
يستغرق مجده كله للوصول إلى حلمتيها
تنام كأنها في فردوس
وصراخها كما الماء
لما يؤوب.

يرى فيما يرى الفتى
انها تشبه الألوان
أو الزيارات الأولى للبساتين
كالبذور الطرية
أو الوقت الذي بلا حدين
أو الماء.

يرى فيما يرى
انها
غاية الماء وهو يقتفي أثرها
حديقة كلامها
ذهولها
زفراتها العمياء
وورودها الخائفة.

يرى فيما يرى
انها الربيع الذي يؤمن به الكفرة
والصخرة التي يحبها المسافر
النافذة التي يفتقدها الفتى الواله.

ترى فيما ترى
أنه
المرآة
والتعويذة الصامتة
أو اليد المدودة الى الله
في المرآة وحدها دموع الشمس
والسلم النازل إلى الظلام.

تذهب إلى حيث الموجة
تذهب إلى حيث الصرخة في القلب.

يرى ويقول الفتى:
خريفها على الجدار وأنا الحصان وفوضاه.

من حزنها تركض إلى حيث الزرقة
وتظن أن الخلود يؤكل كما الفاكهة
تصغي للنهر وتلتقط الكلمات
وتغني للفتى كما الأضاحي
تبتلى بطفولته
كل ليلة.. بينما هي كلون وردي في طريق الأسى.

تلاعب الفراغ والفتى معا
وتقول: لو هززت الشجرة
لغدوت نافورة
فيهمس الفتى: أو حديقة خضراء ملآى بالتعلثم
أو حفنة من طين
او شارع من الضوء
فيلقي بنوره على شهوتها.

يمرّ الفتى في شوارعها
قرب حديقتها
في نهر حميميتها
ويحدثها عن الأطفال
وكيف يصير هواء طائراتهم الورقية
لكنه كل مرة
يختم الحكاية
بذكرى الخبز الحزين
والملاك الذي في قميص وهو يتضوع
وكم يحب مغازلة أصابعها
وكيف أن سؤالها أقرب إلى العسل
وأن غزلها رقيق جداً
وبعينين من اللوز وبغواية القصائد
يقودها إلى بستان الفاكهة.

ذهب شفاف
الشهوة التي بين الفتى وبينها
تحوِّل الحب من الهروب الى الطيران
ولما يتداخلان
يصير حاجبها شعلة
وتنظر في عينيه نجوم من غبار.

ألف ليلة لديها من بياض
وليلة واحدة للعدم
وكلّما
لفَّت حول خصرها شرشفا
نما الزعفران فوق السجادة
وكلَّما لفظت صغرى كلماتها
صارت تفاحتها حمراء
وغدت حكمتها سكرى.

النوم الفاشل أحيانا
يكون كما الزجاج
بينهما
والزهور التي تحاذي نومها
يراها الفتى وجوداً
ويرى حياتها مدينة تائهة
كان ينادي على لوحتها التي عن جسر ببغداد
باسم السماء.

في الخريف
ثمة غراب يخطط كآباتها
بينما يرسم الفتى النور
في عينيها حلما
فتحار
في المسافة التي بين التفاحة وقلب الرجل
فتاة مع الشمس في النافذة
وفتاها على السلم يعزف من مقام الصبا
وشهوة بينهما كدوامة من الجواهر
يقول الفتى:
عيون هذه المها هي الحب
حوائي التي في النافذة

فتقول هي:
ربما الفتى الذي على السلم هو الحب
أحيانا قلبه
وأحيانا حصان فوضاه.

[email protected]