سلوى اللوباني من دبي: صدرت رواية quot;طبيب تينبكتوquot; عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر حديثا للروائي quot;عمر الأنصاريquot;، وهو اللقب الذي لا يفضله، فهو يعتبر نفسه باحثا وليس كاتبا أو روائيا. هو صاحب قضية إنسانية، وهي البحث في حق الطوارق في صحرائهم. بدأ في تسجيل قضيته باصداره الأول في عام 2005 من خلال كتاب quot;الرجال الزرق.. الطوارق الأسطورة والواقعquot;، وهو بصدد التحضير لإصداره الثالث وجميعها تندرج تحت أدب الصحراء.
أحداث رواية quot;طبيب تينبكتوquot; مقتبسة عن أحداث ووقائع حقيقية، جرت في النصف الثاني من القرن العشرين في منطقة تينبكتو بالصحراء الكبرى الإفريقية، وتينبكتو من أهم الحواضر الإسلامية في غرب افريقيا، تقع اليوم شمال quot;ماليquot;، أسسها الطوارق في القرن الخامس الهجري، وتنسب لإمرأة من الطوارق اسمها بكتو، فكانت الكلمة من مقطعين تين (نسبة) وبكتو اسم المرأة، أي مدينة بكتو.
ينتقل بنا الأنصاري من خلال 249 صفحة في رحلة صحراوية..مع بطل الرواية quot;محمدquot; منذ طفولته الى شبابه.. تخلل هذه الرحلة أساطير جميلة، وأحداث مأساوية من موت أخته الى والده الى إختفاء عمه وغيرها من الأحداث.. تتعرف على ثقافة الطوارق،هذا الشعب المسلم المتسامح، الذي يتقبل الآخر دون أي تعقيدات إجتماعية.. يعيش حياة بسيطة الا أن جذورها ضاربة في التاريخ، الى أن يأتي المستعمر ليبتليهم بتهجير قسري.. لتبدأ رحلة البحث عن ملاذ، عن مكان. مستعمر يريد إجتثاث جذورهم، تشويه تاريخهم، انها حرب إلغاء الآخر من خلال تقسيمه، ليتغير الوضع من مواطن الى لاجئ!
وجه الأنصاري رسائل إنسانية عميقة من خلال روايته باسلوب لغوي قوي ومؤثر.. يجذبك حتى نهاية الرواية لتعرف مصير محمد..مصير طبيب تينبكتو! في الحقيقة هو ليس فقط مصير محمد وانما مصير شعب باكمله! كما جاء على لسان quot;زينبquot; إحدى شخصيات الرواية quot;كأننا اناس لفظتهم الدنيا بعد انقضاء زمانهم، ولم يستطيعوا مغادرتها لأنهم لم يجدوا بابا للخروج منهاquot;.
طبيب تينبكتو هي قضية شعب ما زالت رحلته مستمرة في البحث عن ملاذ، لخصها الأنصاري من خلال الإهداء الذي سجله في مقدمة روايته..

الى اولئك الذين بقوا في ما حسبوه جحيما..
والى اولئك الذين هاجروا الى ما حسبوه نعيما..
الى أهلي التائهين في صحرائهم..
والمغتربين في صحارى اخرى..
وبين حدود البلدان في رحلتهم السرمدية
الى أجيالهم..أهدي هذا الكتاب!