عبد الجبار العتابي من بغداد: ترك معرض بغداد الدولي للكتاب في دورته الاولى ملاحظات عديدة وخفايا استطعنا ان نصل الى بعضها،حيث كانت التجربة الاولى هذه مثار تساؤلات طويلة حول قيمتها والنجاح الذي تحقق منها، بغض النظر عن التوقعات التي كانت تتصدر واجهات الافكار لكل القائمين على المعرض والتي كانت تعبر عن تفاؤل واضح انهمرت رؤاه في حفل الافتتاح، وقد حاولنا خلال ايامه ان نكون قريبين من الاجنحة الكثيرة الممتدة على مساحة كبيرة ونرصد حجم الاقبال الجماهيري وكذلك اكثر المبيعات لنتعرف على افكار الناس من القراء، واذ لانخفي ضعف الاقبال لاسباب مختلفة فأننا رصدنا ان مبيعات الكتب كانت متنوعة ولكن التي تقترب من الدين ورجال الدين وافكارهم هي الاكثر طلبا، وعلى الرغم من الجهود المبذولة الا ان هناك ملاحظات طفت على السطح كانت من ابرزها الشكاوى من غلاء ايجار المساحة المستأجرة من قبل اصحاب دور النشر وهو الامر الذي اكد فيه المدير الاداري للمعرض على غلطة وزارة الثقافة بأيجار الامكنة بنسبة النصف الى دور النشر العراقية مشيرا الى ان انها تعاملت بشكل تجاري مع المعرض وليس من منطلق وطني خاصة ان المعرض هدفه سياسي.
وكانت فعاليات المعرض قد اختتمت صباح يوم الخميس، اقامته دار الشؤون الثقافية العامة تحت شعار (لأن المعرفة..هويتنا)، افتتح في 20/ نيسان المنصرم بمشاركة اكثر من (200) دار نشر عراقية وعربية واجنبية، عرضت اكثر من 32 الف كتاب،وضم المعرض ضمن اهتماماته المعرفية والثقافية فنونا مجاورة مثل اقامة معرض تشكيلي وعروض مسرحية وسينمائية و(15) ندوة وحفلات توقيع كتاب واصدار جريدة يومية لمتابعة فعاليات المعرض حمالت عنوان (المعرفة).
جولتنا في اجنحة المعرض كانت لا على التعيين وتوقفاتنا عند اصحابها بدون تحديد مسبق، فألتقينا عددا من اصحاب دور النشر.
قال احمد عبد المطلب، دار حوران السورية: اشتركنا بـ (100) عنوان اغلبها من الكتب الادبية والروايات تحديدا وهي لكتاب عرب واجانب، واكثر مبيعاتنا كانت لروايات الكاتب (هرمان هسه)، وفي المرتبة الثانية يأتي كتاب (اصول التشيع) للمستشرق جفري، ومن ثم اشعار الامام الخميني مترجمة عن الفارسية لغسان حمدان، فضلا عن الكتب التي تتناول الشؤون التركية واغلب مقنيها هم طلبة الدراسات العليا، وقد بعنا اكثر من نسبة 10 % من الكمية التي اتينا بها الى المعرض.
واضاف: ما يلاحظ على المعرض هو ضعف الاقبال الجماهيري واعتقد ان السبب ربما لعدم وجود اعلام ودعاية بشكل مكثف، في الايام الاولى كانت الحركة افضل من الايام العشر الاخيرة وربما لزحام الشوارع، وانا اعتقد ان مكان اقامة المعرض مناسب لان يقع وسط بغداد، وللمعرض قيمة معنوية كبيرة اذ يقام في بغداد، وانا اعتقد انه حتى لو كانت نسبة المبيعات غير جيدة فالقيمة اكبر ولها دلالات كبيرة.
وقال موسى عباس، دار الفكر العربي: اشتركنا في المعرض بـ (1200) عنوان تشمل كتب التراث والتاريخ واللغة العربية، ومبيعاتنا كانت بنسبة تتراوح ما بين 15 ndash; 20 % من الكمية التي جلبناها الى المعرض، واكثر كتبنا مبيعا هي: انساب الاشراف للبلاذري (دورة كاملة/ 13 مجلدا)، وكتاب (يهود العراق) تأليف مير بصري، ثم كتاب (تاريخ خليفة بن خياط) للعصفري وكذلك شرح المعلقات للزوزني.
واضاف: الاقبال غير مشجع، وهناك عدة اسباب لذلك منها الطقس السيء في بعض ايام المعرض حيث كان المطر شديدا كما ان الزحام في الشوارع وصعوبة الوصول الى المعرض وان كان مكانه مناسبا جدا لاقامة معرض كونه يقع وسط بغداد وليس هنالك افضل منه كما اعتقد، كما ان الوضع الاقتصادي له سبب مع غلاء اسعار بعض الكتب، فهناك مجلدات يصل سعرها الى 160 الف دينار عراقي (نحو 140 دولار).
اما الدكتور عبد الوهاب الراضي، رئيس اتحاد الناشرين العراقيين، دار الكتب العلمية، فقال: اشتركنا بـ (500) عنوان واغلب كتبنا علمية واعلامية وكانت نسبة مبيعاتنا اكثر من 5 % من العدد الذي اشتركنا به، فالمبيعات ليست بمستوى الطموح ولكنها مقبولة قياسا كون هذه الدورة الاولى بالاضافة الى عدد دور النشر التي اتت من الخارج، وكنا نتوقع ان يكون الاقبال اكبر من هذا بكثير، لكن المهم عندنا اننا كنا ضمن هذه التظاهرة الثقافية، وليس ان نبيع او لانبيع، ونعرف ان هناك مسببات للمستوى المتدني من الاقبال، والتي من اهمها نقص الدعاية والاعلان فهي ليست بالمستوى المطلوب خاصة الدعاية المسبقة للمعرض، والدليل ان المدخل على الشارع العام ليست فيه اية اشارة او دلالة الى وجود معرض كتاب في هذا المكان فضلا عن الدعاية التلفزيونية التي تكاد تكون معدومة، ومن المفروض ان تكون هناك دعاية يومية في وسائل الاعلام المختلفة لمدة ربع ساعة على الاقل من قلب المعرض كما يحدث في كل دول العالم، وان تقوم القناة الحكومية بتسليط الضوء على دور النشر ومعروضاته.
واضاف: لا يوجد كتاب معين استأثر بالاهتمام بل هناك كتب عليها اقبال مثل: الدولة الفاطمية، وكتاب الماسونية / نشأتها واهدافها للدكتور اسعد السحمراني.
وتابع: اعتقد ان المكان في الوقت الحالي يعتبر مثاليا ولكن هناك مكان اضل اتمنى ان تقام عليه الدورة الاثانية وهو المنطقة التراثية في شارع المتنبي القريبة من بناية القشلة، ولكن هناك قضية مهمة وهي قضية الايجارات، فهي ما بين 65 الى 95 دولارا للمتر المربع الواحد، وحسب الموقع، ولكن ادارة المعرض منحت خصما لدور النشر العراقية قدرها 50 %، انا مثلا استأجرت 27 مترا مربعا، المبلغ كبير بالتأكيد، والخسارة ستكون ان لم ابع، احسب ما اصرفه بالاضافة اللى اجور العمال والنقل، واعتقد ان مشاركتنا بلا ارباح، المهم عندنا بصراحة الدورة الثانية حيث ستكون المشاركة اقوى والاقبال افضل، لذلك نبهنا الادارة على دعم دور النشر العربية لكي تبقى سمعة المعرض ايجابية وتكون المشاركات فاعلة في السنوات المقبلة نتيجة المبيعات، ولا اخفيك كنا نأمل كما في بعض المعارض السابقة ان يزور المعرض مسؤول كبير ويتبرع للمعرض من اجل دعمه ولزيادة نسبة الخصم للكتب المباعة للمواطنين.
اما عبد الله جاسم من منشورات الجمل قال: شاركنا بأكثر من 1000 عنوان ما بين سياسة وتصوف واقتصاد وادب وروايات، ونسبة مبيعاتنا نحو 20 % من اجمالي المعروض، واكثر الكتب مبيعا لدينا هي: كتاب فالح عبد الجبار (العمامة والافندي)، ثم يليه كتب محمد اركون بشكل عام وروايات الكاتبة الايرانية آذر نفيس، ورواية اني ارنو (الاحتلال) و(من يفرك الصدأ) للشاعر حسين مردان، اما الكتب السياسية فأأكثرها مبيعا كتاب (الان والغد) للدكتور مهدي الحافظ، وفي الدين كتاب (احسن القصص) لابن فرناس و(الشخصية المحمدية) للشاعر الرصافي، اما في الشعر فالاكثر هما اثنان ديوان حسين علي يونس وسعدي يوسف.
واضاف: الاقبال متوسط وكنا نتوقعه كتجربة اولى، واعتقد ان السبب هو ان الناس لاتدري بوجود المعرض لعدم وجود اعلام عنه واعلانات وبوسترات دعائية، كتجربة اول انا اعتبر الاقبال ممتازا، وارجو ان تكون الدورة الثانية افضل وتعالج النواقص التي منها عدم وجود تكييف، ولكن المشكلة كانت في ارتفاع بدلات الايجار للمساحة التي يستأجرها اصحاب دور النشر، فهي عالية قياسا للاقبال الجماهيري، فأقل متر مربع بـ (65) دولارا، واعتقد ان هذا جعل اغلب دور النشر لا تضع مبدأ الخصم الجيد في كتبها.
وقال ياسر علاء، دار الانتشار العربي / بيروت: مشاركتنا كانت بـ 300 عنوان في مجالات اللغة العربية والتاريخ والنقد، ونسبة مبيعاتنا ما بين 30 ndash; 40 %، واكثرها مبيعا كتاب (هتك الاسرار) لسعدون محسن ضمد ومن ثم كتاب (الاصلاح الديني) لمجموعة من الاساتذة، وكذلك كتاب (لمحات اجتماعية) لعلي الوردي وكتاب (العراق) لحنا بطاطو، و(ازمة العقل الشيعي) لاحمد القبانجي وكذلك اغلب كتبه.
واضاف: الاقبال متوسط، كان اول ايام المعرض افضل، واعتقد ان السبب الرئيس هو في ان المعرض اقيم في نهاية موسم دراسي، الطلاب منشغلون بالامتحانات، بالاضافة الى انني وجدت ان الاعلانات قليلة.
وتابع: هناك بعض السلبيات منها ان المكان لم يكن محصنا تماما وخاصة في الايام الممطرة مما جعل عددا من دور النشر اللبنانية تتضرر، ولا اخفي عليك انني سمعت بعض اصحاب هذه الدور يقولون ان المعرض لم يلب طموحاتهم وانهم ربما لا يأتون في الدورات اللاحقة.
وقال عماد ابراهيم، دار الكاتب العربي، بيروت: شاركنا بـ (700) عنوان من مختلف الكتب العامة، ونسبة مبيعاتنا 30 % واكثرها كتاب (جمال المرأة وجلالها) للشيخ جوادي آملي، ثم موسوعة المعرفة الاسلامية ثم سلسلة عبد العال السبزواري، وهذه الكتب نفذت تماما، ومن ثم كتاب (فلسفة الدين والكلام الجديد) لاكثر من كاتب.
واضاف: الاقبال متوسط، لان هذه اول تجربة ونحتن جئنا لنجرب، وبصراحة انا متفاجيء ان يأتي الناس لشراء الكتب وكنت اتوقع ان لا يأتي الا القليل جدا، ففي هكذا اوضاع يعيشها العراق نعتقد ان من الصعب ان يأتي قراء ومهتمون، واعتقد ان الدورة الاخرى افضل، وبرأيي انه لابد ان تكون هناك اسعار تشجيعية لدور النشر مثل أي معرض دولي، نحن نعمل للمستقبل وهدفنا السنوات المقبلة، حيث سنكتسب الخبرة.
وتابع: هناك شكوى من غلاء اسعار الكتب ونحن عملنا خصما قدره 50 %، اما انا فأشكو من صوت المولدة الكهربائية الذي يضرب في رأسي لعشر ساعات يوميا !!.
اما محمد حافظ، دار الامير للثقافة والاعلام، بيروت، فقال: شاركنا بـ 700 عنوان متنوع في الفكر والثقافة والشعر والسياسة والتوثيق، ونسبة مبيعاتنا 40 %، ابرزها سلسلة الدكتور علي شريعتي، وكتاب (صدام حسين.. الحقيقة المغيبة) لمحمد حسين زي، وكتاب (اشكاليات التجديد الاسلامي المعاصر) للدكتور حسين رحال، وكتاب شعر للشاعرة امل طنانة بعنوان (هذيان في حمى من الحب) بالاضافة الى مؤلفات السيد موسى الصدر.
واضاف: كدورة اولى انا اعتب الاقبال جيدا ونامل في العام المقبل ان تكون الظروف افضل من ناحية الاعلام والحضور الجماهيري، واتمنى ان يكون للمعرض موعد ثابت كل عام لا ان يكون هذه السنة في شهر والاخرى في شهر اخر.
وتابع: الملاحظة التي لدينا او الشكوى من غلاء اسعار ايجار الاجنحة فهي مرتفعة قياسا لدول اخرى مثل البحرين، فنحن هناك دفعنا 1710 دولارات للمكان فقط وبدون أي تجهيزات اخرى، وهو ما جعلنا نتعطل في افتتاح جناحنا لانني قادم من بيروت ولا اعرف بغداد ولابد من ترتيب الامور بنفسي، كما شكونا من حرارة المكان وعدم وجود تكييف بالاضافة الى عدم وجود دورة مياه الا في مكان بعيد وغير جيدة.
وبعد هذه الاراء المستطلعة والملاحظات كانت محطتنا الاخيرة عند المدير التنفيذي لمعرض الكتاب عبد اللطيف سعد، وهو لبناني الجنسية: الاسعار اذا قيل انها غالية فيجب ان تقاس بشيء اخر، اقل سعر في أي معرض 150 دولار للمتر المربع الواحد، ودعني احكي لك بصراحة، في معرض بغداد غلطت وزارة الثقافة غلطة كبيرة، انها اعطت حسما لدور النشر العراقية بنسبة 50%، يعني الجناح الذي نبيعه للاجنبي بـ (65) دولار نبيعه للعراقي بـ (32 دولار ونصف)، وهذا المكان لايجد على الرصيف، وواقعا انا اسجل عتبي على الوزارة حين ارتكبت هذه الغلطة الكبيرة، كان الهدف من المعرض هدفا سياسيا بالدرجة الاولى، ان نستطيع ان نجلب اكبر عدد ممكن من دور النشر مباشرة بشخوصهم الى بغداد لكي يطلعوا على بغداد وعلى الوضع الامني فيها وعلى جميع المسائل ولكن عندما عرفت دور النشر العراقية ان لديهم خصم 50 % صار اصحابها يتصلون بكل دور النشر من انهم حجزوا المعرض، اتصلوا بدور من مصر والاردن وسورية ولبنان والامارات والسعودية ومن كل الدول الاخرى، وانه بدون ان تأتوا انتم مباشرة اعطونا توكيلا واحجزوا في المعرض بخصم 50 %، هذا جعل العراق يخسر عددا كبير جدا من (الاصوات) كما يجب ان اسميهم، التي من الممكن ان تنقل صورة عن بغداد لايعرفها احد في الخارج، انا عندما اتيت الى بغداد كنت خائفا ومرعوبا ولكن عندما اقمت فيها وجدتها عاصمة امنة.
واضاف: بصراحة.. دور النشر العراقية (خسرتنا) هذه المعركة، وانا اعتبر انهم غلطوا غلطة كبيرة بحق العراق قبل ان تكون بحق أي احد، وتعاطوا مع الموضوع كتجار فعليين وليس كدور نشر وليس كمثقفين، الهدف من أي معرض هدف ثقافي في الدرجة الاولى ومن ثم التجاري، هؤلاء تعاطوا كتجار، واكرر عتبي على وزارة الثقافة، واتمنى ان لا تعيد هذه التجربة، بل ان تجعل اسعار دور النشر العراقية اغلى من الدور الاجنبية بل عليها ان تخفض لدور النشر الاجنبية لكي تستطيع ان تجلب العدد الاكبر.

وتابع: مكان معرض بغداد الدولي مناسب لاقامة المعرض، وعلينا ان نقول شيئا، ان هناك هدف اخر وهو لماذا بنيت مدينة المعارض هذه؟ هل حتى تترك خالية؟، انا اقول لك ان جزء من حربنا وهدفنا ان نعيد احياءها، وهذا دور الجميع، وهنا اؤكد نظريتي ان دور النشر العراقية تعمل بعقلية التاجر وليس بعقلية الوطني او عقلية الحريص على العراق واهل العراق وسمعة العراق، انا لبناني واحكي بحرقة لانني اعتبرهم افشلوا هذا الهدف الاساسي وطموحي بان اجيء بأكبر عدد ممكن من العرب، افشلته دور النشر العراقية واسجل عتبي على اتحاد الناشرين العراقيين وكنت قد حكيت مع رئيس الاتحاد عبد الوهاب الراضي وقلنا: رجاء لا تدع دور النشر تلعب هذه اللعبة، وانا اطلعته على دور النشر الاجنبية التي ارادت ان تجيء من خلالنا واتصل بها عراقيون ليأتوا من خلالهم.
وعن رأيه بالاقبال الجماهيري قال: ليس بالطموح الذي نريده، ولكن اريد ان اسجل ملاحظة مهمة ان الاقبال كان للنوعية، وكان حجم المبيع كبيرا جدا، وهناك دور نشر غير عراقية باعت كل ما لديها من كتب ويوميا كان هناك استيراد للكتب، لذلك يمكن القول انه على مستوى المبيعات جيد جدا وعلى مستوى الحضور كان متوسطا ولكن ليست العبرة في اعداد هائلة بل في النخبة، نحن نعتقد اننا سجلنا رقما قياسيا.
واختتم حديثه بالقول: الدورة الاولى لمعرض الكتاب الدولي سياسية ويجب ان تكون في المرتبة الاولى والثانية والثالثة والرابعة وتأتي التجارة في المرتبة الاخيرة، وان كانوا يريدون المتاجرة فعندهم شارع المتنبي، وان كان عندهم دور سياسي كما يدعون فيجب ان يقوموا بهذا الدور.