ايلاف: كلودا المجذوب الرفاعي من دمشق: معرض دمشق الدولي للكتاب لم يكن كعادته هذا العام وإن تعنت المنظمون وادعوا خلاف ذلك، فالأحداث الأخيرة فرضت نفسها بشدة عليه وعلى مشهده الثقافي وحتى على حضوره.
تنظيم المعرض في وقته المحدد هذا العام كان بمثابة تحد قرر المعنيون في وزارة الثقافة خوضه للإثبات بأن الأحدث طبيعية في سورية وشيئا لم يحدث في دمشق، دون أن يدركوا أن هذا العناد لم يتمكن من تحقيق الغاية المرجوة منه فمعاون وزير الثقافة علي القيم كان صرح لإيلاف في لقاء سابق بأن المعرض سيقام بمشاركة 400 دار نشر كما في بقية الأعوام، لكننا لم نلمس هذا ولم نشهد مشاركة نصفهم فالرقم المعلن من المصادر الرسمية للمعرض تحدثت عن 260 دار وإن كانت زيارة على أرض الواقع تؤكد أن هذا الرقم أيضا غير دقيق وأن الرقم الأقرب للدقة هو 215 دار كما تحدث لنا أحد الصحفيين العاملين في الوسط الثقافي السوري، مشيرا إلى أن هذا الرقم يضم فعاليات لا علاقة لها بدور النشر مثل الأجنحة الخاصة بالجامعات والوزارات والتي شغلت في معظمها مساحات جيدة بهدف الترويج والإعلان لهذه الجامعات والمعاهد الخاصة.
ازدحام وهمي:
المعرض لم يفقد غالبية زواره وبقي محافظا إلى حد ما على صفة الازدحام التي اشتهر بها في السابق لكن هذه المرة الأمر مختلف إلى حد ما، لأن المساحة تقلصت هذا العام وانخفض عدد الأجنحة والقاعات المستخدمة لتقتصر على ثلاث أجنحة وضعت في قاعة واحدة حاول علي العائدي مدير مكتبة الأسد الجهة المنظمة للمعرض التخفيف من وقعه بالتحدث عن التنظيم المميز للعرض وتسهيل للحركة كما وصفهما مشيرا لاستخدام الصالات الدولية بدلا من القاعات التي كانت منتشرة في ساحات المعرض متحدثا عن تأميم ممر واحد للزوار يسمح لهم بالتنقل بين جميع الأجنحة ضمن قاعة متصلة واحدة في مناخ واحد وإضاءة واحدة .
دون أن يذكر بأن هذا التقسيم المريح فرضه تراجع عدد المشاركين وخاصة من الدول العربية التي تشهد في بلادها بعض الاضطرابات والأحداث، والتي كانت ستحمل في جعبتها في حال شاركت عددا من الكتب والعناوين لا تتناسب مع تحليلات القائمين على المعرض عن الفترة الحالية، كما أن العديد من دور النشر السورية تغيبت خوفا من الخسارة بعدما تنبأ كثيرون بتراجع الحركة وأدركوا الأوضاع الاقتصادي غير الجيدة التي يعيشها نسبة كبيرة من السوريين ممن سيتحول الكتاب بالنسبة لهم إلى مرحلة ثانية غير مهمة، وإن كان عدد من المشاركين الحالين استطاعوا الحصول على غايتهم المرجوة وسجلوا أرقام مبيع مقبولة وخاصة في دور النشر المتعلقة بالأطفال التي اكتظت غالبيتها سيما وأن هذا المعرض كعدد كبير من المعارض غيره تحول في عرف سكان دمشق لأشبه بالطقس السنوي يقصدوه بحكم التنزه ومن ثم الاطلاع خاصة بعدما انتقل إلى مدينة المعارض الجديدة على طريق المطار هذا المكان الذي يجد فيه الكثيرون فرصة لتنزههم وتسليتهم.
بالوكالة والأصالة:
كما أسلفنا فالمشاركة العربية كانت ضعيفة هذا العام ويمكن حصرها بالأردنية واللبنانية وربما خجل بعضها من الاعتذار المباشر وقرر إقامة جناحه الخاص ولكن بشكل خجول ليمسك العصا من النصف أو أدرج كتبه في أجنحة أخرى ضمن ما يسمى المشاركة بالوكالة وليس بالأصالة والتي تعني مشاركة الدار بشكل منفصل.
كما لجأت دول أخرى للخروج من هذا المأزق بإقامة أجنحة متعلقة بوزارتها أو ملاحقها الثقافية وأيضا مراكزها الثقافية خاصة بالنسبة للدول الأجنبية وهي مشاركة معنوية أكثر منها مشاركة فعلية فعرضوها اقتصرت في الغالب على مطبوعات وإعلانات تخص المركز نفسه وبعض الكتب غير مخصصة للبيع في غالبيتها.
مشاركة جامعية:
للعام الثاني على التوالي تقرر إدارة المعرض منح حيز للجامعات الخاصة والحكومية هدف الترويج لهذه الجامعات وعرض منشوراتها العلمية وخلق بيئة مناسبة للتبادل الثقافي ما بينها وبين الدول الأخرى المشاركة في المعرض، وقد أثمرت العام عن تعاون جيد كما يوضح حمد عيسى مندوب جامعة المأمون الخاصة فمشاركتهم العام الفائت مكنتهم من إقامة علاقات مع وزارة الثقافة السعودية ووزارة الثقافة اليمنية وعلى أثر ذلك تحسن التعامل في مجال تصديق الشهادات بالإضافة إلى تسجيل بعض الطلاب اليمنيين في الجامعة.

لكن هذا العام لن تتمكن غالبية هذه الجامعات من تنفيذ شيء مشابه نظرا للظروف الإقليمية ولطبية المعرض هذا العام.