كاثرين بيغالو

حتى قبل مقتل أسامة بن لادن، أثارت المخرجة الأميركية كاثرين بيغالو عاصفة سياسية باتجاهها نحو إخراج فيلم عن عملية لتعقب زعيم القاعدة واعتقاله/ قتله. وهي عاصفة يشتد هبوبها يومًا بعد آخر الآن، لكنها لا تقدر بثمن من الناحية الفنية، لأنها ضمنت للفيلم القدر الأكبر على الإطلاق من الدعاية.


صلاح أحمد: صعدت المخرجة الأميركية كاثرين بيغالو إلى سماء الشهرة العالمية مع فوز فيلمها laquo;خزانة الأذىraquo; عن حرب العراق بست جوائز أوسكار في العام الماضي، بما فيها laquo;أفضل إخراجraquo; لبيغالو نفسها. وبهذا صارت أول امرأة تحظى بهذا الشرف الفني الرفيع في تاريخ الجائزة.

والآن تعتزم بيغالو بدء العمل على فيلمها الثاني، الذي يستمد موضوعه من قضايا ذات علاقة بالعرب، ممثلاً في قصة تعقب زعيم laquo;القاعدةraquo; أسامة بن لادن، ومقتله في الثاني من أيار (مايو)الماضي في باكستان.

لكن هذه المخرجة تخضع الآن لتحقيق مكثف، تجريه وكالة الاستخبارات الأميركية laquo;سي آي ايهraquo;، ويهدف إلى التوصل إلى ما إن كانت قد تلقت معلومات تُصنّف laquo;سرّية وذات خطر هائل محتمل على الأمن القوميraquo; من مسؤولين داخل وزارة الدفاع.

وقالت فضائية laquo; بي بي سي نيوزraquo; الإخبارية إن النائب الجمهوري (نيويورك) بيتر كينغ كان قد تقدم في آب (أغسطس) الماضي إلى وزارة الدفاع laquo;البنتاغونraquo; وإلى laquo;سي آي ايهraquo; بطلب التحقيق في المضامين الأمنية، التي تنطوي عليها نية بيغالو بإخراج الفيلم عن مقتل زعيم القاعدة.

ونقلت عنه الفضائية قوله إنه سعيد الآن لأن السلطات الأميركية تعاملت مع طلبه هذا بالجدية التي يستحقها أمر يمسّ الأمن القومي الأميركي في عصب حساس.

وكانت شائعات قد دارت في الصحافة الأميركية، وقالت إن بيغالو شرعت في الإعداد لفيلم عن القبض على بن لادن أو مقتله حتى قبل العملية التي نفذتها وحدة laquo;سيلraquo; لقتله في أبوت آباد الباكستانية.

وراج وقتها أن بيغالو التقت بوكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات، مايكل فيكرز، وأنه قدم إليها معلومات عن الإطار العام لتعقب بن لادن بغرض قتله، وعملية صنع القرار في ما يتعلق بالإغارة على مخبئه.

نتيجة لهذه التكهنات وغيرها، اتهم النائب بيتر كينغ في آب (أغسطس) الماضي إدارة الرئيس باراك أوباما بتهديد سلامة الأمن الأميركي القومي، عبر تعاونها مع بيغالو في فيلمها المعتزم.

ثم قدم طلبه المذكور إلى البنتاغون وسي آي ايه في هذا الشأن. وقال النائب النيويوركي وقتها إن التعاون الرسمي مع هوليوود في أمر يمسّ الأمن القومي في مسألة بهذه الحساسية خطأ فادح، لأنه يعني بالضرورة تسريب تفاصيل من شأنها - بين أشياء أخرى - زعزعة مكانة سي آي ايه، باعتبارها جهازًا عالي الاحترافية.

وأشار كينغ في خطابه إلى المحقق العام في كل من سي آي ايه ووزارة الدفاع إلى مقالة نشرتها الصحافية مورين داود على صفحات laquo;نيويورك تايمزraquo; قالت فيها إن مسؤولي الإدارة قدموا إلى بيغالو laquo;نافذة خطرةraquo; لمهمة وحدة laquo;سيلraquo; الخاصة.

ورد البيت الأبيض بلسان سكرتير أوباما الصحافي الثاني، جاي كارني، بقوله إن مزاعم داود واتهامات كينغ القائمة عليها laquo;مثيرة للاستهزاءraquo;.

وأضاف كارني أن العرف هو أن يتحدث المسؤولون إلى هوليوود laquo;من أجل ضمان الدقة في مختلف أفلامها. أما أن تكون بيغالو قد حصلت على معلومات سرّية تتعلق بأي مهمة، فهذا ليس واردًا على الإطلاق. نحن عرضة دائمة لخطر الإرهاب، ولدى لجنة مجلس النواب في الكونغرس لشؤون الأمن الداخلي موضوعات أكثر أهمية من مجرد مناقشة الأفلام، التي تتفتق عنها قريحة هوليوودraquo;.

إدريس إيلبا

وفي حال هدوء هذه العاصفة على النحو الذي تبتغيه بيغالو، فالأرجح لفيلمها، الذي يُشاع أن عنوانه سيكون laquo;اقتلوا بن لادنraquo;، أن يعرض في كانون الأول (ديسمبر)المقبل.

وعٌلم أن بيغالو تحادثت مع كوكبة من الممثلين، تشمل جويل إدغارتون ومارك سترونغ وإدغار راميريز وتوم هاردي. ويشاع أن بيغالو اختارت الممثل الانكليزي الأسود إدريس إيلبا ليؤدي، إما دور بن لادن أو شخصية الرئيس أوباما.

وموعد كانون الأول (ديسمبر) المقبل ليس اعتباطًا، بل متعّمد، لأجل أن يحسب العمل في عداد الأفلام المرشحة لأوسكار شباط (فبراير)2013. وفي تلك الحال، ستصح العاصفة السياسية العاتية التي يحدثها الآن القدر الأكبر من الدعاية، الذي يمكن أن تحلم به بيغالو، وسبيلها في الوقت نفسه إلى صناعة التاريخ السينمائي بفوزها - كامرأة - بالأوسكار مرتين متتاليتين عن أفضل إخراج.