ايلاف:

quot;إنها ثورة إذا..quot;
quot;ادخلوا الثورة الى السجن..quot;!
quot;بل هي حس وطني..quot;
quot;ادخلوا الحس الوطني الى السجن..quot;!
quot;إنها مطالب شعب بأكمله..quot;
quot;ليدخل الشعب بأكمله الى السجن..quot;!
إنها مقتطفات من رواية هاني النقشبندي الأخيرة، الصادرة عن دار الساقي تحت عنوان quot;نصف مواطن محترمquot;. وهي تصور عوالم مختلفة ومتداخلة، مستوحاة من الربيع العربي في جزء منها، وجزء آخر خيال لا حدود له.
بطل الرواية زوج فقير، يسعى الى علاج زوجته المريضة. يتهم بأنه المحرض على ثورات الشارع الثائر ضد محفل الوطن الرخامي.
يلقى بالزوج في السجن بدليل واه، إنها غسالة ثيابه التي يعمل على اصلاحها. quot;فهي السلاح الخطير، الذي يهدد الوطن ويغسل عقول أبنائهquot;. يحاول عبثا ان يثبت براءته، وأن يعرف مصير زوجته التي تركها على فراش المرض، لكن بلا جدوى. حتى صدر حكم بإدانته بتهمة الخيانة دون محاكمة. يسأل نفسه في عتمة السجن quot;هل هي الحياة تأمل في الحياة نفسها، ام تأمل في الموتquot;؟
تسير جماهير حاشدة الى منزله المتواضع فتحطمه وتحرق اثاثه. quot;إنه مجرم..quot; وصفه جيرانه. quot;حتى زوجته كذلكquot;. قال آخر. عندما حاول جار ثالث ان يدافع عنه، اسقطت يد غاضبة ثلاثة اسنان صفراء على الارض.
quot;ليكن موعده في الغدquot; قال زعيم الوطن في المحفل. quot;عاش الزعيم.. الموت للخائنquot; ردد الاعضاء إلا واحدا منهم، إنه نحيل الجسم،وقور وحكيم، تؤازره عضوة هي أكثر جرأة من بقية الاعضاء.
تتغير الأمور فجأة، فيصبح المتهم بطلا بعد ان اكتشف الزعيم قدرة الزوج المدان على اصلاح عطب اصاب جهاز الوطن السحري الذي يحرك الشارع. هكذا يتحول الزوج من quot;خائنquot; الى quot;بطلquot; ويصبح عضوا جديدا واستثنائيا في محفل الوطن، بعضوية مدتها سبعون عاما تجدد ثلاث مرات فقط. الجماهير التي سارت غاضبة الى منزله وحطمته، أخدت تسير في مظاهرات تأييد له، محولة المنزل الذي حطمته بنفسها الى متحف يخلد ذكرى البطل الذي سكنه. هنا يصبح التأمل في الموت الذي سيطر على الزوج فيما مضى، إنغماس في ملذات السلطة يغذيه مقعد وثير يجلس عليه تحت قبة المحفل الذهبية. يسكن قصرا صغيرا ترتفع حيطانه من تلقاء ذاتها، لا يشاركه فيه سوى ذكريات زوجته التي اختفت عندما القي به في السجن. يعيه البحث عنها حتى يأتي من يخبره أن لا جدوى من البحث وأن quot;الذكريات اجمل من واقعها احياناquot;. فينساها منصرفا الى زرع عيون له وآذان في كل شبر على أرض الوطن باحثا عمن يعبث بجهاز الزعيم محركا الشارع عكس اتجاه إرادته. quot;إنه التطرفquot; قال للزعيم، مؤكدا له أن هذا التطرف لا يأتي من تلقاء ذاته، بل هناك سر عظيم وخطير وراءه، وقد اكتشفه.
رانية المعلم، مديرة النشر في دار الساقي وصفت الرواية بأنها: quot;مشغولة بتقنية عالية، تستلهم عوالمها الغرائبية من الشارع الغارق في متاهة ثوراته، لتطرح سؤال الحرية في سياق حكائي ممتعquot;.
إنها رواية في عالم متخيل، شأن معظم روايات النقشبندي السابقة، كما في اختلاس، وسلاّم، وليلة واحدة في دبي.
تصدر الرواية في حجم متوسط وتدور احداثها على مدى 266 صفحة.