يوسف يلدا ndash; سيدني: توفي موريس أندريه، أحد أشهر عازفي آلة الترومبيت للموسيقى الكلاسيكية في القرن العشرين، في إقليم الباسك الفرنسي عن 78 عاماً. وكان أندريه، الذي وافاه الأجل مساء يوم السبت الماضي، يعد أشهر عازف إنفرادي على آلة الترومبيت خلال القرن الماضي. ويبدو أنه حتى الآن لم تعلن عائلة الموسيقي الراحل عن أسباب وفاته. وكان أندريه منذ عام 2004، وبعد رحلة احتراف طويلة، قد توقف عن المشاركة في تقديم الحفلات مع الفرق الأوركسترالية للموسيقى الكلاسيكية التي اعتاد العزف معها لعقودٍ عدة.
ولد موريس أندريه في 21 مايو/ آيار عام 1933 في مدينة اليه جنوب فرنسا، وأجبر على العمل في المناجم خلال سنوات المراهقة، إلاّ أنه استبدل هذه المهنة بدروس في الموسيقى كان يتلقاها من والده الشغوف بالموسيقى الكلاسيكية. وتشير بعض المصادر الى أنه أصيب بمرض ذات الرئة عندما كان عمره 18 عاماً، واستطاع الإنضمام الى فرقة موسيقية عسكرية، وحصل على منحة للدراسة في معهد الكونسرفتوار في باريس. ومع مرّ السنين، وإثر تفوقه في العديد من المسابقات الخاصة بالموسيقى الكلاسيكية، تحول الى أشهر عازف على آلة الترومبيت، لا بل العازف الوحيد الذي استطاع تطويع هذه الآلة وجعلها من الآلات التي لا يمكن الإستغناء عنها في كونسرتات الموسيقى الكلاسيكية، على مدى القرن الماضي، ومرجعاً مهماً للعديد من العازفين الذين جايلوه أو أتوا من بعده. وقد قام أندريه بتسجيل أكثر من 300 اسطوانة مع كبار قادة وفرق الأوركسترا في العالم. وفي العام 1954 وضع الموسيقى التصويرية الخاصة بفيلم quot;لا ستراداquot; للمخرج السينمائي فيديريكو فيلليني.
ومن أهم الإنجازات التي حققها هذا الفنان الموسيقي المبدع إسباغ أهمية كبيرة على الآلة التي كان يعزف عليها، وإدخاله الترومبيت الصغير quot;بيكولوquot;ضمن المنهاج الموسيقي الباروكي، الى جانب حثّه العديد من المؤلفين الموسيقيين على وضع مقطوعاتٍ موسيقية تتآلف مع إمكانات آلة الترومبيت التي كان يعزف عليها. كان موريس أندريه يقول: quot;إن الترومبيت آلة صعبة للغاية، وتثير ردود فعلٍ متناقضة. فقد إستُعملت في الحروب، ويمكن أن تمنحنا نكهة النصر، والإستعراض. لكن، بمقدورها أيضاً تحفيز الفتيات على الرقص في المهرجانات الشعبيةquot;.
إن إحدى أبرز المحطات في حياة موريس أندريه، فوزه في عام 1963 بالجائزة المرموقة الخاصة بالمسابقة الموسيقية آي. أر. دي في ميونيخ، والتي لم يحصل عليها سوى عدد قليل من الموسيقيين في هذه الفئة سابقاً. ويروي عازف الترومبيت الإسباني مانويل بلانكو، الذي فاز، هو الآخر، بالجائزة ذاتها ، بعد مرور 48 عاما على نيل أندريه لها، والبالغ 26 عاماً، والذي يعتبر أحد تلامذة الموسيقي الراحل، ومن أشد المعجبين به، عندما زاره أندريه في منزله في (سان خوان دي لوث)، قبل عام مضى، يروي بلانكو متذكراً: quot;أندريه يعد بالنسبة لي أفضل عازف إنفرادي في القرن العشرين. كان إنساناً بكل معنى الكلمة، وذا تواضع شديد. كانت تلك ظهيرة رائعة، حيث عزفت له، ورغم أنه كان يسير على كرسي متحرك، ويبدو ضعيف البنية، فقد أشار الى نقاط ضعفي بحيوية فائقة. لقد كانت نوعية الأصوات التي يبدعها وموسيقيتها مذهلة. لم يأت من بعده ذلك الموسيقي القادر على نقل هذه المشاعر والأصوات وتسجيلها مثله. فقد استطاع أن يحيل الترومبيت الى آلة رئيسة. وإذا كنت قد تخصصت في هذا المجال، فإن كل الفضل يعود إليهquot;.

ومع بداية التسعينات، ترك عازف الترومبيت موريس أندريه باريس، ليستقر في إقليم الباسك الفرنسي، حيث إعتزل عالم الموسيقى تماماً، وكرّس جلّ وقته لجانب آخر من هواياته، الحفر على الخشب.
وحسب وكالة الأنباء إيفي، إن أندريه كان أعرب عن مواقفه تجاه الموسيقى الحديثة التي اعتبرهاquot;مجرد ضجيجquot;، تعيد بذاكرته الى أيام عمله في المناجم، ومضيفاً: quot;إن 60% من سرّ نجاحي يعود للموهبة، و40% منه للعمل. وحتى لو اشتغلنا بصورة متواصلة كالمجانين، وكما هو مفروض، فإن ذلك لن يأتي بنتيجة دون الإعتماد على الموهبةquot;.