عبد الجبار العتابي من بغداد: بدأ العديد من النحاتين العراقيين بالعمل على نصب وتماثيل عديدة للمشاركة في احتفالية (بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013)، وهي المرة الاولى التي يشهد فيها العراق مثل هذه الثورة النحتية، ان جاز التعبير، لتتزين بها ساحات بغداد وشوارعها، حيث ستكون هناك اعمال نحتية ضخمة فضلا عن عن تماثيل للعديد من الشخصيات العراقية المبدعة في مختلف المجالات الثقافية والادبية والفنية والسياسية والرياضية.

وتأتي هذه الثورة النحتية بعد ان أعلنت دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة العراقية أمس الأربعاء نتائج مسابقة النصب والتماثيل، ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013 وتضمنت اسماء الفائزين بـ (نصب العراق) و (كلكامش) والشخصيات الفكرية والادبية التي اسهمت في بناء العراق عبر تأريخه المعاصر، فيما اكد الدكتور جمال العتابي، المدير العام لدائرة الفنون التشكيلية: الوزارة تحرص على مشاركة جميع الفنانين بدون استثناء، وهي فرصة لنعيد نشاط النحاتين، هناك حراك في المجال الفني النحتي، وهي فرصة جميلة لكي يثبت النحاتون جدارتهم واظهار مهاراتهم الكبيرة في اعمال نحتية ستبقى خالدة في تاريخ ومعالم مدينة بغداد، مشددا على ان هناك وقتا محددا وملزما للفنان والجهد التي تنفذ معه في تقديم هذا العمل مع الافتتاحية الاولى لفعالية بغداد عاصمة الثقافة العربية وهذا شرط اساسي.

وكانت الاسماء الفائزة في المسابقة كما يأتي:
* مسابقة (نصب العراق): العمل الفائز الاول للفنان عباس غريب، والعمل الفائز الثاني للنحات صالح هادي، فيما حجبت الجائزة الثالثة.

* مسابقة (نصب كلكامش): فالعمل الفائز الاول للفنان هادي حمزة، والثاني للفنان مرتضى حداد والثالث لمحي خليفة، مع بعض التوصيات والتعديلات لهذه النصب.

* مسابقة الشخصيات: كانت الاعمال الفائزة هي: تمثال لمحمد غني حكمت سينفذه الفنان حميد نفل، والدكتور علي الوردي ينفذه انور صباح، كامل شياع ينفذه لطلال محمود، الشاعر بلند الحيدري ينفذه محمد عبد الرزاق، جواد سليم ينفذه احمد عبدالحميد سعيد، الشاعرة نازك الملائكة ينفذه هادي حمزة، الدكتور عبد الجبار عبدالله، اول رئيس لجامعة بغداد، ينفذه ايهاب احمد، الاب انستاس الكرملي ينفذه عاطف عبدالله، الشاعر مصطفى جمال الدين ينفذه مرتضى حداد مع بعض التعديلات، العلامة طه باقر ينفذه ايهاب احمد، نزيهة الدليمي، اول وزيرة عراقية، ينفذه هادي حمزة، الدكتور علي جواد الطاهر ينفذه صادق ربيع، الفنان فائق حسن والشاعر حيدر الحلي ينفذهما عبد الحميد سعيد.

** وهناك اسماء اخرى تنتظر مشاركة الفنانين، وسيظل الباب مفتوحا للفنانين لنحت تماثيل لشخصيات عراقية بعد ان تتم المصادقة عليها من قبل السيد الوزير، والمصادقة حاصلة ولكنه جانب اداري مطلوب، وهي: نصب الكرد الفيلية، عبد الكريم قاسم،الشاعر عبدالله كوران، الدكتور مصطفى جواد،احمد سوسة، هاشم الخطاط،الفنان عزيز علي، الشيخ احمد الوائلي، محمد بهجت الاثري، الشهيدة اطوار بهجت، الشاعر مظفر النواب، المؤرخ عبد الرزاق الحسني، الروائي غائب طعمة فرمان، السيدة القضائية صبيحة الشيخ داود، اللاعب عمو بابا، المؤرخ جواد علي، الدكتور الحكيم راجي التكريتي، محمد مهدي البصير،حقي الشبلي.

من جهته قال الدكتور جمال العتابي: ان دائرة الفنون التشكيلية واحدة من دوائر وزارة الثقافة وقد انيطت بها مهمة اختيار النصب والتماثيل لبغداد عاصمة الثقافة واعتمدت بذلك آلية متعارف عليها وهي الاعلان عن مسابقة بمشاركة جميع الفنانين والنحاتين، وكان هناك جانبان مهمان في هذه المسابقة، الاول يتعلق بنصب مهم وهو (نصب العراق) الذي سيشيد في ساحة الفردوس بشارع السعدون، والثاني يتعلق بالشخصيات المهمة لرموز العراق الوطنية والثقافية السياسية الذين تركوا اثرا في الحياة العامة لتاريخ العراق الحديث، وهذا ايضا جزء من مشروع وزارة الثقافة على تبني الاحتفاء بهذه الشخصيات وبهذه الاسماء وان يتحول هذا المشروع الى مشروع مفتوح دائما لاحتضان العديد من الاسماء كي تكون خالدة وحاضرة في تاريخ وامام الاجيال المتعاقبة.

واضاف: قلت اننا اعتمدنا آلية المسابقة، ود اخذت المسابقة وقتا طويلا ربما تجاوز الستة اشهر، فتحنا الباب لجميع الفنانين والنحاتين للمشاركة، وقد ارتأت الوزارة ان لا تستثني احدا، وبدأت المشاركات تصل الى دائرة الفنون، وكنا نأمل ان تكون هناك مشاركة من الفنانين العراقيين في الخارج، ولكن للاسف المدة طالت ولم نستلم اي عمل منهم مع اننا لنا ثقة كاملة بكل المشاركات والمساهمات من فنانينا ونحاتينا في الداخل، وتم الاعلان عن اختيار اعمال فائزة ومرشحة عن طريق لجنة تحكيم مكونة من عدد من الاساتذة والمختصين والنحاتين لا خلاف عليهم في الوسط الفني،وبدأت اللجنة الاولى باختياراتها واعطاء رأيها في الاعمال المقدمة، فكانت النتائج الاولى للجنة التحكيم لم تكن مشجعة، لاختيار نصب خاصة في موضوعة (نصب العراق) في ساحة مثل ساحة الفردوس التي كان مقاما عليها (الجندي المجهول) لمعماري وفناني معروف، فكان علينا البدء بمرحلة اخرى، وهكذا كانت الخطوة الثانية وتم تشكيل لجنة ثانية تضم اساتذة ومهندسين وفنانين ومعماريين لاختيار العمل الذي سيكون مرشحا للتشييد في ساحة الفردوس، ووقع الاختيار على عمل للفنان عباس غريب، وهذا الاختيار لا يعني ان الاعمال الاخرى ليست ذات قيمة فنية او غير موفقة، لكن اللجنة اعتمدت مواصفات محددة ومعروفة تم من خلالها ترشيح هذا العمل، علما ان الوزارة والدائرة تعتزان بكل الاعمال الفنية التي قدمت لاننا نجد ان رؤية العراق او فهمه او قراءته تختلف من فنان الى اخر ربما، ولذلك ربما تحول هذا العمل الى تجريدي او واقعي واضح ومباشر او الى عمل فيه رموز ودلالات ايضا.

وتابع: ليس من السهل ان نقول ان هذا العمل افضل، لكننا نحترم كل الجهود وكل المشاركات التي تقدم بها الفنانون، لكننا نحرص ان يتجسد في العمل الفني تاريخ وموروث وحضارة وثقافة مكونات العراق وفي الوقت نفسه نحرص على اننا بلد يمتلك خلفية حضارية نحتية فنية تمتد الى اشور وسومر وصولا الى جواد سليم واسماعيل فتاح الترك وخالد الرحال وغيرهم، هذا الارث الفني الثقافي يحتم علينا ان تكون الاعمال الفنية امتداد لمنجز الفن العراقي الذي ترسخ وتعزز واصبح علامة مميزة في الفن التشكيلي العالمي.

وأكد: الشيء المثير واللافت للانتباه هو ان هناك عددا كبيرا من الشباب الفنانين اعطوا قدرة فائقة ومتميزة في اعمال نالت الاعجاب والنجاح، ورشحت اعمالهم لمشروع نصب وتماثيل بغداد عاصمة الثقافة العربية، وهذه يدعو للتفاؤل على ان هذا الفن سيتواصل على هدي ما قدمه الرواد الاوائل.

وقال العتابي ايضا: قد يبرز تساؤل من احد: هل هذا العمل هو الافضل والاحسن ؟ نقول هذا متروك للجنة ولكن يمكن لي ان اقول: هل يمكن الاتفاق في كل الاحوال، لايمكن تحقيق الاتفاق على اي عمل فني بدرجة 100 % نهائيا، لكننا لو حققنا قدرا من الاجماع على عمل فني ربما يتجاوز الـ 75 % نستطيع ان نقول ان هذا العمل مقبول، وهذا الذي لم يتحقق في المحاولة الاولى، ولذلك كان هناك قبول لعمل قدمه احد الفنانين الشباب، وهذا يدعو للاعتزاز.

من جانبه عبر الفائز بنصب العراق عباس غريب عن سعادته بالبالغة باختيار عمله ليزين مكانا مهما من بغداد، قائلا: لي عظيم الشرف ان يكون نصبي هو الفائز، وانا بالتأكيد سعيد بشكل كبير بهذا الانجاز.

وقال عن عمله: العمل يجسد على مساحة 68 متراً وبارتفاع 21 أمتار يتكون من عاملين، الاول جدارية تضم كل الحضارات العراقية ولم استثن اي شيء، والجزء العلوي المعدني ويضم اربعة ابواب لبغداد،وهناك التلاحم الموجود الذي نهاياته تعبر بشكل تجريدي الى النخلة العراقية ويضم 18 تكوينا دلالة على 18 محافظة عراقية، والجدارية استوعبت العديد من الاشياء منها اول رقم انتجته البشرية، كما انني راعيت القيم الجمالية وربطتها بشكل على اساس النهرين الخالدين دجلة والفرات ممتدان حول النصب ليلتقيان في شط العرب حيث ارتأيت ان يكون احد الابواب الاربعة على شكل شلال هنا، وأهم ما اكدته عليه ان العراق واحد ومتماسك

واضاف: مادة النصب، الجدارية من البرونز ومساحتها 168 مترا، ارتفاعها 6 أمتار والباب العباسي ارتفاعه 5 أمتار، العمل فيه معاملة حديثة، لاتوجد حتى في النصب الموجودة في الشرق الاوسط، وهي معاملة انارة الليلية بالاشعة الليزرية لان بغداد والعراق دائما هما مصدر اشعاع، اما الجزء المعدني فمن مادة غير قابلة للصدأ على اساسات كونكريتية بقطر 12 مترا دائري وتتخله انارة في كل الاتجاهات، وهذه تعطي جوا جماليا مضاعفا للنصب، وهناك مقتربات عادية مثل الحدائق والممرات والنافورات وهناك محيط مائي بعيد، النصب الجديد يجسد على مساحة 68 متراً وبارتفاع 6 أمتار ويحوي باب عباسية بذات الارتفاع، وهو يمثل شكل دائري هندسي بـ18سعفة تمثل المحافظات العراقية،وهو مزود بأنارة ليلية ليزرية ويقع على بحيرة من الماء الذي يحيط به من كل جانب، وفي الوسط عمود ارتفاعه 17 مترا تتخله انارة تدور بطريقة تعطي اشعاعات اعرض من الاخرى.

يذكر ان الفنان عباس غريب خريج معهد الفنون الجميلة ndash;بغداد 1965 وكلية الفنون الجميلة بغداد 1989، عضو جمعية التشكيليين العراقيين و جمعية الخطاطين العراقيين و نقابة الفنانين العراقيين شارك في اغلب المعارض داخل العراق وخارجه من بينها المهرجان الاول لمنتدى الشباب 1984 ومهرجان الشباب الاول 1985، ومهرجان بغداد الدولي الثاني 1988 ومهرجان يوم الفن 88- 1989 ومهرجان بيروت 2000 وله ثلاث اعمال خزفية في مركز الصداقة والسلام في بكين.