تحتاج الموسيقى المغربية في مختلف ألوانها إلى الكثير من الدعم، إلى كثير من الجهد، وتحتاج إلى غيرة كبيرة من قبل الجمهور والفنانين أنفسهم، سواء كانوا ملحنين أم موزعين موسيقيين أم مغنين ومطربين.. وحتى مدراء الإذاعات الخاصة والمسؤولين عن الأقسام الموسيقية فيها يجب أن يتمتعوا بثقافة موسيقية مغربية تميز كل لون عن الآخر، ثقافة موسيقية يمكن أن تعيد للموسيقى المغربية مكانتها في صفوف الجمهور الذي أصبح لا quot;يطربquot; إلا على إيقاعات الموسيقى الغربية التي تتضمن كلمات بالدارجة يرددها quot;فنان أو مرددquot; مغربي.
خلال الأسبوع الماضي، أعلنت شركة quot;ميديتيلquot; أنها ستطلق مشروع quot;مروكو ميوزيك أووردزquot; بتعاون مع ثلاث إذاعات خاصة quot;شذى إف إمquot; وquot;هيت راديوquot; وquot;راديو دوزيمquot;، مبادرة محمودة ومميزة خاصة أن جل المشرفين عليها صرحوا وأكدوا خلال الندوة الصحافية أن نتائج المسابقة التي تعتمد على تصويت الجمهور حول مجموعة من الأغاني المختارة ستستفيد منها الأغنية والموسيقى المغربية في كل تنوعاتها، لكن بتصفح تصنيفات الأغاني التي اختيرت للمسابقة نجد أن الإيقاعات المغربية الموسيقية اختزلت في quot;فئة الموسيقى التقليديةquot; ويمثلها عبد الرحيم الصويري وحياة بوخريص والراحل رشيد المراكشي، وquot;فئة الأغنية العصريةquot; ويمثلها سعد لمجرد وأسماء لمنور وهدى سعد، وفئة quot;الموسيقى الشعبيةquot; ويمثلها كل من رشيد المريني وسعيد الصنهاجي والحاج مغيت، أما باقي الفئات فهي مرتبة على الشكل التالي quot;الراب هيب هوب آر إن بيquot; وquot;البوبquot; وquot;الفيزيون والروكquot; وquot;الموسيقى الإلكترونيةquot; وكل فئة يمثلها ثلاثة فنانين شباب نحترمهم جميعا في اللون الذي يؤدونه واختاروه لمشوارهم الفني، لكن أين هي الموسيقى المغربية في إيقاعاتهم؟ فليست الجنسية المغربية والدارجة التي يغنون بها معيارين يمنحان لهم صفة أنهم يغنون الأغنية المغربية، لأن الأخيرة هوية تتشكل من إيقاع موسيقي وشعر أو زجل..
وبتمحيص النظر في الفنانين الذين اختيروا حسب المسؤولين عن المشروع في فئات الموسيقى الشعبية والعصرية التقليدية، يتبين بالملموس أن المشروع لن تكون له ثمار جيدة على الموسيقى المغربية وماضيها العريق، لأنهم اختيروا بحسب درجة قربهم من مدراء تلك الإذاعات وعلاقاتهم الخاصة، وليس حسب نسب مرورهم المرتفعة في أمواج تلك الإذاعات وجديدهم الفني، ومتى كانت نسب الاستماع معيارا للجودة؟
فأي جديد للفنان الراحل رشيد المراكشي الذي توفي سنة 2012؟ كما نعلم جميعا أن المطرب عبد الرحيم الصويري ليس له أي جديد، حيث إنه دائم الشكوى من القرصنة، وهي سبب عدم طرحه أي جديد، مثله مثل حياة بوخريص.
أما فئة الشعبي، فقد ضمت أسماء لا علاقة لها بالشعبي القح للمغاربة، الصنهاجي والمريني ومغيث يغنون الشعبي العصري الخفيف الخاص بالأعراس، والأسماء التي تستحق أن تكون في المسابقة يجب أن تكون من طينة الفنانين الذين يغنون الإيقاع الشعبي بدون روتوشات عصرية. وحتى إن وجدت فستكون خفيفة وليست سائدة.
الموسيقى المغربية تحتضر وتحتاج إلى مشاريع وبرامج ومهرجانات وطنية مشبعة بالغيرة على غناها الثقافي.. وليست في حاجة إلى مسابقات تعتمد على الرسائل القصيرة والطويلة وربح مادي ينخر الهوية ويشوه سماتها.
المغرب
التعليقات