تبادل حديثا مقتضبا مع الشرطي اثناء استلام الاغراض الشخصية من قسم الامانات ثم توجه الى ركن الغرفة خلف ستارة متهالكه وخلع الافرول الازرق(الميرى) &وارتدى ملابسه &المدنية القديمة ،وعلى غير العادة فى مثل هذا الموقف لم يكن فى عجلة من أمره سلم الافرول وبقية العهدة للشرطى ووقع فى الدفتر العريض متآكل الحواف وناول القلم للشرطى والقي سلام مقتضب وغادر غير متعجل متبوعا من الشرطى بنظرة تساؤل ،توجه الى الكانتين لاستلام إخلاء الطرف من المديونية تمهيدا للخطوة الاخيرة وهى استلام مستحقاته من الخزينة والتوقيع فى مكتب الضابط النوبتجي لتبدأ المراسم الاخيرة لتشييعة الى بوابة الحرية.&

&بظهر عقلة &السبابه اليمنى نقر برفق على باب غرفة الضابط وظل واقفا ،بدا الضابط وكأنه يعرف من القادم ولماذا حيث كان فى اللحظة عينها يدون &فى دفتر الاحوال بيانات &واقعة الافراج الوحيده المقررة اليوم عن سجين واحد & وبينما لا يزال واقفا أمام الباب قام الضابط وعدل ثيابه وسأله إن كان يرغب فى توديع أحد من زملاؤة &فتمتم بكلمات شكر مبهمه فأشار له الضابط بإيماءه مفهومه فتقدم وتناول القلم الجاف ووقع حيث أشار له الضابط الشاب بطرف سبابته على موضع فى نهاية صفحة دفتر الاحوال .

&منذ علم خبر الافراج عنه قبل أسبوع وكان متوقعا نظرا لاستيفاء كل الشروط من حيث المدة وحسن السلوك ونوع القضية وتذكية إدارة السجن ..إلخ &انفجرت كوامن كثيرة داخل نفسه الحزينة حيث &خروجه بعد عشرين عاما &الى عالم جديد تغير على مدى هذه السنين الطويلة لهى مغامرة او على الاصح مقامرة غير محسوبة على الاطلاق لرجل على مشارف الستين، فهو لن يبدا حياه جديدة فى هذه السن ومعارفه نسوه وقطع هو بارادته كل علاقة له خارج الاسوار منذ زمن بعيد لكن هذه اللحظه وان كانت متوقعة إلا أنه تناساها عامدا ، وقد كان يستغرب حالة الفرح الطاغى لزملاء سبقوه عندما يعلموا بخبر الافراج عنهم.

& & & &استساغ صاحبنا هذا النمط من الحياه &يتبع اللوائح والقوانين بكل دقة وينفذ مايكلف به بكل احتراف ممكن ويتعامل مع زملاؤه باحترام وجديه ويمارس أنشطة منتجة فى ورشة السجن تدر عليه مايكفيه مما ظلله بمظلة حماية ثلاثية الابعاد &سبغها عليه رؤساؤه &وزملاؤه والقانون .

انتهت اجراءات الافراج الروتينية المعتادة وتوجه الجميع فى شبه موكب صغير &الضابط النوبتجى والبلوكامين يتوسطهم هو &وخلفهم بعض الزملاء (السابقين) العاملين فى نظافة فناء السجن مع بعض التهانى والتعليقات المرحة المشوبه بالحذر.

بدأت &مشاعر القلق تتصاعد &مع اولى خطوات المسافة من سلم مدخل المبنى وحتى البوابة الرئيسية &وكلما اقتربت البوابه كلما جثمت على صدره مشاهد واحداث كان يظن انها محيت وصلوا الى خط النهاية وبيد باردة ووجه ممتقع صافح الجميع وعندما فتحت البوابة الحديدية وخطا خارجها وسمع صوت ارتطامها تغلق خلفه أحس كانة جنين خرج من رحم امه ضربت عيناه اشعة شمس مغايرة واخترقت اذناه ضوضاء غريبه ونفذ الى انفه روائح لم يعتدها وفجأة استدار واخذ يضرب البوابة الحديدية بكلتا يديه وانتابته نوبة بكاء هستيرى وأخذ &يصيح باعلى صوته ....افتحوا الباب......افتحوا الباب