انعكس التقدم الاقتصادي الحديث في دول آسيا بشكل سلبي على المرأة تحديدًا، وسجل تراجعًا في مؤشرات قياس الفروقات بين وضعي المرأة والرجل.
إيلاف: تغطي قارة آسيا مساحة واسعة في الكرة الأرضية، ويعيش فيها عدد هائل من السكان، وفيها دول عديدة لها وتيرة تطور متباينة، وهي تواجه مشاكل متشابهة أحيانًا، ومختلفة أحيانًا أخرى، رغم كونها تتجمع في منطقة واحدة.
لا يتفق الكل على حدود هذه القارة بشكل عام، ولا على حدود أقاليمها العديدة، مثل جنوب شرق آسيا ووسطها وجنوبها، وأي الدول تضم دون أخرى.
تمر آسيا كقارة بمرحلة تغيرات سكانية واجتماعية كبيرة، حسب قول متخصصين، لكن الحديث هنا لن يشمل قضايا عديدة، بل سيقتصر على نسائها بشكل خاص، وهن اللواتي يمثلن ربع سكان العالم بالتحديد، أي إن هناك إمرأة آسيوية من بين كل أربعة أشخاص في العالم.
دول تشيخ وأخرى تتجدد
أسئلة عديدة تُطرح عن نساء هذه المجتمعات في ظل العولمة والتطور التكنولوجي، وفي ظل الأحوال الاقتصادية والمعيشية الصعبة رغم كون هذه الظروف تتباين من دولة إلى أخرى.
فهناك دول لا تجدد سكانها، ويشيخ مواطنوها، مثل كوريا الجنوبية وهونغ كونغ واليابان وتايوان، فيما تشهد دول أخرى تضخمًا في عدد رجالها مقارنة بعدد نسائها، مثل الصين وفيتنام.
أما الهند فمن المتوقع أن تحتل المرتبة الأولى في قائمة أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان في غضون عشر سنوات. ويأتي الحديث عن هذه القارة العجوز ذات التاريخ شديد القدم، بمناسبة صدور كتاب جديد ضمن سلسلة "آسيا بشكل مباشر"، التي يشرف عليها المؤرخ المتخصص باليابان جون ماري بواسو.
الكتاب من تأليف الصحافية والكاتبة آن كاريغ، التي أمضت أكثر من عشرين عامًا في منطقة الشرق الأقصى، وسبق وأن أصدرت كتبًا عديدة عن الصين واليابان.
1893 مليون إمرأة
الكتاب الجديد يحمل عنوان "إمرأة في آسيا"، وخصصته الكاتبة لمجموعة 1893 مليون إمرأة، مع التركيز على ثلاثة بلدان، هي الصين والهند واليابان، واستثناء دول جنوب شرق القارة ووسطها.
ولأن كاريغ أمضت سنوات طويلة في هذه المنطقة تمكنت من إعطاء صورة جيدة عن الأسر الآسيوية وخصوصياتها، حيث شرحت طريقة تربية الفتيات في هذه المجتمعات، ثم وضع المرأة في سوق العمل، وموقعها في الحلبات السياسية، وحتى سبل استغلال النساء كعاملات مهاجرات أو في صناعة الجنس.
تبدأ الكاتبة أولًا بطرح حقائق سكانية عامة عن هذه البلدان، ثم تخصص لكل القضايا السابقة فصولًا خاصة ضمنتها معطيات عديدة اعتمدت فيها على إحصاءات ووثائق ودراسات محلية ودولية ورسمية، وهو ما منح الكتاب قيمة توثيقية عالية.
يتضمن الكتاب معلومات واسعة مع بيانات وأرقام عن الفروقات بين الرجال والنساء في مجالات الصحة والاقتصاد والتعليم والسياسة، حيث نكتشف مثلًا أن أقل الفروقات تسجل في دول مثل الفلبين ولاؤوس وفيتنام وبنغلاديش والهند، وجاءت كلها في المرتبة 7، فيما احتلت دول متطورة، مثل ماليزيا، المرتبة 106، واليابان 111، وكوريا الجنوبية 116.
نلاحظ أيضًا أن نسب الأمية أعلى بين النساء في دول، مثل منغوليا والفلبين. ويمكن قول الشيء نفسه عن معدلات تردد الفتيات على المدارس الثانوية. أما أعلى هذه المعدلات فنجدها في دول، مثل بنغلاديش ومنغوليا والنيبال وسريلانكا وتايلند.
أما في الصين فطرحت الكاتبة تساؤلات عديدة عن النتائج السلبية المحتملة التي قد تترك أثرها على حياة الفتيات والناجمة من تخلي السلطات عن سياسة الطفل الواحد. وفي الصين أيضًا نكتشف أن أكبر عدد من طلاب الجامعات فتيات، وهو ما دفع بعض الفروع إلى فرض حصص معينة في محاولة لخلق توازن بين الجنسين. أما أكبر عدد من الحاصلات على شهادات الدكتوراه فهن فتيات الفلبين ومنغوليا.
ما يثير الدهشة أكثر هو أن أكثر من 40% من فتيات ماليزيا ومنغوليا والفلبين وسريلانكا اخترن دراسات علمية وتكنولوجية، في حين تبلغ النسبة في اليابان 14% فقط، وفي كوريا الجنوبية 21%.
تتوصل الكاتبة إلى أن المجتمعات الأكثر تطورًا على الصعيد الاقتصادي ليست هي التي تمنح النساء موقعًا حقيقيًا في المناصب الإدارية العليا في الشركات والمؤسسات الحكومية. ففي اليابان وكوريا الشمالية مثلًا، تشغل النساء 10% فقط من هذه المناصب.
وترى الكاتبة أن التقدم الاقتصادي الحديث في هذه الدول انعكس بشكل سلبي على المرأة، وسجل تراجعًا في مؤشرات قياس الفروقات بين وضعي المرأة والرجل.
التعليم
على صعيد التعليم نجد أن ربع الفتيات اللواتي لا يترددن إلى المدارس الابتدائية في العالم يعشن في منطقة جنوب آسيا التي تشمل أفغانستان وبنغلادش وبوتان والهند والمالديف والنيبال وباكستان وسريلانكا.
ما يزيد الوضع سوءًا هو أن فقر هذه المجتمعات وأسرها يخلق ظاهرة تزويج الفتيات في سن مبكرة، وبالتالي لا غرابة في أن تكون نسبة النساء اللواتي يشغلن مناصب مهمة ومتقدمة في دول، مثل باكستان وبنغلاديش، 3 و5% فقط.
من الحقائق الصادمة الأخرى التي نكتشفها في هذا الكتاب هو ارتفاع عدد حالات انتحار النساء في المناطق الريفية في الصين، ثم النتائج السلبية جدًا التي تعانيها المرأة الصينية بسبب قانون الإحالة على التقاعد عند بلوغها الستين من العمر.
ونكتشف أيضًا أن 10% من الصينيين يستخدمون مواقع التعارف بين الجنسين على الانترنت، وأن النساء يواجهن صعوبات جمة في حيازة ملكية عقارية، ويواجهن تمييزًا واضحًا في مجال الحصول على قروض صغيرة وميسّرة لأغراض تتعلق بالأعمال.
أعدت "إيلاف" التقرير نقلًا عن "نو فيكسيون"، تجدون المادة الأصلية منشورة على الرابط:
https://www.nonfiction.fr/article-9239-525-des-femmes-dans-le-monde-sont-asiatiques.htm
التعليقات