الجزء الثاني

- ما هو الدافع الرئيسي الذي حثكم الى احتضان السوريالية كمرجع فكري وابداعي لنشاطاتكم المعاصرة.
جاء على غلاف العدد الأول من مجلتكم الرغبة إباحية عام ١٩٧٣ مقولة
" ان تعشق الحب…. ستحب السريالية"
أؤمن بهذه المقولة الشاهدة على أزلية السريالية، ان تتوحد مع الحب وتعريه من الملوثات الإجتماعية الواقعية الزائفة والهشة. سيظل مفهوم السريالية الأزلية في أي مكان وأي زمان أبرع السبل لفتح مستقبل للعقل أوسع من حاضره،
في الحقيقة نحن ننظر للسريالية الأولى، سريالية بريتون كمبتدأ متحرك لنشاطاتنا المعاصرة وليس كمرجع ثابت يجمدنا في حالات تقنية اختلفت ظروفها عن الواقع الحالي، لا ترتبط السريالية بمركزية زمنية، أو مكانية، على النقيض تماما ففي الجوهر الاسطوري للسريالية انها ضد الهتلرة المتشنجة لظروف المكان والزمان. ترتفع السريالية إلى النقطة العليا حيث حل كل هذه التناقضات.
لكن المساحة البيلوجية في لا وعي الانسان تكاد تكون ذاتها، وربما في الحيوان أيضا، لدي اهتمام بحثي بخصوص أحلام الذئاب والكلاب، الحيوانات لها سرياليتها الشاسعة والخاصة.
السريالية مغامرة دائمة التغير وإعادة التشكل بتغير الواقع الخيالي للإنسان
لكن ربما استمر اعداء السريالية بلا تغيير كما هم بنفس الوجوه والهويات والمرجعيات والتوابيت. لكن اختلف الجلد الزمني، قامعي المخيلات مومياوات تتوالد لقرون،
ما يهمنا في السابق من تاريخ الحركة السريالية هو تجنب الأخطاء التاريخية في المسارات التي عطلت السريالية العالمية لبضعة سنوات سواء بصبغها بخطابات نفعية دعائية او تقييدها بسلطوية خيالية مقنعة تربطها في شلل الواقع،
. نحن نمارس السريالية في كوكب سريالي، لا يعني أن تكون سرياليا أن تكون جنديا او عضوا أو عضوة في خطاب واقعي ما،. لكن هويتك السريالية أنك تملك مساحة شاسعة في لا وعيك تستطيع ان تخلق فيها واقع موازي بكائناته الشعرية تنحل فيه كل التناقضات التي تحبس الخيال، وتذوب فيه كل رقابة ذاتية أو جمعية. بالطبع دون تجاهل الانحيازات الاجتماعية للسريالية.
إن تصورنا عن السريالية يشمل اليقين بأن الفعل الشعري السريالي بكل أشكاله هو فعل أسمى بحرية مساحاته اللا واعية، وتداعيه العفوي للصور السريالية والذي يزاوج كل صيغ الحياة اليومية، في مساحة بعيدة خاصة خارج الغلاف الجوي الضبابي للواقع اليومي.
ليخلق حيوات جديدة تنحل فيها كل التناقضات
بالنسبة لي شخصيا السريالية مطرقة حاسمة لهدم سجون اللغة القائمة والقاموس المعاش وربما لاسقاط السلطة اللغوية للنحاة ورجال اللغة الاكاديميين حراس سجون الخيال، حتى اللغة البصرية المستعبدة. السريالية تمرد ضد الأصول اللسانية وتمرد ضد تكلس المستقبلات البصرية السائدة، أول سجان على بوابة عالم الإنسان الباطني يقف خلف عينه. نحن نطمح للقطيعة الكاملة مع هذه الأصفاد /الأصول / التماثيل سجانة المخيلة الحرة للإنسان، للقطيعة مع الملوثات التي تخفي قوة سلطة الشعر الخالص المطلقة، وقدرته المكبوتة، إعادة الإعتبار للغة كمفهوم شامل للحرية عبر اسقاط سجانيها من أحد اهدافنا.
بالاستهانة بهذا المنطق اللغوي السجين وتوجيه سهام الفكاهة السوداء تجاهه فإننا ننخلع منه الإنخلاع التمردي المراد.
سنسعى لتكون السريالية كل شئ في وسع خيالنا ابتكاره وعلى جانب آخر فبعد موت بريتون أصبحت أزلية السريالية الحتمية تستدعي التطوير الدائم في وسائل استدعاءات السريالية كمفهوم فلسفي شامل، بعد عام 1968والانقسامات التي حدثت في الحركة السريالية وجائت اطروحات فنسنت بونور وجين شوستر والمعارك المختلفة التي دارت حول أزلية السريالية وتغير وتطور مفاهيمها، او حتى الخلافات السياسية التي حدثت بين السرياليين في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، كل هذا أدى إلى دفع السريالية إلى اراضي جديدة وملاعب جديدة طورت من بنائها الفلسفي وجعلته في الكثير من الأحيان يستمر في السباق مع الزمن
ليسبقه في النهاية كالعادة.
التقف نشاطكم السريالي في السبعينيات والثمانينيات كمجموعة سريالية عربية في باريس السريالية بعد العاصفة، ليضخها في الشعيرات الدموية للتاريخ الخفي للمخيلة العربية من جديد كلهيب تمردي خيالي. لتعري تماما زيف العقل العربي في السبعينيات ثم الثمانينيات في ثورة فلسفية وفنية وأدبية تهابها المخيلات المرتعشة حتى الآن وتذيب عقل كل من يفكر في خنق حرية الخلق.
وبالنسبة للسريالية العالمية
فقد دخلت طورا جديدا للحياة في نهاية التسعينيات وبداية القرن الحالي، طور الربط الشامل والواسع للسريالية بالتكنولوجيا وأدواتها المعرفية والتواصلية وربط كل ذلك بكافة العلوم المترابطة.
حتى وان بقى هذا النشاط بعيدا عن أعين المشلولين عقليا وخياليا.
نحن نسير في ذاك الطريق، ربط السريالية بالعلوم والتكنولوجيا لنكمل طريقكم بوسائل اللحظة الراهنة. حتى على مستوى الفنون البصرية.
لا يمكن تصور الطاقة التخيلية التي يمكن أن ينتجها هذا الإتحاد الحر.
السريالية /العلم /التكنولوجيا

-كيف جاءت فكرة "الغرفة"
مغناطيس الصدفة الموضوعية كالعادة، لكن لا صدفة معزولة عن أسباب ميلادها
الغرفة كان عنوانا لمجموعة كولاجات صنعتها عام ٢٠١٦ وحتى أنني نسيت عنوانها حين أطلقنا على المجلة أسم الغرفة
بحلول منتصف عام ٢٠١٧ بدأت علاقاتي تتطور بسرياليين منفردين حول العالم ومجموعات سريالية معاصرة، ربما كولاجاتي بدأت تصل لهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وقتها اندهشت من حجم نشاط الحركة السريالية العالمية المعاصرة وانعزالية حركة النقد والأدب والفن في الشرق الأوسط عن هذا النشاط الحي والمتجدد
ربما كانت فكرة إصدار مجلة سريالية في الشرق الأوسط وقتها تبدو بعيدة المنال لاعتبارات عديدة.
وفي بداية عام ٢٠١٩ استيقظت من نومي بفكرة إقامة معرض فني للسريالية العالمية المعاصرة في القاهرة. عرضت الفكرة على غادة كمال وتحمست وحماسها اشعلني بالإصرار على تحقيق هذا المستحيل،
وبالفعل أخذت رأي مجموعة من السرياليين المعروفين عالميا ووجدت حماس غير طبيعي لما يمثله الشرق وتمثله افريقيا من مكانة خاصة لدى السرياليين، وجدت تجاوبا كثيفا من سرياليين في شتى أنحاء الكوكب، أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وبدأ كبار السرياليين في العالم ومنهم سرياليين لهم بصمة تاريخية في الحركة السريالية العالمية في الستينيات والسبعينيات في الحماس لهذه الفكرة، لكن للأسف اصطدمت بالواقع الذي كنت أحاول أن أتناساه، لم نستطع أنا وغادة كمال تنفيذ المعرض لأسباب عديدة منها أننا لم نسطع أن ننفذه تنفيذا مستقلا تماما دون اي شبهة ربحية، كما أننا كنا وحدنا تماما بلا أي امكانيات ولم نكن نستطيع تنظيمه في الشارع مثلا في مجتمعات كمجتماعاتنا،
بعدها ناقشنا فكرة إصدار مجلة سريالية باللغة العربية بصيغة البي دي أف، غير ربحية ومستقلة تماما، كنا وقتها نتعافى من خيبة الفشل في تنظيم المعرض، لكن جائت اليد العليا للصدفة الموضوعية، تعرفت على الفنان السكندري السريالي ياسر عبد القوي في حفل توقيع كتاب خلود المحبة للأستاذ سمير غريب، كنا نحلم بهذا اللقاء منذ ما يقارب العشرون عاما دون أن نعرف بعضنا البعض. ياسر فنان تشكيلي سريالي وشاعر وباحث استثنائي. تنين سريالي كان ينتظر اي راىحة سريالية لينتفض. عرضت عليه الفكرة، صعب وصف الحماس الذي كنا فيه،. لا كلمات تعبر عن هذه اللحظة، أعلنت أننا نفكر في اصدار منشور سريالي، ياسر عبد القوي، غادة كمال، محسن البلاسي، ثم…….. سطع في الأجواء عويل ذئبتين سرياليتين
" الشاعرة والمترجمة الجزائرية عنفوان فؤاد"
والفنانة والكولاجيست والفوتوغرافية السورية تهاني جلول
وتكون المجتع الذئبي الاولي لمجموعتنا
ربما منذ آلاف السنين، عرف الناس المهارة المرعبة لقطيع الذئاب عند البحث عن الفريسة.
هكذا تعاملنا مع الفكرة
تأسيس مجموعة الشرق الأوسط وشمال افريقيا السريالية لتكون مجلة الغرفة لسان حالها.
هناك حجم أمثل لتكوين نبتة مجموعة سريالية أربعة أو خمسة ذئاب وذئبات بالغين
هكذا كنا وياسر وغادة وعنفوان وتهاني وأنا في البداية.
ثم تجمع حولنا الذباب الإنتهازي الذي يريد أن يتخذ من السريالية أو من التقرب منا غطائا لتحقيق مكاسب تخص أمراض حب الظهور أو الشهرة المجوفة او استعراض الغرابة السخيفة والجنون المصطنع وكل هذه الأمراض الوبائية التي تتشبع بها الأوساط الأدبية والفنية العربية.
لكننا سحقنا كل هذا الذباب المزعج سريعا ومضينا في بناء أول عدد من الغرفة، وبالفعل كما وصفته حضرتك في مقالك عن الغرفة كان ناطحة سحاب من غرفة واحدة شارك فيه أكثر من ستين او سبعين سريالي، والعديد من الفنانين والشعراء من أماكن كثيرة حول العالم. وبعد صدور العدد الأول انضم للمجموعة الشاعر الفنان والمترجم الفلسطيني المقيم بنيكاراجوا فخري رطروط والشاعر العراقي الدادائي زيدون الرائي. ومؤخرا المصور المصري وليد فكري.
والآن نحن في محطة الاستعداد لإصدار العدد الثاني من الغرفة بنسخه الانجليزية والفرنسية والعربية تحت عنوان
السربالية وأفريقيا
الخيال السريالي الأولي لأفريقيا.
والذي سيصدر هذا الشهر وسيكون إصدار مشترك ل
La belle inutile editions
Rê platform
Sulfur surrealist jungle

لن نتحدث عن تفاصيل العدد كثيرا فقد اقتربت العاصفة


- ألا تعتقد أن السوريالية قد حققت ما جاءت من أجله؟ ويجب تغيير الانتماء الى مبادئها؟
"نحن جميعًا تحت رحمة الحلم ونحن مدينون لأنفسنا بأن نتحمل قوته في حالة اليقظة.
إنه طاغية فظيع يرتدي المرايا والبرق
ما هو الورق والقلم، ما الكتابة، ما هو الشعر أمام هذا العملاق الذي يحمل عضلات السحب في عضلاته؟
أنت هناك تتلعثم أمام الأفعى، متجاهل الأوراق المتساقطة والفخاخ الزجاجية، تخشى على ثروتك، على قلبك ومتعتك، وتبحث في ظل أحلامك عن كل العلامات الرياضية التي ستجعلك تموت بشكل طبيعي "
الثورة السريالية / الأول من ديسمبر ١٩٢٤
للسريالية أذان طويلة تشفط كل ما حولها من مكان وزمان
لا تقدم السريالية نفسها على أنها عرض لعقيدة ثابتة، يجب توقع كل شئ من المستقبل.
الخطيئة الكبرى دائما كانت اعتبار السريالية "طليعة فنية" وتجاهل الطبيعة الواضحة والدائمة للسريالية كمساحة بيلوجية داخل العقل الإنساني تكمن فيها عوالم اللا وعي الحرة.
بالطبع الجثث النقدية والاكاديمية السلعية او التدجينية ربما تشعر بالخوف من السريالية دائما كما كان الحال وسيكون فتصفها بأوصاف مثل طليعة فنية لمدرسة عفا عليها الزمن. محاولين إخفاء الماهية الحقيقية للسريالية.
هل ستنتهي محاولات الإنسان لتحرير وعيه ولا وعيه؟ بعد مائة عام؟ ألف عام؟ مليون عام؟
السريالية وجودها أزلي داخل العقل الإنساني، وجود بيلوجي، رغبة دائمة التجدد.
هل سينتهي سحر الصدفة الموضوعية ؟
الجوع للتحرير الشامل للرغبة ؟
إن لتاريخ السريالية ووجودها جانب خطي يمثل واحد من المليون من وجودها الحقيقي والأزلي في الحياة اليومية.
ولو وضعنا السريالية كمفهوم في نقطة موازية مع تاريخ العالم ستتفوق السريالية على هذا التاريخ بتفوقها على الواقع وحل تناقضاته.
السريالية بكل تطوراتها المستقبلية هي المطرقة السحرية الوحيدة التي ستكسر قضبان السجن التخيلي لدى الفرد أو الجمع.
وبالنظر إلى توحش الرأسمالية النيوليبرالية وما يصاحبها من بنى "اجتماعية تسليعية لخيال الانسان "،
يمكن القول إن السريالية اصبحت اكثر أهمية من أي وقت مضى لتحرير خيال الفرد.
ما الذي تغير في أوجه القوى القامعة للإنسان وحريته وخياله منذ عام ١٩٢٤ حتى الآن؟ لا شئ.
ازداد الإلحاح على التواجد الكثيف للسريالية لتحرير المخيلة الإنسانية.
إن كل حقائق علم المورفولوجيا ‏ أو علم التشكل في علم الأحياء و هو علم يهتم بدراسة شكل وبنية الكائنات الحية وخصائصها المميزة من ناحية المظهر الخارجي، وكذلك شكل وبنية الأجزاء الداخلية، تتوافق مع ماهية السريالية وعلم النفس البيلوجي. حتى حركة تكيف وتغير الطاقات النفسية المتحركة مع العوائق التي تخلقها البيئة هي حقائق بيلوجية تماهيت معها السريالية وصنعت مدخلا شاسعا لفهمها وترويضها لتنتج ما يمكن ان نسميه الشهوة المستحيلة. حتى مورفولوجيا العين البشرية وتلقيها للعمل السريالي او العمل الفني البصري ككل وتأثيراته النفسية تشير الى أزلية السريالية، العين كانت تدرك فقط شريحة من الواقع اما المورفولوجيا النفسية تكمل باقي الجسر وتكون صورة أكثر اكتمالاً لماهية المرئي. هي تلك المساحة التي تسكنها السريالية للأبد كل هذا يضع السريالية في مساحة بيلوجية ونفسية خالدة.
السريالية هي الصدى الابداعي لعلم النفس البيلوجي وتطوراته.
توجد الاسطورة واليوتوبيا داخل اللغة بكل اشكالها المكتوبة والبصرية، لكن كيف تحول فسيفساء هذه الاسطورة إلى قوة تحررية عقلية؟ هذه مهمة السريالية التي لن تنتهي أبدا.
السريالية حضارة متكاملة مخبأة داخل العقل البشري منذ آلاف السنوات، وستظل حية لآلاف السنوات وربما لملايين السنوات، ستظل طاقة اللا وعي حية وتحمل انشطارات لطاقات لا منتهية كما كانت منذ تشكل وعي الإنسان الأول وربما قبل ذلك في عقول القردة العليا وستظل حتى انقراض الإنسان أو تطوره إلى نوع آخر من الكائنات. ايروس خالد لا يموت و ستظل رغبات اليوتوبيا القائمة على النظرة المادية الأرضية للعالم، ستظل الرغبة الراديكالية الدائمة لتغيير الوعي البشري وتحرير الرغبة المطلقة. سيظل الحب الراديكالي للدهشة، ستظل هناك الرغبة الوحشية الباطنية لنفي كل رقابة ذاتية وجماعية، ييعيش الجوع نحو رفض التكيف حيا للأبد. ستستمر السريالية الشاملة في استدعاء الإمكانيات المستحيلة وترويضها. ستظل رغبة تغيير الحياة أسمى وأنقى من رغبة تغيير العالم. التاريخ، الزمن، أمر هامشي بالنسبة لمفهوم السريالية، لو تأملنا بعض الرسوم على جدران الكهوف العتيقة سنجد في بعض تفاصيلها أن السريالية كتعبير عن عوالم اللا وعي كانت في البداية رغبة لاكتشاف وتفسير الواقع بطرق حرة وشفافة كما هي الآن وستظل للأبد، سيظل دائما السحر الخفي للمخيلة والمتحرر من كل أكاذيب الوجود الإجتماعي، فما بالنا في فترة تاريخية يتحول فيها العالم إلى زنزانة بيضاوية الشكل. الإنسان المعاصر في أشد الحاجة للسريالية اكثر من اي وقت مضى، وسيزداد هذا الاحتياج بشكل وحشي السنين القليلة المقبلة، هناك نشاط غير مسبوق بالنسبة لتكوين مجموعات سريالية معاصرة حول العالم، يمكن أن نقول انه في أخر خمسة سنوات حدثت طفرة فيما يخص تشكيل المجموعات السريالية وتطوير أنشطتها واهتماماتها البحثية وفي هذا الرابط ستجدون خريطة بسيطة وغير كاملة للمجموعات السريالية المعاصرة حول العالم. وبتأملها وبتأمل تفاصيل أنشطتها سنجد الإجابة الواضحة على هذا السؤال.
https://sulfursurrealistjungle.com/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%a7%d8%b5%d8%b1%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7/

السريالية أزلية، الوقت هو الوهم. السريالية هي الأزل طالما المخيلة الإنسانية حية.
السريالية مساحة لنشاط بيلوجي وليست مجرد حركة فلسفية او أدبية أو فنية


-أحقا أن السوريالية مشروع راهن في المجتمع العربي، أقصد أنها المصل الوحيد لتطوير الذهنية العربية نحو خيال مفتوح وحر وثوري؟
قبل سيادة النوم في الليل، في تلك اللحظة التي تتلوى بقلقها مثل الأكسجين العالق بين الحالة السائلة والصلبة،
حين تبدأ رأسك في امتصاص كل ضوضاء الحياة اليومية وإسالتها إلى عصير صور، لبضع لحظات ربما تماثل الأزل، حين تشعر بأن عينك ستنفجر لتغرق الجميع بما هو كامن في باطنك، بلا أي رقابة، تريد ان تقف عملاقا وتصفع كل أنصاف الجثث التي قابلتها في يومك على وجوهها الحجرية. بحيرة الهذيان الحرة تشفط جفونك إلى اسفل لتغلق الستار الأكتع وتفتح ستارا لا نهائيا على عرض تزول فيه كل آلامك ومعوقاتك المادية، انت هناك لست عبدا لآلامك الجسدية ولا لطلائات الوجه التي تغرقك طوال اليوم. انت هناك حر بكل ما تحمله الحرية من معنى، تلك هي السريالية. حيث يمكن ان يرتفع النقاء الإنساني إلى قمم يشعر فيها الإنسان بحريته المطلقة. حيث كل أصواتك الداخلية متحدة في تناغم خيالي حر، أصوات من شأنها أن تأسر كل الأصوات المحبوسة الاخرى.
هذا ما يحتاجه العقل العربي الفردي والجمعي لتمزيق كل ما يستعبد مخيلته. هذا الإتحاد الحر مع القدرات الخارقة للمخيلة الإنسانية.
نحن نعادي قامعي المخيلة ومقموعيها أيضا.
علينا تأمل واقع غالبية الحركة النقدية العربية الهزلي وعزلتها التي تتضاعف يوما بعد يوم،
سواء فيما يخص النقد الأكاديمي او ما أسميه بالنقد التجاري
التاريخ الظاهر لللا حركة النقدية العربية هو تاريخ عزلتها وهزائمها واستمنائاتها الفارغة.
السريالية العالمية المعاصرة مقياس مباشر لقياس هذه العزلة. التي تطورت إلى التفاخر بالعزلة بمنطق يحمل الكثير من الحمق الفج.
أتحدث عن الغالبية العظمى بالطبع، هناك استثنائات تعد على اصابع اليد.
النقاد العرب يعيدون تدوير شلل المخيلة ويعلبونه في علب جديدة متهالكة المظهر، يا لبؤس نظرتهم لمفاهيم مثل السريالية، استطيع ان أقول ان غالبية النقاد العرب ينظرون للسريالية كمدرسة تعبر عن الجنون او اصطناع الجنون تنتمي للقرن الماضي ويحصرونها في أسماء قشرية مثل دالي او بريتون، فقط. نظرة طفولية ومراهقة وبائسة.
ويتجاهلون النشاط السريالي العالمي المعاصر بمنطق وعجز بحثي أعمى واحمق.
السريالية هنا والآن هي محاكمة سحرية للعقل والخيال العربي المعاصر الذي انتهى به الحال للعبودية الشاملة لمفاهيم انتجت في النهاية الجماعات الراديكالية الدينية التي سيطرت على عقل المجتمع من أسفل لأعلى مدمجة بسلوك خنوعي راكد كنتيجة لظروف تاريخية واشكال اجتماعية واقتصادية وسياسية يطول الحديث فيها.
السريالية كبسولة مركزة للتحرير الشامل للمخيلة العربية
على جانب أخر تم قراءة أكثر من سبعة آلاف نسخة عربية من العدد الأول من الغرفة،و مشاهدات موقع سلفور في المنطقة العربية تعدت الثلاثة والعشرون ألف متلقي وقارئ.
وهذا استدعاء واضح وصريح للسريالية من آلاف المخيلات الجائعة للحرية المطلقة.
إقبال كتاب وفنانين شباب على انشطتنا علامة حاسمة بان السريالية بمفهومها الشامل هنا،. حتى لو تجاهلها العميان.
هناك الآلاف من الجثث والتوابيت النقدية وبيوت الدعارة الادبية لكن هناك آلاف الاحياء المعاصرين في المنطقة العربية تعاملوا مع حركتنا السريالية المعاصرة ومع الغرفة بجوع شديد وواضح نحو المزيد.
لدينا أكثر من عشرين الف مخيلة عربية متابعة لانشطتنا و تسعى للتحرر السريالي الشامل هذا يرد على توابيت النقد العربي وعساكر اللغة.
إنها إعادة تعريف لصور ومفهوم الرغبة لدى العقل العربي استكمالا لما بدأتموه كمجموعة سريالية عربية في باربس السبعينيات من محاولات لتحرير الرغبة / المخيلة العربية.
أذكر كلمة كل السلطة للمخيلة الأممية على غلاف الرغبة الإباحية.
ماذا لو آمن كل عربي بالقدرات الكامنة للخيال؟
ماذا لو سعى آلاف العرب لإظهار عالم احلامهم الباطنية بكل الاشكال التعبيرية؟
فقط لو رأوا الطريق نحو امتلاك قدرات عوالمهم الباطنية الحرة
ودائما سنعد جماعات الشلل النقدي واللغوي والفني العربي بمزيد من الارتباك والتشويش بل والخوف.
تقول غادة كمال:
لا نستطيع ان نقول أنها المشروع الفكري الأبرز في المنطقة الآن برغم اهتمام الكثير من المتابعين لنشاطاتنا، لكن أستطيع أن اقول أن السريالية هي الباب الأوحد لتحرير الخيال والرغبة من تحت أنياب كل الفاشيات بشتى اشكالها. وهذا هو المطلوب كي يستطيع الإنسان تكسير أصفاد العبودية الواقعية وادراك كيف يتم تخدير لا وعيه ووعيه منذ ولادته وتدجينه. والرهان الأكبر هو حفظ مخيلة الاطفال من انتهاكها، تعيد السريالية لطفولة الخيال اعتبارها. ولا يمكن لفاشية أن تهزم خيال. إذا أن اقول ان السريالية هي الباب الذي يجمع كل ما نستطيع ألا نقوله في كلمة الحرية.