في أحد أيام العام 2007، تلقى الممثل والمخرج ديفيد ثوليس اتصالاً هاتفياً من الروائي الأميركي بول أوستر، يعلمه فيه بأنه ألّف له قصة فيلم بعنوان The Inner Life of Martin Frost، أو الحياة الداخلية لمارتن فروست، والتي تروي حكاية كاتب يعمل على إنهاء كتابه. وقد كانت تلك الحادثة بمثابة فاصل جوهري في حياة ثوليس، حيث ولدت لديه اهتماماً سرعان ما صار هواية راسخة، سيكون من الصعب أن يبدلها لاحقاً. وهو يكشف لمجلة How To Spend It Arabic في عددها الصادر حديثاً أن أوستر حمله على استخدام آلة كاتبة خلال تصوير الفيلم. وهو سرعان ما اكتشف أن الطباعة على الآلة الكاتبة فعل مدهش فعلاً، ليصبح منذ تلك اللحظة عاشقاً لجمع الآلات الكاتبة بمختلف أشكالها وأنواعها.
ويقول ثوليس لمجلة How To Spend It Arabic إنه كان سابقاً، بحكم عمله كاتباً، يستخدم الحاسوب، لكن بعدما جرب الطباعة على آلة أوستر، وهي من طراز Olympia SM9، اكتشف أن هذا الفعل “أشبه بالعزف على بيانو جميل”. يضيف: “أصبحتُ بفضلها بارعاً جداً في الطباعة، وقد طلبت منه أن يزوّدني بآلةٍ مماثلة أحفظها في غرفتي بالفندق لأتمكّن من متابعة تأليف روايتي، إذ بدا لي أن الوحيَ كان ينزل عليّ أسرع كثيراً حين أستخدمها”.
ولم يعن انتهاء تصوير الفيلم انتهاء علاقة ثوليس بالآلات الكاتبة. إذ سرعان ما راح يبحث عن آلةٍ كاتبة مشابهة في الشكل لآلة أوستر، فوجدها معروضة للبيع على موقع eBay. يقول: “أدركت حينها أنه يمكن الحصول على آلات كاتبة بسعر زهيد، فصرت أشتري آلةً كل أسبوع تقريباً”. وراحت مجموعته من الآلات الكاتبة تتوسع رويداً رويداً.
ويكشف ثوليس لمجلة How To Spend It Arabic أنه يمكل حالياً نحو 40 آلةً كاتبة، يتراوح تاريخ صنعها بين عشرينيات القرن الماضي وتسعينياته. وهو يصفها بقوله: “كلها جيدة جداً، وأستخدمها فعلياً في عملي، فقد طبعت أجزاءً من روايتي الجديدة على إحداها”.
لكن ما سبب تعلق ثوليس بالآلات الكاتبة؟ الجواب بسيط. يقول: “لا أحب الجلوس طويلاً أمام الشاشة، والسبيل الأسرع لتدوين أفكاري على الورق هو استخدام الآلة الكاتبة، وهذا حقاً ما أفعله”.
ويرى ثوليس أن الآلات الكاتبة تشبه الآلات الموسيقية باعتبارها تملك أمزجة مختلفة. يقول لمجلة How To Spend It Arabic: “حين تستخدمها تصبح أنت نفسك جزءاً من تصميمها. لكل واحدة ميزةٌ معينة تميّزها من الآلات الأخرى”.
ويختم ثوليس حديثه بالقول: “يسألني الآخرون: ماذا لو ارتكبتَ خطأ ما؟، أجيبهم بأن الأمر ليس مهماً، وبأن اقترافَ الأخطاء جزءٌ من عملية الطباعة”. وهو يكشف عن المكان الذي يخزن فيه آلاته الكاتبة بقوله: “وضعتها في عُلّية المنزل. وزنها ثقيل، كما تعلمون، وربما عليّ أن أقلق من احتمال سقوط السقف”.
التعليقات