باريس: تحقق أنشطة نجوم الموسيقى إيرادات قياسية باتت تحتل مكاناً بارزاً في المعطيات الاقتصادية، إذ تشهد الحفلات التي عاودوا إحياءها في الملاعب ضمن جولاتهم العالمية بعد الجائحة إقبالاً جماهيرياً حاشداً، فيما تدرّ أعمالهم والحركة السياحية التي يستقطبونها مداخيل كبيرة.

ومن هؤلاء، النجمة الأميركية تايلور سويفت التي تجاوزت المبيعات المسبقة لتذاكر الفيلم الذي صُوِّر خلال الجزء الأول من جولتها الموسيقية مئة مليون دولار في مختلف أنحاء العالم، قبل أسبوع من انطلاق عروضه الجمعة، وفق ما أعلنت شركة "إيه إم سي"، وهي حصيلة تشكّل منذ الآن رقماً قياسياً لإيرادات فيلم طويل عن حفلة موسيقية.

وتعكس القيمة المرتفعة للحجوزات المسبقة النجاح الباهر الذي حققته جولة "تايلور سويفت: ذي إيراس تور" ("Taylor Swift: The Eras Tour") نفسها، إذ إن إجمالي إيرادات جولتها قد يتجاوز عند انتهائها في آخر سنة 2024 المليار دولار للمرة الأولى في تاريخ الموسيقى، وفق تقديرات أميركية. حتى أن مجلة "بولستار" المتخصصة في الفنون الحية توقعت أن يصل مدخول حفلات الجولة إلى نحو 1,9 مليار دولار.

وفي مطلع أيلول/سبتمبر الفائت، كشف رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في نيويورك جون وليامس أن ما وصفه بـ"عامل تايلور سويفت" ساهم في تحفيز الاقتصاد الأميركي في الأشهر الأخيرة، "لأن الناس كانوا ينفقون على الحفلات والفنادق، وكل ذلك شكّل ظاهرة كبيرة".

وحقّقت فنادق فيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا في أيار/مايو الفائت أعلى إيرادات لها منذ بداية الجائحة، "ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى تدفق الزوار لحفلات تايلور سويفت في المدينة"، على ما ذكر أحد مسؤولي القطاع في تقرير "بيج بوك" الصادر عن الاحتياطي الفدرالي مطلع تموز/يوليو.

ولاحظت الخبيرة الاقتصادية ماريا سيلو من جامعة برمنغهام البريطانية أن الحفلات الست التي أقيمت في لوس أنجليس في آب/أغسطس أدت إلى زيادة قدرها 320 مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمقاطعة.

ولا تقلّ حفلات النجمة بيونسيه وقعاً على الاقتصاد، إذ أن أحد الخبراء الاقتصاديين رأى أن حفلتيها في ستوكهولم اللتين كانتا الأوليين ضمن جولتها العالمية، ساهمتا في ارتفاع معدل التضخم عما كان متوقعاً في شهر أيار/مايو في السويد.

ولا يعود ذلك إلى ارتفاع سعر تذاكر الحفلات الموسيقية، إذ أن الإقبال الجماهيري الكبير يمكن أن يفسر الارتفاع في أسعار الفنادق والمطاعم، بحسب مايكل غران من "دانسكه بنك".

وأفاد موقع "بيلبورد بوكسكور" المتخصص بأن من إجمالي إيرادات جولة "وورلد رينيسانس تور" التي اختتمتها النجمة العالمية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري قد يصل إلى نحو 560 مليون دولار، ما يجعلها الجولة الأعلى تحقيقاً للإيرادات لفنانة في التاريخ. وكانت مداخيل الجولة بلغت 461 مليون دولار في نهاية آب/أغسطس الفائت، متجاوزة ما حققته مادونا خلال جولتها "ستيكي أند سويت تور" في 2008-2009.

ويحمل الرقم القياسي حالياً إلتون جون الذي حققت جولته الوداعية "فيرويل يلو بريك رود 2018-2023" أكثر من 910 ملايين دولار.

وفي غضون عشر سنوات من وجودها، درّت فرقة الـ"كاي بوب" الكورية للفتيان "بي تي إس" التي أوقفت نشاطها راهناً بسبب التحاق عدد من أعضائها بالخدمة العسكرية الإلزامية، مليارات الدولارات على الاقتصاد الكوري الجنوبي.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2018، أفاد معهد "هيونداي" للأبحاث بأن "بي تي إس" التي كانت أول فرقة كورية جنوبية بالكامل تصل إلى قمة سباقات الأغنيات في الولايات المتحدة وبريطانيا، جلبت لبلدها أكثر من 3,6 مليار دولار من المنافع الاقتصادية السنوية.

وفي 2022، قدّر المعهد الكوري للثقافة والسياحة الأثر الاقتصادي لكل حفلة موسيقية لفرقة "بي تي إس" بما قيمته 1,22 تريليون وون (أكثر من 900 مليون دولار).

ورغم مرور أكثر من 50 عاماً على انفراط عقد "بيتلز"، لا تزال مدينة ليفربول، مسقط أعضائها بول مكارتني وجون لينون وجورج هاريسون ورينغو ستار، تجتذب محبي الفرقة الرباعية الشهيرة.

وتكثر المواقع التي يهتم بها الزوار، ومنها قاعة الحفلات الموسيقية "كافرن كلوب" أو شارع بيني لاين أو دار الأيتام السابقة "ستروبيري فيلد" أو المتاحف والمطاعم ومحال بيع التذكارات. وتقدّر قيمة الحركة السياحية المرتبطة بالـ"بيتلز" بنحو 120 مليون جنيه استرليني سنويا (نحوالي 150 مليون دولار)، وفقا للمجلس البلدي.

وتستفيد أماكن أخرى في العالم من فنانيها، إذ لا تزال مدينة ممفيس بولاية تينيسي الأميركية التي تضم مقر إقامة إلفيس بريسلي "غرايسلاند"، مقصداً لمحبي أسطورة موسيقى الروك آند رول، فيما تحافظ جامايكا على ما تركه عملاق الريغي بوب مارلي.

أما فرقة "آبا" فساهمت في جعل السويد ثالث أكبر دولة مصدّرة للأعمال الموسيقية في العالم، بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.