كبواتُ عُـشْقٍ أعمى

أبتردُ بلهيبها

أذوبُ سعيراً في تجمّد شراستها

أنصهرُ في بركانها

أتضرعُ خوفاً من كبريائِها

وأطيرُ كجناحَي نحلةٍ جائعةٍ لعسلها المرير

أتضرجُ دماً لحزنها

أتوسلُ بالقديسين لدعائها

بيْدَ أني أبكي لفرحها

رجْعُها السّاحرُ كالتراتيل

أندى من البوحِ في سوناتا ناعسة

أتحسسُ النمشَ الطافحَ في عنقِها

وأعلى غمازتيها

أداري دويَّ قهقهاتها بصمتِ ناسكٍ...

أضاعَ مسبحتَه في الملكوت

أهزمُ لنصرها الحافلِ بالزغاريد

واللافتاتِ المزينةِ بالأناشيد

أعطشُ لروائها

أغنّي لقامتِها الباسقة

إذلالاً للرجولة

أنصت لصداها، عويلِها

وصمتِها

أجولُ باحثاً في نفاياتها

في خزائنِ ملابسِها

عن وشاحِها الذي مزّقني

أبسطه في الأرض

أنثرُ حصاي

وأقرأُ طالعي البعيد

مثل غجريٍّ يخادعُ مريديه

وجودُكِ جمْرٌ في مخيلتي

هدمٌ لصروحي العالية

ريحٌ عاتيةٌ لأسفاري

وأنا أمخرُ عبابَ أنوثتكِ

لِمَ تقصّين أشرعةَ السفن

المائجةِ في البحر؟

أنقذني أيها الحبلُ الساقطُ في الماء

ليتك تطوّقُ عُنقي

أفلتْ من مرساتِك الساكنة

فهذه السفنُ لم تعدْ ترتحلُ

إلى السواحلِ التي أبغي

وأنت أيها البحّارُ المتعب

هلمّ إليّ كي نتشاجرَ في حانة الشتائم

نتبادلُ بذيءَ الكلام

لعلّ السبابَ يصقلُ لسانَنا بالطهر

تعالَ كي نجوبَ في التيه

وتقتربَ المنافي منّا

سنكون طريدَينِ معاً

لا دليلَ يرشدُنا إلى المرسى

لا سكناً نؤم إليه في وحشتنا

لا أهلاً نتسامرُ معهم

في ليالي الشتاءِ الباردة

لا حبيباً نتلمسُه في الظلمةِ الحالكة

نشمُّ رائحةَ حنينه

كدّرتْنا الوحشة

هزّتنا المطبّاتُ العالقة

في ممراتِ الوصول

آن الأوانُ أنْ نستظلّ بالشمس

ونسترخي بأجسادنا على الرمضاءِ المجمرة

نفترشُ الحصى

نلتحفُ بحرارة الأنين

نعتاشُ على حسَكِ الأرض

نرتوي بمياه السرابِ الدافقة

ونطوقُ أجسادَ بناتِ النعشِ

فها هي قد نزلتْ إلينا

نعتصرهنّ حتى الذبول