"كان من بين كل المؤمنين أشدهم تحرراً من الأوهام، ومن بين كل أولئك الذين يرون العالم بدون أوهام كان أشدهم إيماناً لا يتزعزع، وهذه هي معضلة أيوب القديمة"
ماكس برود؛ سيرة حياة فرانز كافكا

في الثالث من شهر يونيو (حزيران) الحالي احتفى العالم أجمع بالذكرى المائة لوفاة لأحد أعظم وأشهر الكتاّب في القرن العشرين، الروائي فرانز كافكا (1883 – 1924).
لماذا لا زلنا ننظر إليه بوصفة كاتباً حديثاً ومعاصر؟ إنها مفارقة ثابتة ومتواصلة في الأدب الحديث أن أحد كتاب القرن العشرين الأكثر قتامة وغموضاً تظل تعويذته قائمة دون انقطاع بعد مرور مئة عام على رحيله.

أغلب الظن أنَّ هذا الانبهار ينبع من سيرته الذاتية: أسطورة الفنان الدخيل، المنعزل عن أسرته، المُعّذَبٌ بما أسماه "حياة مزدوجة رهيبة". محامٍ في النهار، كاتب في الليل. إنسان متمزق بين رغبة في الزواج والأطفال، والتفاني لندائه الداخلي والإخلاص للكلمة، مقتنعاً بأن حياته "تقتصر على الأدب وحده"، مهووس بنزعة الكمال التي أباحت له نشر جزء فقط مما كتبه وتدمير الباقي بعد وفاته.
كان كافكا يتمتع بمخيلة عميقة لا مثيل لها حقاً، قادر على التعبير عن الواقع الأكثر غوراً بابتسامة ساخرة.

"وأنت يا ميلينا، لو أحبَّكِ مليونٌ فأنا أحدهم، وإذا أحبَّكِ واحدٌ فهو أنا، وإذا لم يُحبّك أحد فاعلمي أنني مُتُّ".

"رسائل إلى ميلينا" هي مجموعة من الرسائل الشخصية والمؤثرة، تقدم لمحة متعمقة عن العالم الداخلي لأحد أعظم الكتاّب في القرن العشرين. إنها شهادة على القوة الدائمة للتواصل الإنساني وجمال الكلمة المكتوبةعبر مراسلاتهم الحميمة تلك، يدعونا كافكا لنلج عالمه، ويشاركنا إحساسه العميق بالعزلة واليأس الوجودي وحبه الشديد والمؤلم لحبيبته ميلينا. إنها رسائل تتميز بإحساس عميق بالشوق والإحباط والارتباط الإنساني الذي يتجاوز الزمن والمسافات.
كتب إلى ميلينا في إحدى رسائله: "إن كتابة الرسائل هي في الواقع أشبه بعلاقة مع أشباح، ليس مع شبح المُرسَل إليه، فحسب، إنما شبح المُرسِلْ أيضاً".
هذا الاقتباس المؤثر لوحده يكاد يجسد جوهر هذه المجموعة. رسائل تتعدى كونها مجرد وسيلة تواصل بين شخصين، أنما تصبح بمثابة سبر لأفكار ومشاعر كافكا التي يصعب معرفة غورها، ورحلة استكشاف للذات والتعبير عنها.
من بين الاقتباسات العديدة الرائعة في هذه المجموعة، ثمة اقتباس بارز ومؤثر، يقول فيه: "أنتِ المدية المغروسة عميقاً في روحي. إنه الحب يا عزيزتي".
في هذه الاستعارة المذهلة، يقارن كافكا الحب بالمدية التي بوسعها اختراق طبقات شخصيتنا والكشف عن ذواتنا الحقيقية. هنا، يصبح الحب قوة تحويلية تكشف نقاط ضعفنا وتضعنا وجهاً لوجه قبالة أعمق مشاعرنا.

الاقتباس الآخر الذي يتردد صداه بعمق في أرجاء المجموعة هو: "أفتقدكِ بشدة وبشق الأنفس، وبلا معنى، وبشكل لا يسبر غوره". كلمات آسرة تجسد شوقه العميق والشائك لميلينا وشدة رغبته ولهفته في أن يكون بالقرب منها.

وعن شغفه وتعلقه بها، يكتب في مقطع آخر:" لقد أمضيتُ حياتي كلها أقاوم الرغبة في إنهائه". هذا المقطع، رغم كونه مؤلماً بشكل صارخ، يعكس الجهد العاطفي الهائل الذي يبذله كافكا للاستمرار في تلك العلاقة، رغم النزاع المحتدم افي داخله. إنه يجسد القوة والليونة معاَ التي يتمتع بها في مواجهة صراعاته.

"إنني أحاول باستمرار التواصل مع شيء غير قابل للتواصل، أمرٌ يتعذر تفسيره، أن أبوح لك بشيء أحس به فقط بين ضلوعي، شيء لا يمكن وصفه، قابع هناك وسط عظامي".

يلخص هذا الاقتباس بشكل عذب وجميل سعي كافكا الدؤوب عما لا يوصَف لترجمة عمق عالمه الداخلي. إنه يكشف عن رغبته في مشاركة أعمق لمعاناته ومشاعره، رغم أنها تستعصي على الوصف الدقيق. إن استعارة شيء يحسه بين عظامه، تؤكد الطبيعة الحميمة والعميقة لهذه المعاناة المتجذرة في جوهر كيانه.

"العالم ليس سوى ذريعة لعمل فني حقيقي جميل ومبهم تماماً". في هذا المقطع، أو هذه الاستعارة، يتحدى كافكا الفهم السطحي للعالم، ويدعونا إلى النظر أبعد وأعمق من المألوف. إنه يلمّح ويوحي أن ثمة حقيقة أعمق وأسمى تكمن تحت السطح، يصبح العالم فيها مجرد خلفية وذريعة لشيء أكثر روعة ومعنى.

"إنَّ قراءة رسالة منكِ هو كالتحديق في مرآة أحملها معي. إنه يجعلني أقرب إلى نفسي أكثر من أي وسيلة أخرى لبلوغ ذلك".

رؤيته لرسالة ميلينا، كوسيلة للتأمل الذاتي واكتشاف الذات، وتشبيهها بمرآة، تجيز له رؤية نفسه عن قرب، والتواصل مع أعمق أفكاره ومشاعره، الأمر الذي من شأنه أن يعزز الإحساس العميق بالوعي والفهم الذاتي.

"أنتِ، بطريقة ما، مادةٌ شعرية، مفعمة بالخفايا الدقيقة الملبدة بالغيوم، والتي أنا على استعدادٍ أن أمضي حياتي في استكشافها. الكلمات تتفجر في جوهرك، وتحمل غبارها في مسام شخصيتك الأثيرية".

ينقل هذا التعبير المجازي افتتان كافكا بسحر ميلينا ويراها بمثابة مصدر إلهام له وهي تتمتع بالعمق والتعقيد الذي يتماهى مع الطبيعة الإبداعية والتعبيرية للشعر. هنا يتم تصوير ميلينا بوصفها كائن غامض ومبهم ذو طبقات من التعقيد الذي ينشده بتوق شديد في استكشافه. جوهرها المشبع بقوة اللغة وتأثيرها وهي تحمل في داخلها بقايا وآثار الكلمات، هو ما يرمز إلى العلاقة الوثيقة بين هويتها وقوة اللغة.

هذه الاقتباسات تمنحنا مجرد نظرة خاطفة للجمال العميق والتبصر الشعري الكامن في رسائل كافكا لميلينا. إنها تحفر عميقاً في هذه المجموعة، وتشرع أمامنا الباب واسعاً لاستكشاف الكنوز الدفينة من الرؤى والتأملات التي يتردد صداها مع التجربة الإنسانية في شكلها الأكثر عمقاً وحميمية.

ولدت ميلينا جيسينسكا في براغ عام 1896، ويُعتقد أن عائلتها تتحدر من جان جيسينيوس، أول أستاذ للطب في جامعة تشارلز في براغ والذي كان من بين 27 شخصية بوهيمية بارزة تم إعدامهم في ساحة البلدة القديمة في براغ في 21 يونيو عام 1621 لتحديهم سلطة ملك هابسبورغ فرديناند الثاني.

كان والد ميلينا جراح أسنان وأستاذاً في جامعة تشارلز في براغ وعضواً معروفاً في المجتمع التشيكي الراقي. فقدت

ميلينا يسينسكا والدتها وهي في سن الثالثة عشرة.

التحقت بمدرسة مينيرفا الثانوية، أول صالة للألعاب الرياضية الأكاديمية للفتيات في الإمبراطورية النمساوية المجرية، وأول مدرسة ثانوية تشيكية خاصة بالفتيات تخرجت منها أولى المثقفات المتحررات اللواتي كنَّ يناصرن أسلوب حياة جديد وحر التفكير.

التحقت ميلينا، بعد التخرج، لفترة وجيزة، بمعهد براغ الموسيقي ومن ثم بكلية الطب، لكنها تخلت عن دراستها بعد فصلين دراسيين.

الظروف العائلية غير المنتظمة والآراء التحررية للمثقفين التشيك - الألمان في براغ، قد أفضت إلى دفع هذه الشابة المتقلبة الآراء، المفعمة بالحيوية والنشاط والشغف بالمخاطرة، إلى صراع مفتوح مع المجتمع.

في عام 1917، احتجزها والدها لمدة تسعة أشهر في مصحة فيليسلافين للأمراض العقلية، بدعوى "الجنون الأخلاقي"، نتيجة لسلوكها السيء والمتراخي. كانت حينها على علاقة غرامية مع أرنست بولاك، وهو ناقد أدبي ومفكر يهودي متمرس في الموسيقى والأدب، التقت به في الأوساط الأدبية في براغ، وتزوجا عام 1918 حين بلغت سن الواحد والعشرين عاماً، وغادرت معه إلى ﭬيينا.

كان إرنست بولاك عضواً بارزاً في دائرة فرانز ويرفيل في مقهى "أركو" في براغ، المقهى التي كان يرتادها كافكا في بعض الأحيان، وهناك، على الأرجح، التقى بميلينا للمرة الأولى، وكانت مجرد معرفة عابرة.

كان بولاك يومها قد هيمن على طاولة الرواد الدائمين في مقهى هيرينهوف في فيينا، حيث طلب منه كبار الأدباء النمساويين أمثال هيرمان بروخ، الحصول على المشورة والمساعدة. وقد قام بولاك بنشر أعمال كتّاب كثر، ومن بين هؤلاء الكتاب، شاب تشيكي غير معروف بعد هو فرانز كافكا. وكما يبدو أن بولاك هو من لفت انتباه ميلينا نحوه.

كانت لغة ميلينا الألمانية في ذلك الوقت جيدة بما يكفي لخوض تجربة ترجمة النصوص الألمانية لمؤلفين غير ألمان إلى اللغة التشيكية، وقد بدأت بإرسال ترجماتها إلى الصحف والمجلات التشيكية التي كان تعمل فيها العديد من صديقاتها الصحفيات آنذاك.

لم تكن قصة كافكا "الوقاد" أول عمل لها لمؤلف غير ألماني حاولت ترجمته. (كان كافكا يكتب بالألمانية كما هو معروف).

وكما اعتادت أن تفعل، فقد قامت بإجراء اتصالات على شكل رسائل مع المؤلف بشأن ترجمة "الوقاد"، وقد تطورت مراسلاتهما تلك إلى ما يعرف بالرواية الرسائلية.

كانت الرسائل تلك تتدفق ذهاباً وإياباً طوال عام 1920، بين منتجع ميرانو في شمال إيطاليا، حيث كافكا يتعافى، وﭬيينا، حيث ميلينا تعيش في زواج غير سعيد مع بولاك. وقد ساهمت تلك الرسائل في تعميق علاقتهما لتصبح بمثابة رفقة فكرية

ووحي عاطفي، ولم تكن مجرد مراسلات عادية، إنما كانت بمثابة مرآة تعكس عالم كافكا الداخلي، اضطرابه وتطلعاته وتأملاته الفلسفية.

في إحدى رسائله لميلينا، كتب يقول: "أتمنى أن ينتهي العالم غداً، حينها أستطيع أن أستقّل القطار التالي، وأصل إلى عَتَبة بابك في ﭬيينا، وأقول (تعالي معي يا ميلينا لننعم بطعم الحب)".

كانت مشاعر كافكا إزاء ميلينا شديدة ومتعددة الأوجه، تتأرجح بين الإعجاب العميق والشوق والإحساس بالقلق والشك الذاتي، وغالباً ما كان ينظر لميلينا على أنها منارة للضوء في عالمه القاتم والصاخب، لدرجة أنه كان يقدس طريقة تفكيرها وجمالها وتعاطفها، ما من شأنه أن يضخم مشاعره بعدم الجدارة وانعدام الأمن.

في غضون تلك المراسلات، التقى كافكا بميلينا مرتين فقط، الأولى في يونيو 1920 في فيينا، حيث تعيش ميلينا مع زوجها الأول، أرنست بولاك، ثم في أغسطس في غموند، وهي بلدة تقع على الحدود بين النمسا وتشيكوسلوفاكيا.

لقاءهما الأول، في فيينا، والذي استغرق مدة أربعة أيام، كان سعيدًا ومليئاً بالأمل بالوعود، أما اللقاء الثاني، في بلدة غموند الحدودية، فقد بلغ ذروته بهفوة من جانب كافكا والذي شكلَّ هوة عميقة في علاقتهما.

في إحدى رسائله لها، كتب يقول: "أحياناً، أشعر أن لدينا غرفة ذات بابين متقابلين، وكل منا يُمسك بمقبض بابه، وبرمشة

عين لأحدنا، يقفز الآخر خلف بابه. والآن، لو نطق أحدنا بكلمة واحدة، مؤكد أنَّ الثاني سيغلق الباب خلفه كي لا يستطيع رؤيته بعد الآن، ومع ذلك، فهو ملزمٌ بإعادة فتح الباب، لأنه ربما من المستحيل عليه مغادرته. لو لم يكن أحدهما شبيهاً بالآخر تماماً، لكان هادئاً ويتظاهر بعدم الاهتمام بالآخر، وكان سيشرع، ببطء، بترتيب هذه الغرفة، بالطريقة التي يفعل بها مع أي غرفة أخرى. لكنه، بدلاً من ذلك، يكرر الشيء نفسه عند بابه. وفي بعض الأحيان، يقف الاثنان خلف أبوابهما في ذات الوقت، فيما الغرفة الجميلة فارغة".

لقد كانا، من جانب، متماثلين من الناحية المزاجية بشكل سيئ، ومن جانب آخر، لم تكن ميلينا حينها على استعداد للتخلي عن أرنست بولاك الذي أحبته على الرغم من الصعوبات الزوجية. وهكذا، انتهت العلاقة فجأة، وتوقفت اتصالاتهما اليومية في شهر نوفمبر عام 1920، رغم تواصل الرسائل بينهما التي استمرت حتى عام 1923 والتي أثمرت في الآخِر "رسائل كافكا إلى ميلينا"، الذي يعتبر إنجاز رائع وعظيم في كتابة الرسائل.

في الثالث من شهر يونيو (حزيران) عام 1924 توفي كافكا في إحدى المصحات فيما واصلت ميلينا حياتها. طلقت زوجها

وعادت إلى براغ لتتزوج مرة أخرى، وعاشت من بعد حياة مليئة بالأحداث المتوهجة، جنباً إلى جنب، مع عدد من المثقفين المتميزين، ناشطة في شتى المجالات وشهدت وجهات نظرها تغيرات كبيرة. وقرب نهاية حياتها، استخدمت ميلينا مهاراتها

الكتابية بشجاعة في النضال ضد العنف الفاشي. وفي معسكر الاعتقال "رافينسبروك"، حيث ستموت في عام 1944، أخبرت مارجريت بوبر نيومان عن ذلك الكاتب الغامض، الذي توفي قبل أن يحقق الشهرة، وعن حبهما السري.

إن رسائل كافكا إلى ميلينا المفعمة بشغف عاطفي عميق، تميزّ بالشدة والتعقيد، فغالباً ما كان كافكا ينقل مشاعره المتحمسة والمتأرجحة بين تعابير الحب العميق والوعي بالمسافات الجسدية والعاطفية التي لا يمكن تجسيرها. لقد مكنت وسيلة

الرسائل تلك في التنقل بين مشاعره المتضاربة، وقدمّت لمحات عن طبيعته الاستبطانية تلك التي دفعته إلى التشكيك حتى في قيمة وهدف كتاباته، التي غالباً ما كان ينظر إليها على أنها امتداد لمخاوفه العميقة وقلقه الوجودي.

رسائل كشفت عن نسيج معقد من الشوق والقلق والرغبة في التواصل، فيها تتشابك موضوعات الحب بنغمات أكثر قتامة من العذاب والكرب والطبيعة العابرة والمؤلمة للعلاقات الإنسانية. رسائل تنقل إحساسه بالشوق الجميل والمأساوي -

التوق إلى اتحاد مثالي بينه وبين ميلينا، يعرف سلفاً أنه محفوف بعقبات لا يمكن التغلب عليها.

كان حبه مصدر فرح عميق ومعاناة عميقة - وهي ازدواجية تحدد الكثير من حالته العاطفية والوجودية خلال تلك الحقبة، وتكشف عن إنسان يدرك تماماً أوجه القصور المتصورة لديه، وهو في نزاع دائم مع الخوف من أنه قد لا يكون بمستطاعه الرد بالمثل على عواطف ميلينا، أو أن يكون بمثابة حضور مستقر لها في حياتها. رسائل تكشف أيضاً عن ذهن هو في حالة حرب متواصلة مع نفسه، إنسان يسعى للحصول على عزاء وطمأنينة لكنه يشكك دائماً في إمكانية التواصل والتفاهم الحقيقيين.

إنها تفتح نافذة على أعماق روحه، وتضيء طبيعته المعذبة والعاطفية، وتقدم رؤى لا تقدر بثمن في تأملاته العاطفية والفلسفية. الحب والشوق، مواضيع بارزة بشكل جلي في تلك الرسائل، لكنها لا تنفصل عن الموضوع المركزي الذي يكاد يهيمن عليها، ألا وهو القلق الوجودي، فضلاً عن أنها تجسد أيضاً تأملاته العميقة في مختلف المساعي الفكرية والأسئلة الفلسفية، حيث تتعرج أفكاره عبر مواضيع متنوعة ومتعددة مثل الهوية والوجود والحالة الإنسانية، ما يعكس عقلًا منخرطًا بعمق في تعقيدات الحياة. هذه الصرامة الفكرية تتشابك مع حساسياته الفنية، حيث غالباً ما كان يرسم أوجه تشابه بين تجاربه الشخصية والمواضيع الوجودية الأوسع.

***

مقاطع مجتزأة من رسائل كافكا إلى حبيبته ميلينا

"كلماتك مثل مداعبة على بشرتي، بلسمٌ لقلبي الجريح. إنها بمثابة حبل النجاة الذي أُلقيَ نحوي في عتمة يأسي"

"كل كلمة تكتبينها هي خِنجرٌ في قلبي، ومع ذلك لا أستطيع التوقف عن القراءة"

"إنني ضائع في متاهة غيابك، أبحث عن منفذ للعودة إليكِ"

"غيابكِ مثل خواء في روحي لا أستطيع ملؤه. إنه ندبة في روحي، جرحٌ لا يمكن للزمن أن يشفيه"

"أنا ثملٌ بذكرى لمستك، وأتوق إليها مثل مدمن"

"أنتِ سبب معاناتي ومصدر فرحي معاً"

"صمتكِ ثقلٌ فوق صدري يسحقني بلا مبالاته"

"لقد أوصلتِني إلى حافة الهاوية التي لا أستطيع الهرب منها"

"أنا فراشة منجذبة إلى لهيب جمالكِ، مشتعلة في ألقها"

"أنني أسير رغبتي، مقيّد بحب يلتهم روحي"

"صوتكِ لحنٌ يعزفُ في وجداني أغنية شوقٍ وعناء"

"أنتِ المدية المغروسة عميقاً في روحي. إنه الحب يا عزيزتي"

"أفتقدكِ بشدة وشق الأنفس، وبلا معنى، وبشكل لا يسبر غوره".

"عندما أكون وحدي أبكي مصيري، تعالي، فلعل وجودك يبعث عزاء أرقى في نفوسنا أن نبكي معاً".

"ميلينا، إنًّ البهجة التي يخلقها وجودكِ تجعلني أتحمّل أي شيء"

"أنا مُتعَبٌ، ولا أستطيع التفكير في أي شيء. أريد فقط أن أضع وجهي في حضنك، وأشعر بيدك تلامس رأسي،

وأظل هكذا إلى الأبد"