العيش دون بطاقة ائتمان
طلال سلامة من روما
هل من الممكن العيش دون بطاقة ائتمان لكن دون التخلي عن استلام المعاش شهريا أو سحب المال من الصرافات الإلكترونية أو دفع فاتورة الفندق أو المطعم بواسطة هذه البطاقة المغناطيسية؟
والجواب نعم لأن الإيطاليون اكتشفوا أنه من طريق بطاقات الائتمان المدفوعة سلفاً (Prepaid Card) يمكنهم التحرٌر نهائيا من عبودية الحساب المصرفي وتكاليفه، التي تعتبر في إيطاليا الأغلى مقارنة مع بقية بلدان الاتحاد الأوروبي، بعيداً أيضاً عن ضرورة التجهٌز بالمال السائل النقدي. وقُبيل سنتين، برزت ظاهرة بطاقات الائتمان المدفوعة سلفاً، في إيطاليا، وأُطلق عليها اسم quot;الجيب الإلكترونيquot; وجذبت الزبائن وفق نسبة نمو في استعمالها، بلغت 100 في المئة سنوياً.
وفي الشهور الستة الأخيرة، كثفت المصارف الإيطالية تحركاتها بغية إصدار بطاقات الائتمان، المدفوعة سلفاً، والدخول في حقل أعمال ناشئ ما زالت تسيطر عليه منتجات بانكو بوستا (BancoPosta)، المعروضة من جانب شركة البريد الإيطالية، التي أصدرت لحد اليوم أكثر من مليون ونصف مليون من بطاقات الائتمان المدفوعة سلفاً.
إحصائيات شركة اس اس بي
استناداً الى المسح الذي أنجزته اس اس بي (SSB)، شركة الخدمات المصرفية، يقدٌر عدد هذا النوع من بطاقات الائتمان، في إيطاليا، بحوالي ثلاثة ملايين بطاقة كما يقدر عدد المعاملات التجارية، التي تمت بواسطتها، بحوالي 16 مليون صفقة (Transaction) لمجموع نقدي إجمالي يتخطى سقف البليون يورو.
وهناك عدة شركات نصيرة متحمسة لنوع البطاقات الجديد هذا، ونجد العديد منها من جملة الشركات المعنية بإصدار بطاقات الائتمان التقليدية، التي تحوي المال بشكل بلاستيكي. وتعمل بطاقة الائتمان المدفوعة سلفاً بالشكل التالي:
يعبئها الزبون بالمال ثم يستعملها للاستهلاك، وعند انتهاء المال المخزن بها، يستطيع الزبون إعادة تعبئتها بالمال، متجنباً بالتالي كابوس الانزلاق تحت الصفر، كما يحدث عادة في الحساب المصرفي. هذا وتهدئ بطاقة الائتمان الجديدة حالة العصيان التي يعاني منها أولئك الذين لا يستطيعون، لسبب ما، فتح حساب مصرفي أو الحصول على واحدة من بطاقات الائتمان التقليدية المتداول بها.
وبواسطتها، يتمكن الأهل من تمويل أبنائهم، خاصة إذا ما سافروا الى الخارج للدراسة. وتعتبر البطاقة أيضا طريقاً مقصٌراً للعمال الأجانب، في إيطاليا، وحلاً موائماً للعديد من الشركات المحلية خصوصا من جهة دفع مستحقات عمٌالها المؤقتين عبر تحويل المال مباشرة الى بطاقة الائتمان المدفوعة سلفاً، التي يتطلب الاستحواذ عليها تكلفتين رئيسيتين فقط، ألا وهما تكلفة إصدار البطاقة وتكلفة تعبئتها من وقت الى آخر. ويمكن لصاحب البطاقة أن يكون مجهول الهوية.
ميزات النجاح
تتألق بطاقة الائتمان المدفوعة سلفاً بنجاح كبير، خاصة من حيث الأمن الذي توفره عندما يتبضع مستعملها عبر الشبكة العنكبوتية تهيمن شركة البريد الإيطالية على سوق بطاقات الائتمان هذه بواسطة بطاقة بوست باي (Postepay) ويكفي تقديم نسخة عن بطاقة الهوية للحصول عليها. وتعمل البطاقة على الصرافات الإلكترونية في كل من إيطاليا والخارج ويمكن الدفع بها، على الإنترنت لكن بصورة محدودة لحد اليوم. ويبلغ الحد الأقصى للمال المخزن بها 2000 يورو.
المنتجات المصرفية
يطرح مصرف quot;بانكا سيللاquot; الإيطالي بطاقة الائتمان سيللا موني، ولا يحدد سقفاً لتعبئتها بالمال لكن ينبغي إصدار البطاقة باسم المتقدم بالطلب. ولدى مصرف سان باولو ايمي الإيطالي، نجد بطاقة سولينتاسكا (Soldintasca) التي يمكن تعبئتها بمبلغ أقصاه عشرة آلاف يورو.
ويمكن تعبئة كل من بطاقات كريستال كارد، التابعة لمصرف مونتي باسكي، وquot;انتيزا فلاشquot; التابعة لمصرف بانكا انتيزا بمبلغ 5.000 يورو.
التبسيط المستقبلي
يتوجه الخبراء نحو تبسيط طريقة التعامل مع هذه البطاقات وذلك عبر السماح للمستعمل تعبئتها في الأماكن العامة، مثلما يحدث اليوم لدى تعبئة بطاقة الهاتف المحمول بالمال لإجراء المكالمات. وفي العام الحالي، ستصدر المتاجر الكبرى، في إيطاليا، بطاقاتها الخاصة من هذا النوع، التي يعتبرها المحللون سوقاً إضافية وليست بديلة.
أصلاً، وُلدت فكرة بطاقة الائتمان المدفوعة سلفاً بالولايات المتحدة الأميركية، حيث تشهد سوقها 73 بليون دولاراً من المعاملات التجارية سنوياً، وتأخذ المتاجر الكبرى حصة كبيرة بها، لدرجة أنها تتنافس مع المصارف هناك. على سبيل المثال، أصدرت وال مارت (Wal Mart)، عملاقة الأسواق المركزية الأميركية، بطاقة ائتمان خاصة بها. وما يؤرق المصارف العالمية، في هذا الصدد، التحركات التي تقوم بها شركتي فيزا وماستركارد. إذ يكفيهما التحالف مع سلسة متاجر قيادية، لتسويق السلع، أو مع مشغلة للهاتف المحمول كي تطرحا نفسهما بشدة في حلبة الصراع الدائر مع تلك المصارف.
التعليقات