الفايننشال تايمز ترصد انعكاسات الأزمة خليجيًا
الخليجيون في انتظار هبوط هادئ تفاعلاً مع الأزمة المالية الأميركية
محمد حامد ndash; إيلاف
على الرغم من السيطرة المطلقة للأزمة المالية الأميركية التي اتخذت الطابع العالمي على كافة الصحف ووسائل الإعلام العالمية، إلا أن رصد أثار تلك الأزمة على المستوى العربي بشكل عام، والخليجي بشكل خاص، ومن وجهة نظر مصادر عالمية حيادية يظل من الموضوعات التي تستأثر باهتمام الشارع العربي الذي لم يفقد التواصل مع محيطه العالمي (في عصر العولمة الإجبارية) إلا أن معرفة تفاصيل انعكاسات الأزمة داخليًا يظل له أولوية مطلقة، quot;الفايننشال تايمزquot; رصدت آثار الأزمة المالية العالمية على الدول الخليجية، وأكدت في تقريرها أن هناك تأثيرات تحدث الآن وسوف تحدث في المستقبل ولكنها على حد وصفها تأثيرات بسيطة، ولن يكون هناك انهيار مفاجئ .
وجاء في التقرير ... quot;بقدر ما يعتقد الفرد أن اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي حصينة ضد ما يحدث الآن في بقية أنحاء العالم، فلابد وأن يكون هناك أثر ما. إن فترة الازدهار غير المسبوق التي رأيناها في منطقة مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة سوف تتبعها فترة انهيار. والسؤال هو: إلى أي مدى ستكون شدة وطول فترة هذا الانهيار المتوقع؟
ومن اجل تقدير كيف أن الأحداث غير العادية التي تحدث في الولايات المتحدة سوف تؤثر على دول مجلس التعاون الخليجي، فمن المهم جدا النظر إلى مواطن القوة والضعف في الأسس الاقتصادية لمنطقة الخليج ورد الفعل السياسي المحتمل. حيث أن هذا سوف يقودنا إلى الاعتقاد بأن معظم ما سوف يحدث سيكون عبارة عن هبوط هادئ وليس انهيار مفاجئ.
ازدهار وسيولة نقدية لم يتم التخطيط لها !
وفي توصيفه للمشكلة القائمة في اقتصاديات الدول الخليجية قال تقرير quot;الفايننشال تايمزquot; ... quot;إن مشكلة منطقة دول مجلس التعاون الخليجي الأساسية هي أن الازدهار المدعوم بالسيولة النقدية لم يتم تدبيره والتخطيط له. حيث أنه بسبب الارتباط بالدولار الأميركي، فقد تركت الهيئات دون سياسة مالية. كما أن أسعار البترول أيضا هامة. ففي الوقت الحالي، فإن نقطة الانهيار بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي - حتى عندما كانت عائدات ونفقات تلك الدول متساوية - هي سعر 50 دولار لبرميل النفط. فمن الممكن أن تنخفض أسعار النفط أكثر مما كانت عليه قبل الوصول إلى هذا الوضع السيئ.
لقد تم تقييد التمويل بالنفط بشدة، ونحن نقدر التكلفة الحدية للإنتاج والتي هي حوالي 80 دولار للبرميل. وعندما نتحدث عن موضوع التمويل بالنفط، فيجب أن تستقر الأسعار. ومن المحتمل أن يقل الطلب على النفط. حيث أن الطلب يعد هاما جدا من أجل التوجه إلى الشرق حيث الصين وليس الولايات المتحدة. إن وجهة نظرنا هي أن الصين مازالت لديها معدلات ايجابية للنمو.
كما أن هناك أيضا نقاط قوة. فالإمارات العربية المتحدة، وبخاصة دبي، بدأت طريق التنمية في قطاعات متعددة. كما أن السعودية الغنية بالنفط لديها مشاريع تنموية عملاقة في العديد من المدن الصناعية. وسوف يساعد هذا في خلق فرص عمل ويعد خطوة في طريق التغلب على ندرة الموارد.
كما أن الشيئ الأكثر أهمية هو أن الموازنات المالية الحالية في ازدياد حيث يبلغ معدل الزيادة حوالي 20 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، والمنطقة تمتلك صافي أصول أجنبية لأكثر من بليون دولار أميركي. و تدفق رأس المال الأجنبي يعد شيئا مرغوبا حيث يساعد على تحقيق فائضات في رؤوس الأموال، وضروريا لإنعاش اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي. وقد يكون هذا هاما أيضا في وقت عندما تكون الأسواق المالية العالمية في حالة اضطراب وانهيار.
الحلول تأتي من خلال تحركات صناع السياسة
وأشار التقرير إلى أن صناع السياسة لهم أدوار هامة يجب عليهم أن يلعبوها. وفي الولايات المتحدة على الرغم من الموافقة على خطة التمويل لن يكون هناك طريقا سهلا للخروج من الأزمة الحالية. ومن المحتمل أن تسقط الولايات المتحدة في حالة من الركود وهناك خطورة أن يكون هذا الركود أكثر عمقا وتطول مدته عما كان متوقعا. ونتيجة لذلك، فإن الإتحاد الفيدرالي من المحتمل أن يعمل على تخفيض أسعار الفائدة بشكل كبير مع البنوك المركزية الأخرى.
وفي منطقة الخليج يجب على صناع السياسة أن يضمنوا أن أي عملية ضخ للسيولة يجب أن تكون محسوبة، لأن جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء البحرين تواجه تضخما مضاعفا. ولم تستطع ودائع بنوك الإمارات العربية المتحدة أن تساير التوسع الائتماني السريع والذي وصل 49 بالمائة وقد قلل هذا من الثقة في القطاع .
أما في الرياض فإن مؤسسة النقد العربي السعودي قد قالت بأن كبح جماح التضخم هو اهتمامها الأول وأن السيولة سوف يتم ضخها فقط عندما يكون ذلك ضروريا. ولأن القطاع المصرفي السعودي ليس بنفس كفاءة نظيره في الإمارات العربية المتحدة، فإن هذا يبرر رد فعل الوكالة المالية تماما. فصناع السياسة يواجهون عملا متوازنا شديدا. فلابد وأن يضمنوا أن هناك سيولة كافية دون حدوث تضخم أكثر في الاقتصاد.
وجاء في ختام التقرير ... إن تلك الأوقات التي يمر بها العالم هي أوقات غير عادية. فالأحداث التي تجري في الولايات المتحدة والعالم لابد وأنها ستؤثر على دول الخليج. ولكن على المستوى الداخلي، فإن اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي تمثل تحديا إضافيا، يفوق بمراحل تأثيرات الأزمة العالمية . ومع أن هناك مؤشرات ايجابية أساسية، فمن الممكن أن تلعب السياسة دورا نشطا في ضمان أن أية فعالية أو أي حل يتم عمله بطريقة منظمة. ولهذا فمن المحتمل أن اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي سوف تجد هبوطا هينا، ولكنه سيحدث على أية حال.
التعليقات