كامل الشيرازي من الجزائر: أعلن متحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، الأربعاء، إنّ خمسة آلاف تاجر في بلاده توقفوا عن النشاط بينهم أربعة آلاف خباز، وكشف quot;مراد بولنوارquot; أنّ هذا التسرّب الكبير حصل بسبب ما سماه quot;معوقات السياسة الضريبية المعتمدةquot; في الجزائر، وقال بولنوار في تصريحات خاصة بــquot;إيلافquot; إنّ التدابير الحكومية أدت أيضا إلى تخلي ألفي حرفي عن مسارهم المهني، حيث لوحظ نزيف حاد دفع بمئات الحرفيين والتجار المعروفين إلى إيقاف أنشطتهم، والتحول إلى أعمال حرة.

وأشار بولنوار في مقابلة مع quot;إيلافquot;، إلى اتساع رقعة السوق الموازية في الجزائر، حيث باتت تشهد نموا مطرّدا ومتسارعا، بشكل جعل الأخيرة تستقطب 60 بالمائة من إجمالي التجار على المستوى المحلي، ناهيك عن آلاف الآخرين من اليد العاملة الناشطة في هذه الأسواق، علما إنّ تقديرات الهيئات المتخصصة، تتحدث عن تشغيل السوق الموازية لحوالي مليوني شخص.

ويعزو بولنوار هذه الظاهرة الفريدة من نوعها في بلاده، إلى النمط الضريبي المتبّع، وبحسبه يشتكي الكثير ممن اندرجوا خارج سجلات السوق الرسمية، بما يطبع منظومة الضرائب في الجزائر من تهرب وغش، ما أنتج تداول 80 بالمائة من السلع والبضائع في نحو خمسمائة سوق يطلق عليها مسمى (فوضوية)، وهو واقع غريب ينطوي على مفارقات أفرزت حياة اقتصادية تتميّـز بمناطق شعبية تشبه الدول، تبيع وتشتري كما تشتهي ولا تعرف مفهوم الضرائب وإتاوات الدولة، ويمكن للمتجول في مدن جزائرية عديدة بدءا من الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية مرورا بمحافظات داخلية، وصولا إلى مدن الجنوب الكبير، أن يلحظ عشرات التجمعات الاقتصادية المتناثرة هنا وهناك، هذه الأخيرة تسيرها مجموعة من (البارونات)، وفق قوانينها الخاصة بعيدا عن أي سيطرة أو وصاية من طرف الدولة التي أعيتها الحيل على ما يبدو إذ استمرّ بقاء السوق الموازية لسنوات طويلة في الجزائر رغم توالي 12 حكومة، ما يعدّ مؤشرا على سطوة هذه السوق وقوة عرّابيها.

من جهته، قدّر quot;إبرهيم بن جابرquot; رئيس الغرفة الجزائرية للصناعة والتجارة، قيمة (رقم أعمال) السوق الموزاية في بلاده، بحدود عشر مليارات دولار، تدور في فلك لا يعترف بالتحصيل الضريبي، وتؤكد إحصائيات رسمية حديثة، أنّ الاقتصاد الموازي في الجزائر يسيطر لوحده على 40بالمائة من الكتلة النقدية المتداولة في السوق المحلية، وهي نسبة ضخمة تعكس واقع الحال.
وفي وقت ظلّ مسؤولون في الحكومة ينادون بتغليب عامل الردع لمحاصرة الأسواق الموازية، يدعو خبراء إلى مرونة أكبر في التعاطي مع ظاهرة صارت جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي التجاري المحلي، ويهيب عبد الحق لعميري وعبد الرحمان مبتول وغيرهما، بدوائر القرار في الجزائر لإدماج الاقتصاد الموازي في الحركية العامة، بمنأى عن أي سلوكات قمعية، وكحل لهذه المعضلة التي اشتكى منها وزراء التجارة المتعاقبين في الجزائر، اقترح رئيس الغرفة الجزائرية للصناعة والتجارة، أن تبادر السلطات بتحديد فترة إعفاء ظرفية تشمل جميع تجار السوق الموازية، بحيث تغنيهم عن دفع الرسم على مداخيلهم الإجمالية والرسم على أرباح مؤسساتهم على امتداد ثلاث سنوات كفيل، بما يكفل إعادة تنظيم الإيرادات الجبائية والحد من تنامي السوق الموازية، مشددا على أهمية اعتماد سياسة واقعية في هذا المجال.
كما ينادي مختصون، باعتماد شفافية كاملة في مجال الصفقات والمعاملات المالية وتوفير بطاقات الدفع والسحب المغناطيسية فضلا عن الفوترة في كامل التعاملات، ما يقطع الطريق على تنامي السوق الموازية، في وقت يرى متابعون، إنّ تجاهل الوضع سيؤدي إلى تحول الاقتصاد الموازي إلى اقتصاد جماعات ضغط، قد يمتدّ أثره ليتجاوز الدولة، سيما مع خوض ناشطي السوق الموازية في تجارة العملات، وما يترتب عن ذلك من أثر على تفادي المواطنين الانخراط في التعاملات النقدية الرسمية، وتراجع معدلات الادخار، بمقابل استشراء تهريب النقد الأجنبي خارج البلاد.

يشار إلى أنّ تقرير أعلنه الديوان الجزائري للسجل التجاري، الأحد، أفاد أنّ عدد التجار الناشطين بالجزائر، هو 1.2 مليون تاجر مقيدين في السجلات الرسمية خلال العام الماضي، ما يمثل ارتفاعا نسبته ب 7ر6 بالمائة في السنة التي قبله، وينتمي نصف هؤلاء إلى تجارة التجزئة (50.1 بالمائة)، فيما يتوزع البقية بين الخدمات (31.4 بالمائة)، والصناعات (14.4 بالمائة)، وتجارة الجملة (4.1 بالمائة).