النزاهة العراقية: حرق مخازن للأدوية قيمتها 100 مليون دولار
العراق: الكشف عن فساد مالي بلغ 445 مليون دولار في وزارة الصحة

أسامة مهدي من لندن: أعلن في بغداد العراق، اليوم، عن اكتشاف أخطر عمليات فساد مالي في وزارة الصحة العراقية بلغت قيمتها 445 مليون دولار تتعلق بعقود للأدوية والأجهزة الطبية وعن حرق مخازن إستراتيجية للأدوية في احد أحياء بغداد، بلغت قيمة محتوياتها 100 مليون دولار .
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي برئاسة رئيسها صباح الساعدي اليوم مع رئيس هيئة النزاهة العامة والأمين العام لمجلس الوزراء وممثلين عن ديوان الرقابة المالية وهيئة الإدعاء العام وعدد من المفتشين العاميين، وذلك ضمن سلسلة الاجتماعات التي تعقدها اللجنة لمناقشة القوانين المطروحة أمامها. وقد ناقش الاجتماع قانون المفتشين العامين والمواد الواردة فيه وموضوع عدم توفر الأدوية الحياتية المهمة في المذاخر الرئيسة والمستشفيات ووجودها في الأسواق السوداء مع مفتش وزارة الصحة الدكتور عادل محسن، كما قال بيان صحافي من الدائرة الاعلامية لمجلس النواب أرسلت نسخة منه إلى quot;إيلافquot; .
وأكد المفتش العام لوزارة الصحة أن عملية استيراد الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية هي إحدى المصاعب والمشاكل التي تعاني منها الوزارة، موضحًا أن الشركة العامة لاستيراد الأدوية هي المسؤولة عن توفير الأدوية، كاشفًا عن معوقات توزيع الأدوية في المستشفيات والمستوصفات الصحية والتي من أبرزها تقدير الحاجة إلى هذه الأدوية، حيث يكون في اغلب الأحيان غير صحيح، إضافة إلى فقدان عامل الثقة. وأشار إلى أن هذه إحدى نتائج هجرة المواطنين والأطباء إلى مناطق أخرى في داخل البلادوخارجها، جراء الوضع الأمني وعملية تغيير الملاكات والموظفين الذين يقومون بتقدير هذه الاحتياجات من الأدوية، وجلب آخرين جدد لا يعترفون بتقدير الحاجات السابقة .
وشدد الدكتور محسن على أن نقص الأدوية سببه الفساد في مختلف عمليات الاستيراد والخزن حيث لا يتم اختيار الأدوية والمستلزمات الطبية على أساس الحاجة والأولويات بل على أساس العلاقات مع المكاتب العلمية التي تؤدي دورًا كبيرًا في الفساد، واصفًا إياها بـ quot;أم الفسادquot; حيث تقوم هذه المكاتب بدفع عمولات ورشاوٍ كبيرة للحصول على عقود توريد المواد الطبية، وهذه المكاتب هي التي تضع الأسعار والمواصفات دون أي منافسة، كما أن بعض هذه المكاتب تمثل شركات عديدة .
وكشف المفتش العام لوزارة الصحة عن عمليات الفساد في تحليل العروض، والتي قال إنها تبدأ من اللجنة الفنية والتي تضع المواصفات وبحسب الشركة التي تدفع عمولات أكثر، إضافة إلى حالات الفساد في موضوع الإحالة. وفضح اكبر عملية فساد في تاريخ وزارة الصحة حيث تمت إحالة 12 عرضًا إلى شركة واحدة هي شركة quot;GE quot; بمبلغ 400 مليون دولار تضمن استيراد أجهزة طبية. وأوضح أن عملية الفساد في العرض الخاص بمعامل الأوكسجين البالغة 45 مليون دولار والمخصصة لـ quot;22quot; معملاً، قد أرسلت مواصفاتها المطلوبة إلى شركة واحدة وهي التي فازت بها بعد أن دفعت عمولات قيمتها 5 مليون دولار.
وأشار المفتش العام في وزارة الصحة إلى أن الفساد لا يقتصر على العقود فحسب، وإنما أيضًا بعد مجيء البضاعة إلى العراق وعند الإخراج الجمركي وفي ا لمخازن. مؤكدًا أن مخازن الأدوية في العراق تعيش وضعًا سيئًا من ناحية انعدام الخدمات فضلاً عن حرق المخازن الإستراتيجية في حي العدل بالعاصمة بغداد والتي كانت تحتوي على مواد طبية بقيمة 100 مليون دولار. وأكد انه لا توجد آلية واضحة لمقاضاة الشركات التي تورد الأدوية إلى العراق في حال عدم صلاحية الدواء أو عدم تطابقه مع المواصفات المطلوبة.
وأعلن المفتش العام عن عدة توصيات لمعالجة مشكلة نقص الدواء والقضاء على الفساد المالي والإداري المرافق لعملية الاستيراد. ودعا إلى إنشاء دليل طبي من 50 ألف نسخة يكون دليلاً للأطباء والممرضين عن الأدوية المستعملة واستيراد أدوية مباشرة من الشركات الرصينة، وان يكون الاستيراد من خلال مؤسسات عالمية معروفة فضلاً عن إنشاء شبكة منظومات تربط الوزارة والأقسام الاستيرادية مع مخازن العراق الرئيسة والفرعية والمستشفيات ودوائر وقطاعات الصحة بحيث يمكن مراقبة الوضع الاستيرادي والرصيد المخزني الرئيس والفرعي.
وتقرر خلال الاجتماع استضافة وزير الصحة مع عدد من المسؤولين في الوزارة في اجتماع لاحق ومتابعة المسائل التي طرحها المفتش العام لوزارة الصحة من قبل هيئة الادعاء العام ومفوضية النزاهة ومناقشة موضوع نقص الأدوية بشكل مستفيض في اجتماع مقبل.
وكان مؤتمر للحوار العراقي الأميركي بمشاركة مسؤولين اقتصاديين وماليين كبار من الجانبين قد انتهى بالاتفاق على إستراتيجية تعاون مشترك، مشددًا على أن الإرهاب والفساد المالي يشكلان اكبر التحديات لعمليات التطور الاقتصادي في العراق .
وخلال العام الماضي، أعلنت مفوضية النزاهة العراقية أنها أحالت إلى محكمة الجنايات العراقية ثلاثة وزراء سابقين عملوا في الحكومات العراقية التي أعقبت سقوط النظام السابق بتهم فساد إداري ومالي.
وقالت الهيئة إنها ستحيل قضايا 37 وزيرًا ومسؤولاً كبيرًا تعاقبوا على الحكومات العراقية الثلاث السابقة إلى المحاكم بتهم فساد مالي وإداري إلا أن معظم هؤلاء غادروا العراق تخلصًا من متابعتهم مما اضطر هيئة النزاهة إلى الاستعادة بالشرطة الدولية quot;الانتربولquot; لإعتقالهم وإعادتهم إلى العراق، لكنه لم يتمحتىالآن القبض على أي منهم .