كامل الشيرازي من الجزائر: أنهت شركة ''إعمار'' العقارية الإماراتية، وهي أكبر شركة للتطوير العقاري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، معضلة افتتاح مشاريعها في الجزائر، بعد نحو سنتين من الشد والجذب وبقاء الأمور مراوحة لمكانها، وكان مساء الخميس آخر جولة ذللت العقبات التي ظلت تعترض استثمارات إعمار في الجزائر، بإبرام وفد عن إعمار على عقود أربعة مشاريع مع ممثلي الحكومة الجزائرية في احتفالية بمقر وزارة الصناعة الجزائرية، وتزيد قيمة العقود عن العشرين مليار دولار، ويقترب هذا المبلغ من أكبر استثمار تنفذه ''إعمار'' في الخارج، والذي كان عبر إنشائها ''شركة إعمار المدينة الاقتصادية'' في السعودية باستثمار بلغ 27 مليار دولار يخصص لإنشاء مدينة ضخمة لمختلف قطاعات الاقتصاد.
وأفيد أنّه جرى إلغاء مشروع خامس كان مبرمجا انجازه من طرف إعمار، ويتضمن إعادة تأهيل محطة قطارات وسط العاصمة الجزائرية، في حين قال وزير الصناعة والاستثمارات الجزائري quot;حميد طمارquot;، أنّ توقيع فرع إعمار بالجزائر، للعقود المذكورة أتى ليفند ما راج عن إلغاء مشاريع إعمار في الجزائر وانسحابها من الاستثمار هناك، لكن حميد طمار أحجم عن ذكر تاريخ محدد لانطلاق مشاريع إعمار، حتى وإن أسرّت مصادر على صلة بالملف على أنّ الانطلاقة ستكون في غضون السداسي الثاني من العام الجاري.
وجهزت ''إعمار'' تصاميم تقول الشركة إنها تناسب مدن متوسطية بوزن الجزائر، من خلال مجموعة متكاملة من القرى السياحية في ضاحيتها الغربية ومنشآت ترفيه ووحدات سكنية حديثة متميزة عن تلك التي طرحها مطورون عقاريون في السوق المحلية، بهذا الصدد، صرّح العبار في وقت سابق أنّ أفكار مجموعته المبتكرة من شأنها الإسهام في تغيير الوجه العمراني المتقادم للجزائر منذ استقلالها قبل 46 سنة، مع الإشارة أنّ الجزائر تشكل بمنظار خبراء أكبر سوق ناشئ للعقارات، بما سمح باستقطاب أكثر من متعامل محلي وأجنبي، تبعا للطلبات المتزايدة على ربع مليون وحدة سكنية، وحاجة البلد إلى سد عجز تقدره جهات مختصة بما يربو عن المليون وحدة سكنية.
وتحدثت شائعات قوية قبل أشهر عن تعثر خطة إعمار التوسعية في الجزائر، ما دفع بسلطات الأخيرة إلى التشديد في أكثر من مناسبة على أنّ مشاريع المجمع الإماراتي تسير في الاتجاه الصحيح، وجرى تبرير التأخيرات المحيّرة للمشاريع إلى خصوصية طلب إعمار لقطع أراضي واسعة وفي أماكن إستراتيجية في ضواحي عاصمة الجزائر، في وقت ظلت مصادر إعلامية محلية تركّز على quot;مماطلات بيروقراطيةquot; من لوبي متنفذ، بينما واظب مسؤولو ''إعمار'' من شأن العقبات التي تعترض استثماراتها في الجزائر وسط جولات مكوكية قادت رئيس ''إعمار'' محمد علي العبار إلى الجزائر، وقيل وقتئذ إنّما تواجهه ''إعمار'' في الجزائر ''أقل بكثير'' مما يعترض الشركة لإطلاق وحداتها للتطوير العقاري في كل من مصر وسوريا.

وتتضمن مشاريع إعمار الأربعة للتطوير العقاري والمجال السياحي في الجزائر، تغيير ملامح عاصمة الجزائر، من خلال تطوير الواجهة البحرية لمدينة الجزائر، عن طريق مخطط سمي quot;جون الجزائرquot; يهتمّ بإعادة تهيئتها وإقامة بنايات عصرية على طراز البنايات التي تزيّن مدينة دبي، حيث يسعى المجمع لإنشاء فنادق راقية وأبراج للأعمال وعمارات سكنية من النوع الممتاز ومحلات تجارية عصرية ومساحات للفسحة والتسلية.

أما المشروع الثاني فيخصّ إنشاء مدينة سياحية وأخرى للصحة بالعاصمة مرتبط بمشروع مركب سياحي بشاطئ quot;العقيد عباسquot;، فضلا عن مشروع مدينة الحظيرة المعلوماتية في منطقة quot;سيدي عبد اللهquot; الواقعة على بعد 25 كيلومتراً جنوب غرب الجزائر، وتبلغ مساحتها 90 هكتارا، وقدّمت إدارة إعمار مشروعا رابعا يحتوي على مخطط كامل لمراكز تجارية ومناطق سكنية وشقق فاخرة وجامعات.

ولاعتبارات غير معروفة، جرى إسقاط المشروع الخامس من الرزنامة، وكان يفترض أن يتم من خلاله جعل المحطة المركزية للسكك الحديدية quot;الآغاquot; بوسط عاصمة الجزائر القطب الأهم في المواصلات بالمدينة الأولى في البلاد، مع الإشارة أنّ المحطة المذكورة تستقبل 80 ألف مسافر يوميا، وكان مبرمجا إحاطة المحطة المذكورة بعدد من المرافق الضخمة بينها فندق فخم للمسافرين وثلاثة أبراج من 9 و 15 و 18 طابقا ومركز تجاري ضخم.

وتسعى quot;إعمارquot; رفقة quot;شركة الإمارات الدولية للاستثمارquot; ومشروعها السياحي الضخم quot;دنيا باركquot; (تربو قيمته عن 5 مليارات دولار)، إضافة إلى مجموعة quot;الغريرquot; لمضاعفة الحضور الاستثماري الإماراتي في الجزائر، وهو ما تراهن عليه أيضا كل من شركتي quot;مبادلة ديفلبمنت كومبانيquot; وquot;دبي ألومنيومquot; (دوبال) المحدودة، من خلال شروعهما في إنجاز مركّب لإنتاج الألومنيوم الجاري تنفيذه غرب الجزائر، وهو أضخم استثمار أجنبي مباشر من نوعه في الجزائر، حيث رٌصدت له مخصصات بقيمة 5.4 مليارات دولار.

وكانت وزيرة الاقتصاد الإماراتية الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، كشفت غداة اللقاء الذي خصها به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قبل أشهر، أنّ محفظة المشاريع الإماراتية التي ستسهر مجموعة القدرة العالمية القابضة على متابعتها والإشراف عليها، ستتجاوز 30 مليار دولار إلى غاية 2010 .