القاهرة: وافق مجلس الشعب المصري يوم الاثنين على زيادات حادة في أسعار الوقود والسجائر ورسوم تراخيص السيارات اقترحها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم لتدبير اعتمادات لزيادة في مرتبات العمال والموظفين أعلنها الرئيس حسني مبارك الأربعاء الماضي. وقال فتحي سرور رئيس المجلس بعد اقتراع أجري نداء بالاسم عقب مناقشات حامية ان 297 نائبا وافقوا بينما اعترض 76 في مذكرة مكتوبة قدموها اليه. ويتمتع الحزب الوطني الذي يرأسه مبارك بأغلبية كبيرة في مجلس الشعب الذي يتكون من 454 مقعدا منها عشرة تشغل بالتعيين. وتشغل جماعة الاخوان المسلمين التي تمثل اكبر كتلة معارضة 87 مقعدا.
وقال خبراء ان بعض الاجراءات مثل زيادة أسعار الوقود ستزيد التضخم المرتفع بالفعل وستمحو بعض تأثيرات الزيادة في الاجور التي قررها مبارك بنسبة 30 في المئة من أساس الاجر. وكانت لجنة الخطة والموازنة بالمجلس التي يهيمن عليها الحزب الوطني وزعت على نحو مفاجئ في بداية جلسة يوم الاثنين تقريرا يقول ان سعر البنزين درجة 90 أوكتين سيزيد بنسبة 35 في المئة ليصل الى 1.75 جنيه مصري (33 سنتا أمريكيا) للتر. وكان مبارك أعلن زيادة الراتب الاساسي للعاملين في القطاع العام بنسبة 30 في المئة بشرط توفير التمويل اللازم وألا تؤدي الزيادة الى تفاقم عجز الموازنة. وجاء الاعلان في خطابه بمناسبة عيد العمال وسط موجة من السخط الشعبي على ارتفاع الاسعار.
وقال أحمد عز مسؤول التنظيم في الحزب الوطني الديمقراطي ورئيس لجنة الخطة والموازنة ان الحكومة تتقدم بحزمة اجراءات تستهدف زيادة الايرادات ليتسني زيادة أجور العاملين في القطاع العام. وأضاف ان الحكومة تنفق الان 111 جنيها شهريا على دعم صاحب السيارة المتوسطة الذي يستهلك 100 لتر بنزين شهريا.
وجاءت أكبر زيادات في رسوم استخراج تراخيص السيارات الفاخرة. وسيدفع صاحب السيارة التي تزيد سعة محركها عن 2030 سي.سي رسما سنويا يعادل اثنين بالمئة من قيمة السيارة ارتفاعا من 500 جنيه في الوقت الحالي. وسيزيد سعر البنزين عالي الاوكتين بمعدل أكبر من الانواع الاخرى حيث سيرتفع سعر البنزين درجة 95 أوكتين بنسبة 57 بالمئة الى 2.75 جنيه للتر. كما سيزيد سعر وقود الديزل (السولار) والكيروسين 47 بالمئة الى 1.10 جنيه للتر. وسيرتفع سعر السجائر الاجنبية بما يصل الى 20 بالمئة مقارنة مع زيادة تبلغ نحو 10 في المئة في أسعار الانواع المحلية.
واقترح التقرير زيادات تصل الى 57 بالمئة في سعر الغاز الطبيعي الذي تدفعه الصناعات التي تعتمد بشدة على الطاقة وفرض رسم استخراج يبلغ 27 جنيها على طن الطفلة المستخرجة من المحاجر والغاء الاعفاءات الضريبية على بعض الصناعات.
وقال رئيس الوزراء احمد نظيف في مؤتمر صحفي ان زيادات الاسعار تسري اعتبارا من الساعة 1900 بتوقيت جرينتش وانها ستحقق 12 مليار جنيه للميزانية لسداد زيادات الاجور المتوقعة والمساعدة في معالجة ارتفاع تكاليف الطاقة العالمية. واضاف ان اسعار النقل العام لن تزيد.
ولدى سؤاله عما اذا كانت زيادات الاجور ورفع الاسعار سيؤثر على التضخم قال نظيف ان ذلك لن يترك اي اثر سلبي على التضخم لان الاموال اللازمة لتمويل الاجور تأتي من موارد حقيقية. وكان نظيف قال في كلمة في جلسة المجلس quot;التأثير لن يزيد على عشرة في المئة مما سيحصل عليه محدودو الدخل (من علاوة المرتبات).quot; وكانت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية نقلت عن نظيف في وقت سابق يوم الاثنين قوله اثناء زيارة لمحطة سكك حديد مصر بالقاهرة انه quot;لا يوجد هناك اي خطة لزيادة الاسعار ولكن هناك خطة لاحتواء زيادة الاسعار من خلال الاجراءات التي تتخذها الحكومة.quot;
وكان وزير المالية يوسف بطرس غالي قد ابلغ رويترز الشهر الماضي أن زيادة الرواتب لن يكون لها تأثير تضخمي اذا تمكنت الحكومة من ايجاد مصادر اضافية لتمويلها. وسيوفر رفع أسعار الوقود للحكومة مليارات الجنيهات التي تنفقها الان على دعم الوقود الذي ينتظر أن تصل كلفته الى 57 مليار جنيه في السنة المالية التي تنتهي في 30 يونيو حزيران. وتريد الحكومة رفع أسعار البنزين منذ أعوام قائلة ان المستفيد الرئيسي من الدعم هم الاغنياء من أصحاب السيارات الفارهة.
لكن أنجوس بلير رئيس الابحاث في بيلتون فاينانشال قال يوم الاثنين ان زيادات الاسعار ستؤدي الى ارتفاع التضخم. وقال بلير لرويترز quot;من الواضح أنه عند رفع أسعار المنتجات الاساسية سيكون هناك تأثير مباشر على التضخم... وربما يدفع قطاعات اخرى الى رفع أسعارها لانه عند ارتفاع التضخم يصبح من الصعب خفضه.quot;
وقال هاني الحسيني وهو خبير ضرائب وعضو كبير بحزب التجمع اليساري المعارض انه ينبغي للحكومة بدلا من رفع الاسعار أن تزيد الضرائب على الشركات وتفرض ضرائب quot;استثنائية ومؤقتةquot; على الارباح الهائلة في القطاع العقاري المزدهر.
وجاء اقتراح مبارك بزيادة أجور القطاع العام ردا على ارتفاع اسعار الغذاء العالمية وهو ظاهرة مدفوعة في أغلبها بأوضاع السوق العالمية وليس بعوامل محلية. وبلغ التضخم الشهري في المدن في مصر 14.4 بالمئة في مارس اذار مسجلا أعلى مستوى في ثلاث سنوات.
وقال نواب مصريون معارضون ان الفقراء سيتحملون أعباء الزيادة في الاسعار محذرين من امكانية حدوث اضطرابات اجتماعية. وحذر عضو مجلس الشعب حمدين صباحي من ان اقرار الزيادات quot;معناه اشعال نار الاسعار في الشارع المصري.quot; وأضاف للصحفيين على رصيف الشارع أمام أحد أبواب المجلس quot;الفقير في مصر سيدفع فاتورة مضاعفة لوعد الرئيس مبارك بعلاوة (في مرتبات الموظفين والعمال بنسبة) 30 في المئة. أعطيت (العلاوة) بالشمال والحكومة الان تأخذ أضعافها باليمين. quot;هذه الحكومة تضع الكبريت بجوار البنزين وتهيء مصر لانفجار اجتماعي بسبب الفقر والاحباط.quot; وصباحي وكيل لمؤسسي حزب الكرامة العربية وهو حزب ناصري فشل لسنوات في الحصول على ترخيص بالنشاط من لجنة شؤون الاحزاب التي يهيمن عليها الحزب الوطني.
وقال النائب المستقل جمال زهران quot;عندما يقتربون من أسعار البنزين والسولار والكيروسين ترتفع جميع الاسعار.quot; وأضاف quot;هذا الوضع يذكرني بما حدث ليلة 18 و19 يناير (كانون الثاني) سنة 1977 . زادت الاسعار بالليل حتى فوجئ الجميع بمظاهرات عارمة من الشعب المصري نتيجة رفع الاسعار.quot;
وقتل وأصيب المئات في اضطرابات الطعام عام 1977 وتراجعت الحكومة عن الزيادات المفاجئة في الاسعار. وارتفاع أسعار السلع الاساسية مشكلة كبيرة للمصريين الفقراء لانهم ينفقون نسبة أكبر من دخولهم على الطعام.
وقال النواب المعارضون ان الحزب الوطني ارتكب مخالفة بعرض تقرير لجنة الخطة والموازنة في جلسة مجلس الشعب يوم الاثنين. وأضافوا أن اللجنة أعدت تقريرها دون حضور أعضائها من المعارضة كما عرض التقرير على المجلس دون المهلة التي لا تقل عن 48 ساعة قبل مناقشته ليتاح للاعضاء الاطلاع الاعضاء عليه.
وقال عضو اللجنة أشرف بدر الدين الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين quot;هناك أربعة أعضاء من المعارضة لم يدع أي منهم من أجل اخراج هذا المشروع المعروض على المجلس اليوم.quot; لكن رئيس المجلس فتحي سرور قال ان الضرورة تبيح عرض تقرير على المجلس بشكل مفاجئ. وطلب من أعضاء المجلس الموافقة على عرض التقرير فوافقت الاغلبية. وقال بدر الدين quot;الحكومة تحابي الاغنياء والمستثمرين وكبار رجال الاعمال من خلال هذه الاقتراحات.quot;
ووصف محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان المسلمين الذي تحدث الى الصحفيين خارج المجلس خلال انعقاد الجلسة اقتراحات زيادة الاسعار بأنها quot;مؤامرة على الفقراء.quot; وقال quot;هذا يوم عصيب. يوم أسود في تاريخ الشعب المصري لانه تزاد فيه الاسعار.quot;
وعلى مدى أكثر من عام نظم العمال اضرابات في عشرات المصانع في مختلف أنحاء البلاد مطالبين بأجور أعلى لمواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة. وكانت مدينة المحلة الكبرى في دلتا النيل وهي مركز لصناعة الغزل والنسيج في البلاد أحد مراكز الاضطرابات العمالية حيث شارك ألوف في احتجاجات مناوئة للحكومة يومي السادس والسابع من أبريل نيسان حيث قتل ثلاثة أشخاص وأصيب أكثر من 150 اخرين.
(الدولار يساوي 5.35 جنيه مصري)
- آخر تحديث :
التعليقات