تطبيق المادة (49) يعيد توازن السوق
التركي: المؤشر السعودي لا يرتبط بالأحداث الخارجية

خالد الزومان من الرياض
سؤال بديهي يتبادر في خلد الكثير من المتداولين في سوق المالية السعودية ( الأسهم ) وذوي الاختصاص ومتابعيه، حول ماهية الأسباب التي تجعل السوق السعودي هو الأكثر تأثرًا سلبًا فوق الحد الطبيعي بأي حدث طارئ يحدث في المحيط الخارجي حتى وإن لم تكن تلك الأحداث أو المؤثرات ذات صلة مباشرة به اقتصاديًا على نحو ما، وعدم تأثره إيجابًا بتلك الوتيرة بأي حدث ايجابي له صلة بالاقتصاد الداخلي ومقوماته، وعن إمكانية ارتباطه بنظرية جديدة في الاقتصاد لم يتم الكشف عنها لهذه الساعة. ويعلم كثير من المراقبين يقينًا ضمن الحيثيات الاقتصادية بان أسواق المال ذات صلة مباشرة بالاقتصاد الداخلي لأي بلد كمنطلق، دون أن يغفلوا المحيط الخارجي اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا، وكلما كانت القاعدة الاقتصادية الداخلية ذات رسوخ فإنها تقلل من تأثير أي حدث طارئ خارجي ذو صلة مباشرة أو غير مباشرة بها وتحد من مخاطره بأسرع وقت ممكن هكذا تبدو الصورة المنطقية والمثالية في دائرة الاقتصاد وتطبيقاته، بعيدًا عن بديهيات تطبيقات القواعد التي تتحدث بتأثير الكل على الجزء والأقوى على الأضعف اقتصاديا وليس العكس.

ويأتي طرح هذا التساؤل بعد تراجع السوق السعودي خلال الفترة الماضية، وهبوطه في يوم واحد أكثر من (500) نقطة تمثل نسبة تفوق الخمسة بالمائة من قيمة المؤشر العام بقليل حينها، على الرغم من انه قلص النزول في أواخر التداول، وكان تأويل الحدث ( للعامة ) حينها بأنه نتيجة الأزمة اللبنانية التي حصلت في أول أيامها، والخوف من تداعياتها لاحقا، مع افتراض عدم وجود مسوغات أخرى وجيهة يمكن طرحها على الآخرين حينها من قبل القوى المؤثرة في السوق، وكان الأسئلة تدور في ذلك الوقت حول منطقية تسبب هذه الظواهر في التأثير على سوق أساسًا ليست لدى شركاته المؤثرة تلك الاستثمارات الكبيرة هناك والتي من شانها بالتالي أن تؤثر سلبًا على أعمالها وبالتالي نتائجها المالية، ويمكن أن تنعكس على اكبر سوق مالي في المنطقة من ناحية القيمة السوقية سلبًا، وبذلك نكون خالفنا طبيعة الحياة المالية والقوانين الاقتصادية والتي تتحدث بان الاقتصاد الأقوى هو من يؤثر على الآخرين وليس العكس، وعن أسباب انفراد السوق السعودي بذاك التأثر الكبير مخالفًا لأسواق منطقة الخليج التي لم تتأثر بتلك الوتيرة، وما حصل من انخفاض في بعضها لا يعدو إلا أن يكون انخفاضا بسيطا بعدد النقاط، وكان العامل المسبب له هو وقوع تلك الأسواق أساسا في مناطق جني أرباح طبيعية نتيجة للارتفاعات التي سبقتها، وعاودت بعدها عملية الصعود، علمًا بان المثال السابق الذي أوردناه طالما يتكرر بالسوق بأي أحداث مشابهه والشيء العجيب أن أسواق منطقة الحدث لا تتأثر تأثرًا كبيرًا بينما ترامياتها على سوقنا تحدث الضرر الأكبر به، وهي مفارقة عجيبة يجب البحث عن مسبباتها وأدواتها.

ويؤكد مستشار تحليل أسواق المال صباح التركي لـ quot;إيــلافquot; أنه طالما تحكم الأسواق المالية عدة آليات وأدوات والتي تلعب الدور الأهم في عملية الانضباط به ومن ثم بالتالي إتمام عملية التوازن المرجوة والحد من أي خلل مفاجئ قد يصيبه يودي إلى حدوث ربكة تعاملية به تودي في النهاية إلى حدوث نوع من الفجوات التي من شانها إسقاط احد أعمدة السوق وجعل السوق كمثل الأريكة التي فقدت احد أرجلها.ويتابع بأن احد هذه الآليات على سبيل المثال يقع في جانب مدى الانضباط والمهنية في تطبيق القوانين والأنظمة المنبثقة من إدارات الأسواق المالية والأنظمة المالية المعمول بها... والتي من شأنها إحكام السيطرة على عمليات وحيثيات السوق ككل وتأتي عمليات التداول وقانونيتها ومراقبتها لتسير بالطريقة الصحيحة تماشيا مع القوانين المتبعة ومنع الخرق لتلك القوانين واللوائح بالمرتبة الأولى من حيث الأهمية.

ويقول التركي إن الجانب الأخر بلا شك يقع ضمن دائرة التوازن الطبيعية في أسواق المال قاطبة والتي تلعب القنوات المالية المساهمة بشتى أنواعها في عمليات التداول سواء أكانت من مؤسسات مالية quot; وما ينطوي تحتها من أدوات مالية فاعلة ومتاحة والتي يجب أن تتعامل بمهنية بالسوق ذاتيًا... وان كانت صعبة المراس بهذا الجانب ! أو تجبرها القوانين والأنظمة متى ما تم تفعيلها بطريقة عاليه..! على النحو نحو السلوك القويم والايجابي اتجاه السوق ! quot; ، أو قوة ماليه فردية والتي ينطبق عليها على ما سبقها من ناحية وجوب المهنية وإتباع الأنظمة والتي لا تقل شأن بأي حال من الأحوال عن مدى تأثيرها بالسوق وقد تتفوق على سابقتها أحيانا كثيرة ! ، ناهيك عن أداء شركات السوق وعمليات النمو والتوسع الايجابي بها ومدى تطبيقها للوائح والأنظمة المراعاة خصوصًا بما يتعلق بـ حوكمت الشركات والتي يجب أن يراعى بها عملية التطوير المستمر لآلياتها من قبل المسؤولين للوصول إلى اعلى درجات الشفافية التي هي لب هذه اللوائح والتي تنعكس سلبًا أو إيجابًا على السوق مباشرة.

وأضاف التركي: quot;لا يخفى على الجميع أن تلك الأدوات مرتبطة مع بعضها البعض بصوره تكاد تكون أشبه بالتكاملية... وحينما نتطرق بالحديثعن مدى تأثير وفاعليه القوى المالية وأدواتها ومدى تأثيرها لكي تكون صانعًا للسوق.. فإننا نجد أن هناك عملية إكمال لرص بنيان هذه القوى بعدما كانت قوى فرديه محلية أصبحت قوى مالية مؤسساتية من خلال دخول صناديق البنوك ومن ثم تحولها تلقائيا إلى شركات الوساطة كلاعب رئيسي ناهيك عن الاستثمارات الخاصة بالبنوك ! ومما يجدر الإشارة له أن أداء شركات الوساطة وخصوصًا الحديثة والتي لم يكن لها سابق عمل في السوق المحلية لم يبدآ تأثيرها الفعلي إلى هذه الساعة ربما لحداثة تأسيسها واحتياجها لوقت كافي للانخراط في أعمال السوق بالثقل المؤمل ! ومن المفارقات العجيبة تفوق القوى المالية الفردية على مر الأوقات على مجريات الأحداث من خلال ما تمتلكه من سيوله عارمة بعضها موجه بطريقة مرسومه والبعض الأخر الأقل تأثيرا بصوره عشوائية !! إضافة إلى تقاطع المصالح بين تلك القوى في أحيان كثيرة !! والذي يودي في النهاية إلى توجيه مسار السوق بوجهة الأقوى ماليا !! وحسب مصالحه الخاصة، وحينها يجب ألا نعول كثيرًا على تلك القوى المالية بإناطة عملية التوازن بالسوق المالية بها .. لأنها تسير حسب ما تمليه عليها مصالحها من تحقيق أرباح خاصة بها دون الالتفات كثيراً إلى تراميات خطواتها ونتائج تبعات تحركها لاحقًا على مسار السوق أو منهجيته أو على بقية المتداولينquot;.

واعتبر صباح التركي أن هذا الاحتمال يمكن اعتباره في ظل عدم وجود مؤسسة ماليه مستقلة ذات ثقل كبير تعمل على إضفاء نوع من التوازن مقابل القوى الأخرى وتكون مؤسسة ربحيه استثمارية تدار بمهنية وبعقلية المنطق والصالح العام ! ولا يعد هذا مخالفًا لأنظمة التجارة العالمية ولا عائقًا أمام حرية تحرك السيولة بأي شكل من الأشكال إنما تخفف من وطأة القوى المالية التي تدار بمفهوم المصلحة الخاصة فقط .

وأكد مستشار تحليل أسواق المال صباح التركي أن الخيار الآخر وهو الأقوى في المعادلة الصعبة للسوق والذي بإمكانه إضفاء ذلك التوازن في حركة مسار السوق والحد من تقلباته المفاجأة، وهي تطبيقات بنود وقوانين ولوائح السوق بحذافيرها وخصوصًا المادة ( 49 ) من نظام سوق المال والتي من شانها أن تتساءل وتتحقق عن أي صعود أو هبوط حاد في أسعار أسهم الشركات والذي يدخل ضمن العمليات غير المبررة أحيانًا كثيرة، والتي طالما رأى المتداولين أن أسهمًا كثيرة تطالها أيد المضاربة بصورة جنونية وترفعها لأسعار خيالية وهي لا تستحق أساسًا تلك الأسعار التي وصلت إليها فلا قوائمها المالية تؤهلها ولا عمليات النمو بها تشير إلى تغير مفاجئ سوف يحصل في الأفق القريب لها، والعكس صحيح حينما نرى ضغطًا غير مبرر على أسعار أسهم تستحق أكثر من أسعارها.

وبيّن أن افتقار السوق لحقيقة المضاربة الحميدة التي تسير وفق منهج علمي ورسم بياني يكاد يخلط المنطق مع عوامل مؤثرة يجب عدم إغفالها مثل وفرة السيولة وتكون مقبولة حينها والتي لا تتجاوز الحد المقبول في المضاربة اليومية بأي شكل من الأشكال، مشيرًا إلى أن عملية التساؤل والتحقق وتطبيق اللوائح عامة وخصوصًا المادة (49) وإيقاع الجزاء على المخالفين وإمكانية إلغاء الصفقات في حال ثبوت خرق لهذه المادة من شانها أن تعيد التوازن للسوق لأن الحد من عملية الصعود الغير مبرر من شانه أن يغني حينها عن أي تساؤل عن نزول مفاجئ وغير مبرر أيضًا.

وختم التركي حديثه لـquot;إيــلافquot; بأن تطبيق المادة (49) سوف يساعد على الاستغناء عن المقولة المعتادة quot; أعطني سبب الصعود أعطيك سبب الهبوط !! quot; عند حصول أي هبوط مفاجئ وغير منطقي والذي يخالف به العوامل الصحية لمسار السوق ومقوماته الحقيقية !