بعد 4 سنوات من إعلانها النية
الجزائر تتخلى عن مسار تخصيص شركتها الأولى للاتصالات

كامل الشيرازي من الجزائر
كشفت مراجع إعلامية جزائرية، الاثنين، أنّ السلطات الجزائرية قررت إلغاء مسار خصخصة شركتها الأولى للاتصالات ويتعلق الأمر بمجموعة quot;الجزائرية للاتصالاتquot; المملوكة للحكومة، وبعدما اعتقد الجميع أنّ العملية أوشكت على نهايتها، نقل موقع quot;كل شيء عن الجزائرquot; على لسان مسؤول جزائري سام، قوله إنّ قرار الإلغاء اتخذّ على مستوى عال، وجرى تبريره بما تقتضيه quot;السيادة الوطنيةquot; وفي سياق quot;الحفاظ على أمن الجزائر القوميquot;، احتكاما لما قد يفرزه احتمال سيطرة شركة أجنبية على مقاليد مجموعة حكومية حساسة، من محاذير ونقاط ظلّ، علما أنّ الصفقة شهدت تهافتا كبيرا طبع طموح الكثير من الشركات العالمية لشراء حصص quot;الجزائرية للاتصالاتquot;، وهو ما جرى تفسيره بحجم الأرباح الهائلة المحققة من لدن المجموعة المعنية، حيث وصل رقم أعمالها إلى 24 مليار دولار، ما سمح لها بتحقيق نسبة نمو قياسية بلغت 56 بالمئة، وهو إنجاز لم تحققه كثير من شركات الاتصالات العالمية.

خبر إلغاء مسار التخصيص أتى مفاجئا ولم يتم تأكيده أو نفيه رسميا، بيد أنّ الخطوة كانت منتظرة بعد تردد استمرّ 48 شهرا منذ إعلان الجزائر العام 2004، نيتها فتح رأسمال شركة quot;الجزائرية للاتصالاتquot;، حيث كان يُفترض إتمام عملية الخصخصة عبر طرح أولي للأسهم العام 2006، ليتأخر الأمر بشكل غير مفهوم رغم تأكيدات منظمي القطاع أنّ الملف جاهز لكنّ العملية ظلت مراوحة لمكانها على مدار الأربع سنوات المنقضية، بينما بقيت تأكيدات مسؤولين حكوميين تتوالى كل مرة وتطمئن المتعاملين الأجانب إلى أنّ المسألة باتت قاب قوسين أو أدنى من التجسيد، ما أغرى نحو 10 مجموعات دولية لها سمعتها في حقل الاتصالات العالمي وجعل كل واحدة منها ترسل ممثلين عنها إلى الجزائر في الفترة الأخيرة، بينهم وفود عن كيوتل القطرية وفرانس تيليكوم واتصالات الإماراتية، في وقت أطلق متعاملون آخرون إشارات مغازلة على غرار المغربية للاتصالات والشركة الكويتية quot;أم تي أنquot;، إلى جانب الشركة جنوب افريقية quot;فوداكومquot; وquot;كوريا للاتصالاتquot;، إضافة إلى كل من quot;تيليفونكاquot; الاسبانية وquot;برتغال للاتصالاتquot;.

وأمام حجم الاهتمام الحاصل بامتلاك أسهم شركتها للاتصالات العامة، أعلنت الجزائر أواسط العام المنقضي عن وضعها شروطا إضافية ربطتها بحتمية الاستجابة إلى التطورات الحاصلة في قطاع الاتصالات في الجزائر، لكنّه وبعدما تمّ الإعلان في وقت أول عن طرح مناقصة quot;الجزائرية للاتصالاتquot;في يونيو/حزيران الماضي، ألغى كل شيء على نحو غامض وهو ما ربطه مراقبون محليون برحيل وزير الاتصالات السابق quot;بوجمعة هيشورquot; حيث فهم متابعون تجريده من حقيبة الاتصالات برغبة الباب العالي في مراجعة الخطة ككل وإعادة الأمور إلى نقطة البداية، علما أنّ quot;سليمان خير الدينquot; الرئيس المدير العام السابق لـquot;الجزائرية للاتصالاتquot;، قال إنّ عملية خصخصة الأخيرة بلغت مرحلة النضج، وصرّح قبيل تنحيته أنّ فتح رأسمال شركته خطوة ضرورية سوف تحافظ على نشاط هذه المؤسسة بالاستناد إلى تجربة شريك أجنبي ذي سمعة عالمية، معتبرا أن هذه الخطوة سوف لا تعني استغناء الدولة عن الشركة وإنما محاولة إعادة تموقعها بالشكل اللازم (..).

يُشار إلى أنّ الحكومة الجزائرية لم تحدد النسبة التي سيتم فتحها للرأسمال الأجنبي، بعد أن كان الاتجاه إلى بيع 51 في المئة من أسهم الشركة، لكن الأشهر الأخيرة شهدت تراجعا في هذا الجانب وتمّ الحديث عن بيع نسبة 35% فحسب، ما أضفى ضبابية على خطة بيع جزء من رأسمال quot;الجزائرية للاتصالاتquot;، خصوصا مع بقاء الملف حبيس أدراج رئاسة الحكومة، مع الإشارة إلى أنّه جرى إسناد مهمة مصاحبة المشروع لبنك الأعمال الإسباني quot;سانتندارquot;، بينما أعلنت المجموعة البريطانية quot;بريتيش تيليكومquot; عن استعدادها مصاحبة عملية خصخصة الجزائرية للاتصالات عبر الاستشارة التقنية والتأهيل التقني والتكنولوجي.

وبناء على تحليل معمق لقطاع الاتصالات الجزائري وكافة شركات الاتصالات العاملة هناك، توقعت مجموعة المرشدين العرب في تقريرها الأخير أن تتجاوز عوائد الاتصالات الخلوية والثابتة في الجزائر 4.7 بلايين دولار في 2011 مقارنة بحوالي 4.1 بلايين دولار العام الماضي.