على الرغم من جزم الحكومة بتوافر الإنتاج المحلي
الجزائر تستورد مليون طن من الإسمنت لسدّ عجز ورش البناء

كامل الشيرازي من الجزائر:قالت مراجع جزائرية مسؤولة لـ quot;إيلافquot;، إنّ السلطات الجزائرية قررت استيراد ما يربو عن المليون طن من الإسمنت، لسدّ عجز المصانع الـ12 الموجودة في الجزائر، عن تلبية حاجيات البلاد من هذه المادة الأساسية في مشاريع البناء، وأتى الكشف غريبًا من حيث أنّ وزير السكن والعمران الجزائري نور الدين موسى، شدّد مؤخرًا على أنّ الإنتاج المحلي من الاسمنت الذي قدّره بـ16.5 مليون طن سنويًا، كاف لتجسيد المشاريع الإنشاءات العامة التي هي قيد الإنجاز، وفي صدارتها خطة مليوني وحدة سكنية المزمع تسليمها في غضون الربع الأول من العام المقبل.

وعكس ما ذكرته الحكومة الجزائرية من انتفاء وجود quot;أزمة اسمنتquot; وquot;زيفquot; الضجة المثارة قبل ثلاثة أشهر حول ندرة مواد البناء وارتفاع أسعارها، تفيد معلومات أكيدة توافرت لـquot;إيلافquot; أنّ المصانع المملوكة للحكومة بدأت حراكها لجلب الكمية المذكورة من مادة الاسمنت، وبحسب الأجندة الموضوعة فإنّ آجال الحسم في المسألة ستكون بنهاية الشهر القادم، إثر التعرف إلى هوية المجموعات الأجنبية التي ستتولى تموين الجزائر بتلك الكمية.
وخلافًا لتصريح وزير السكن والعمران الجزائري نور الدين موسى، فإنّ الإنتاج الجزائري من الاسمنت لم يتعدّ 11.6 مليون طن، وهو ما يفسر هذا الاتجاه المفاجئ نحو الاستيراد وبكمية غير مسبوقة، ويبدو أنّ الجهات الوصية تريد الحيلولة دون استنساخ طوارئ الربيع المنقضي، لذا ترغب في استباق ما سيطبع الثلث الأخير من العام الجاري، أين يُرتقب أن يتضاعف الطلب على الاسمنت بنوعيه، تبعًا لدخول مشروع الطريق السيار شرق/غرب شوطه الأخير، بالتزامن مع استعداد مختلف المجموعات المحلية والأجنبية لتسريع وتيرة إنجاز المشاريع السكنية المتضمنة في مخطط دعم النمو (2005 ndash; 2009).

وفي مقام رئيس، يرى متابعون أنّ الجهاز التنفيذي الحالي في الجزائر يعتزم من وراء جنوحه إلى استيراد الاسمنت، إلى وضع المؤسسات المعنية بمشاريع المخطط الرباعي، أمام مسؤولياتها وسحب البساط من تحت أي تبرير لتأخيرات محتملة بداعي الندرة، علمًا أنّ بروز الأخيرة في أبريل/نيسان الماضي، دفعت بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى التدخل شخصيًا ومطالبة بفرق الدرك بمباشرة تحقيق موّسع في الموضوع.

وظلت الحكومة الجزائرية تتحدث مرارًا عن تطلعها إلى رفع الإنتاج المحلي من الاسمنت بزيادة قدرها 6 ملايين طن في آفاق العام 2012، وقال وزيرها للسكن إنّ بلاده رصدت لأجل ذلك مخصصات بقيمة 780 مليون دولار لحمل المصانع الـ 12 على إنعاش استثماراتها في هذا الاتجاه، كما تعوّل الجزائر على دخول العملاق الفرنسي quot;لافارجquot; إلى السوق الجزائرية، غداة إبرامه اتفاق مع المجموعة المصرية quot;أوراسكومquot; من أجل تسيير اثنين من مصانعها في الجزائر، ناهيك عن امتلاك quot;لافارجquot; لـ 35 في المئة من رأسمال مصنع quot;مفتاحquot; المملوك للحكومة لقاء دفعه 44 مليون يورو، وتخطيط مسؤولي المجمع الفرنسي لإنتاج 15 مليون طن من الاسمنت بحلول سنة 2015، في وقت تعاقدت مجموعة quot;سوناطراكquot; الجزائرية مع المجمع السويسري quot;هولسيمquot; لإنجاز مصنع للاسمنت بولاية غليزان الغربية في صفقة زادت قيمتها عن 180 مليون دولار، ما سيتيح بحسب خبراء لإنتاج الجزائر من 30 إلى 40 مليون طن من الاسمنت، لا سيما إذا ما تجسدت مشاريع المجمع الخاص quot;سفيتالquot; لإنجاز وحدات إسمنتية حديثة.

علمًا إنّ الحكومة آنذاك حملت المسؤولية لمن سمتهم quot;الوسطاءquot; وكذا تجار السوق الموازية، الذين تسببوا بحسبها في مضاعفة سعر الكيس العادي من الاسمنت إلى 500 دينار، بعدما كان لا يتجاوز 220 دينارًا، ما أسفر عن بلوغ حجم التلاعبات بالإسمنت الأسود وكذا الإسمنت الأبيض، إلى مستويات قياسية صار السعر معه يزيد بأربعة أضعاف قيمته الحقيقية في غياب الرقابة، وهو ارتفاع فاحش ولّد خسائر محسوسة لدى أصحاب المقاولات ما أدى إلى تجميد 65 ورشة كاملة والزجّ بمئات العاملين في إجازة إجبارية غير محددة الآجال.

وكـquot;حيلةquot; لتجاوز ورطة المضاربة، لجأ عدد من منتجي الاسمنت وقتئذ إلى طريقة البيع المباشر للمواطنين، بينما نشطت حمى ممارسات مشبوهة تسببت بحسب مصادر في اختفاء مصير 7, 4 ملايين طن جرى إنتاجها وحوّلت على نحو غير مفهوم عبر مسارب مجهولة.