اعتمد المغرب إطاراً قانونياً للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لتقييم الأعمال الاقتصادية هدفه انبثاق نموذج مغربي لمجلس يشكل هيئة دستورية بشأن القضايا التنموية الكبرى للأمة. ونفى الباحث الاقتصادي إدريس بنعلي أن يكون له أي تأثير على التقارب السياسي بين بلدان المغرب. بينما أكد أستاذ العلوم السياسة محمد ضريف أن المجلس لن يقوم بدراسة ملفات من تلقاء نفسه كالحوار الاجتماعي بل يبقى في يد الحكومة.

الدار البيضاء: تحركت عجلة خروج المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بتأكيد العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة لمجلس النواب، على الضرورة الملحة لاعتماد الإطار القانوني لهذا المجلس، quot;الذي يتعين الحرص على إقامته وتفعيله، في نطاق من التناسق والتكامل، بين مختلف المؤسسات الوطنية، مشدداً على أن quot;هدفنا هو انبثاق نموذج مغربي لمجلس اقتصادي واجتماعي يشكل، بجودة آرائه الاستشارية، هيئة دستورية للخبرة والدراية، بشأن القضايا التنموية الكبرى للأمةquot;.

ويعتبر هذا المجلس، مؤسسة استشارية منصوص عليها في الدستور، تساعد الحكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين، بتقديم رأيها ومقترحاتها في كل القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي. كما إنه يدلي برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتكوين.

يشار إلى أن quot;هذا المستشار الجديدquot;، الذي ستتشكل تركيبته من ممثلي مركزيات نقابية وفاعلين اقتصاديين، لن يكون بإمكانه إبداء مقترحاته وتقديم دراساته في جميع الملفات، بل تلك التي ستحال عليه فقط من طرف الحكومة والغرفة الأولى والثانية.

ويرى الأستاذ والباحث الاقتصادي المغربي، إدريس بنعلي، أن quot;المجلس سيلعب دوراً داخلياً، أي ما يتعلق بالملفات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية الكبرى للمملكةquot;، نافياً في الوقت نفسه أن quot;يكون له أي تأثير على التقارب السياسي بين بلدان المغرب العربيquot;.

وأكد بنعلي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذا المجلس ليس له أي دور على المستوى الخارجي، وتعزيز التقارب الاقتصادي والسياسي بين بلدان المغرب العربي يقوم به رجال الأعمال، إلى جانب مؤسسات أخرى والمجتمع المدنيquot;.

وأوضح الأستاذ والباحث الاقتصادي أنه quot;يطلع بتقييم الأعمال الاقتصادية ودور الحكامة، إلى جانب تكليفه بعملية المراقبةquot;، مبرزاً أن quot;إحداث هذا المجلس فرضه التسيير الاقتصادي العصري، وهو يدخل في إطار الحكامة الاقتصاديةquot;، وأضاف أن quot;لجنة اليقظة الاستراتيجية من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية كان يجب أن تكون داخل هذا المجلس، حتى لا يكون هناك تشابه في الأدوارquot;.

غير أن تنصيب هذا المجلس يفجر نقاشاً سياسياً واسعاً داخل المغرب، إذ يرى quot;فقهاء سياسيونquot; أن خروجه إلى الوجود سيجعل من الضروري إلغاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) لأنهما سيلعبان الدور نفسه، غير أن محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة المحمدية، يؤكد أن هناك فرقاً كبيراً في عمل مجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ويؤكد محمد ضريف لـ quot;إيلافquot;، أن quot;المجلس لن يقوم بدراسة ملفات من تلقاء نفسه، بل سينتظر ما ستحيله عليه المؤسسة التشريعية والحكومة، ومنها مثلاً ملف الحوار الاجتماعي، الذي لا يدخل في اختصاصه، بل يبقى في يد الحكومة فقطquot;.

وينتظر أن تعطي الأولوية إلى الملفات التي تطرحها المرحلة الراهنة، التي تطبعها الأزمة الاقتصادية المالية العالمية، والتي ستكون لها لا محالة انعكاسات اجتماعية. ومن المتوقع أن يعرض مشروع قانون إحداث المجلس، الذي نص عليه الدستور المعدل لعام 1996، على البرلمان ومجلس المستشارين، قريباً، للمصادقة عليه، قبل أن يعرض على المجلس الدستوري.

وبدأت معدلات البطلة في الارتفاع في المغرب، إذ سجلت نسبة بلغت 8.1 % في الربع الثالث من السنة الجارية. وكانت نسبة البطالة عينها انخفضت إلى 8 % في الربع الثاني من 9.6 % في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.

وتضرر اقتصاد المغرب بشدة جراء الركود العالمي، إذ تراجع الطلب على الصادرات والخدمات، كما انخفضت تحويلات العاملين في الخارج. لكن تأثير الأزمة على البطالة عوّضه ارتفاع عدد الوظائف في القطاع الزراعي، بفضل مستوى حصاد قياسي لمحاصيل الحبوب هذا العام.