عندما تحدثت المستشارة الالمانية انجيلا ماركل عن الوحدة الألمانية بعد مرور عشرين عامًا وعنإزالة جدار برلين الذي فصل ايضا كل المانيا، ووحد بعد ذلك شرقها مع غربها اعترفت بأن الوضع المعيشي والاقتصادي في الاقاليم الشرقية ما زال دون مستوى الوضع في الاقاليم الغربية، ويجب بذل الجهود من اجل النهوض بها، فالبطالة العمالية في القسم الشرقي اصبحت ضعفي ما عليه في القسم الغربي.


برلين:
تعد هذه المشكلة عقبة كبيرة امام تحقيق التساوي بين الجزئين، لذا يجب الابقاء لفترة اطول على ما يسمى بضريبة التضامن( ضريبة تقتطع من الاجور لصالح اعادة بناء الاقاليم الشرقية) وعليه فإن الوحدة لم تكتمل بعد خصوصًا على الصعيد الاقتصادي. وحسب بيانات رسمية وصلت تكاليف الوحدة الالمانية خاصة من اجل رفع المستوى المعيشي والاقتصادي في الاقاليم الشرقية الى اكثر من 1300 مليار يورو،وسوف يتواصل تحويل برلين الاموال الى شرق البلاد حتى عام 2019 الى ان يتمكن من الوقوف على قدميه والاستغناء عن هذا التمويل، لكن خبراء مال واقتصاد يقولون ان الحاجة الى التمويل سوف تتجاوز عام 2020، لذا لم يكن قول ماركل مواصلة دفع ضريبة التضامن سوى تأكيد على ذلك.وعلى الرغم من ما تم بناؤه في الاقاليم الشرقية ويدعو الى التقدير، الا ان كل ذلك لا يدعو الى الفرح او الارتياح. فحتى الان لا يوجد هناك محرك ذاتي للتطور الاقتصادي، والناس فيها يستهلكون اكثر مما ينتجون، والفارق في الوضع الاقتصادي بين القسم الشرقي والغربي اكثر من 20 في المائة.


والمشكلة الاخرى ان التمويل الذي يحول من الغرب الى الشرق، يجعل الناس هناك يعيشون فوق مستواهم الاقتصادي. لكن لا شك ان وضعهم لا يقارن بوضع مواطني البلدان المجاورة مثل بولندا وتشيكيا( بلدان المعسكر الشرقي سابقا)، مع هذا فإن الحركة الاقتصادية في هذا الدول افضل بكثير، وعليه فان عدم احداث اصلاحات للوضع الاقتصادي في الاقاليم الشرقية سوف يجعل الوضع فيها اسوء من الان وهذا ما يتفق عليه الكثير من الاقتصاديون، ويعزون السبب الى قلة الاستثمارات هناك. فاخر اكبر استثمار صناعي يعود الى ثمان سنوات مضت، حيث قرر مصنع السيارات بي ام دبليو انشاء مصنع له في مدينة لايبزيج، والمصنع الاكبر الاخر في شرق برلين وهو لشركة كنور برمسه Knorr Bremse AG لصناعة انظمة المكابح والخطوط الحديدية، ويشغل اقل من 400 عامل. لكن قد يكون اقليم تورينغن المثال الافضل للتطور الاقتصادي، فالناتج القومي فيه يقارب الناتج القومي لمدينة فرانكفورت.


ويتهم المحلل الاقتصادي حكومات الاقاليم الشرقية بالقول، على الرغم من ما يظهره الناس من استعداد للمشاركة في التطور، الا ان نتائج ذلك تظل متواضعة لانعاش اقتصادهم ومواجهة المنافسة الدولية، فهذه الحكومات لا توفر لهم امكانيات مواجهة ضغوطات المنافسة الدولية، لان الساسة فيها ما زالوا يمارسون سياسة خاطئة. كما وضح ايضا ان التحويلات المالية من الغرب الى الشرق لم تساعد الوضع الاقتصادي كي يتحسن بالشكل المطلوب، لان كل هذه الاموال تصب في خانة المساعدات الاجتماعية، ويذهب الجزء البسيط منها من اجل الاستثمارات.وحسب لوائح مكتب الاحصاء الاتحادي فإن الفارق بين اجور الموظفين في مراتب عليا او المدراء في الاقاليم الشرقية والغربية كبير، ففي الوقت الذي يصل في الغرب الى 82 الف يورو( في بافاريا وهسن وبادن فورتنبيرغ مثلا) لا يتعدى في الشرق ال60 الف، لذا لا عجب ان يكونوا غير راضين على دخلهم السنوي فيغيب عام التحفيز لبذل جهد للتطور.

ولقد سجلت الاقاليم الغربية نموًّا اقتصاديًّا قليلاَ جدًا بسبب الازمة الاقتصادية العالمية لم يتجاوز الواحد في المئة، بينما كان افضل حالاً في الشرقية، وتراوح ما بين ال10.1و4،6 في المئة الا ان ذلك ليس كافيًا من اجل اخراجها من وضعها الاقتصادي المتراخي لانها تحتاج الى نسبة لا تقل عن العشرين في المئة كي تدخل مرحلة التطور. ومع مرور عشرين عامًا على الوحدة وصل الدخل القومي للفرد في الشرق 70 في المئة من الدخل القومي للفرد في الغرب، الا ان بعضهم يرى ذلك ايجابيًّا لان هذه النسبة كانت متوقعة لعام 2028، ويضيفون بان النمو الاقتصادي بعد 12 سنة في الاقاليم الشرقية سوف يتجاوز الوضع الاقتصادي في اقاليم مثل سكسونيا السلفى وشليسفيك هولشتاين، ومسبب هذا التقدم هو القطاع الصناعي، الذي يحقق حاليًا خُمس الناتج القومي، بينما سيصل في الغرب الى الرُبع، والفضل في ذلك يعود ايضًا الى نمو القطاع الصناعي في اقليم تورنينغن.


لكن اذا لم يتعافَ وضع الاقتصاد الالماني عامة فإن ذلك سوف ينعكس سلبًا على الاقتصاديات في الاقاليم الشرقية ايضا. اذ مازالت المفوضية الاوروبية تدخل في الحسبان زيادة الركود الاقتصادي في المانيا وقد يشهد بعض التعافي عام 2010مع انتعاش لن يتجاوز الواحد في المائة. و كان حسابات الحكومة الالمانية السابقة نموا حتى 1،3 في المائة. كما وان العجز في الميزانية العامة بسبب حزمتي الانقاذ التي خصصتها الحكومة الاتحادية السابقة للقطاعين المصرفي والصناعي وتراجع حجم العائدات الضريبية قد يؤدي الى نمو الناتج القومي العام بنسبة 2،9 في المئة فقط . كما تتوقع المفوضية ان يصل العجز في الميزانية العامة حتى 4،2 في المئة من الدخل القومي ويجب الا تتجاوز الـ 3 في المئة حسب معايير الاتحاد الاوروبي.


لكن ذلك ليس وضع المانيا فقط ، فالازمتان المالية والاقتصادي في العالم سوف تطال كل بلدان الاتحاد الاوربي وستسجل عجزًا بنسبة 1،8 في المئة، وقد يشهد عام 2010 انتعاشًا طفيفًا لن يتجاوز ال0,4 في المئة. ولقد وصل التضخم المالي في المانيا عام 2008 الى 2،8 في المئة والناتج القومي الى 2489.40 مليار يورو والنمو الى 1،3 في المئة والناتج القومي للفرد الى 40.415 الف يورو. كما تجاوز عدد العاطلين عن العمل ال 8.3 في المئة، بينما سجلت صادرتها بما قيمته 1،53 بليون يورو ووارداتها 1،2 بليون يورو.