وقّع العراق وبرنامج الأغذية العالمي على مذكّرة تفاهم لتحسين توزيع المواد الغذائية لملايين العراقيين، وفق نظام البطاقة التمويني. يقوم الطرفان بموجبها بالعمل معاً من أجل تحسين إدارة إمدادات توزيع الطعام.

أسامة مهدي من لندن: وقّع العراق وبرنامج الأغذية العالمي على مذكّرة تفاهم لتحسين توزيع المواد الغذائية لملايين العراقيين، وفق نظام البطاقة التمويني. وقد وقّع كل من برنامج الأغذية العالمي ووزارة التجارة العراقية على مذكرة تفاهم، يقوم الطرفان بموجبها بالعمل معاً من أجل تحسين إدارة سلسلة الإمدادات الخاصة بنظام التوزيع العام الذي يحصل ملايين العراقيين من خلاله على حصص تموينية، وذلك بهدف تعزيز قدرات الوزارة، لتتمكن من إدارة هذا النظام بشكل أكثر فعالية.

وقال إدوارد كالون، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في العراق، quot;تمثل هذه الشراكة جزءاً من العملية التي تديرها وزارة التجارة لتحسين وتعزيز نظام التوزيع العامquot;. وأكد quot;أن برنامج الأغذية العالمي، من خلال خبرته التي تمتد لأكثر من 40 عاماً في مجال تقديم المساعدات الغذائية على الصعيد الدولي، يمكن أن يؤدي دوراً رئيساً في المساعدة على تحسين إدارة سلسلة الإمدادات الخاصة بنظام التوزيع العامquot;.

وتمثل هذه الشراكة عنصراً مهماً في استراتيجية الحد من الفقر وخطة التنمية الوطنية العراقية وإطار عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية، فهي تهدف إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي للفئات المستضعفة. كما تأتي بالتماشي مع الإستراتيجية القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في العراق، والتي تستغرق خمس سنوات.

وسيعمل البرنامج عن كثب مع الشركاء الاستراتيجيين، مثل البنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى وصندوق النقد الدولي والجهات المانحة والمؤسسات الأكاديمية لضمان توفير ما يحتاجه المشروع من مساعدات تقنية ونقل للتكنولوجيا وبناء للقدرات.
من جهتها، كشفت وزارة التجارة العراقية عن خطة لتدقيق سجلات البطاقة التموينية لجميع المواطنين العراقيين، قبل توزيع نموذجها الجديد بين المواطنين مطلع العام المقبل، داعية العائلات إلى ضرورة جلب نسخ من هويات الأحوال المدنية لجميع أفرادها، بغية إنجاز الخطة في أسرع وقت ممكن.

ولفت مدير قسم التموين في دائرة التموين والتخطيط التابع للوزارة نذير بشير في تصريحات صحافية إلى أن الدائرة في صدد تنفيذ خطة، تشمل تدقيق أسماء المسجلين ضمن نظام البطاقة التموينية في أنحاء العراق كافة، لاسيما أن عددهم تجاوز 32 مليوناً و250 ألف نسمة. مشيراً إلى أن الدائرة تبذل جهوداً استثنائية بغية إنجاز الخطة، قبل توزيع نموذج البطاقة الجديد، الذي يتضمن كوبونات تغطي توزيع حصص أشهر العامين المقبلين 2010 و2011.

ودعا بشير العائلات إلى ضرورة الإسراع في تزويد وكيل المواد الغذائية المعني بنسخ من هويات الأحوال المدنية لجميع أفرادها بغية المساعدة في تعجيل إنجاز خطة التدقيق، محذّراً من أن موعد تسليم النموذج الجديد سيتأخر، في حال تخلف العائلة عن جلب هذه النسخ، ويتسبب كذلك في تأخير تجهيزها بمفردات الحصة الشهرية من الغذاء. وأوضح أن الخطة تهدف إلى تنظيم المعلومات الخاصة بنظام التموين وشطب الأسماء المسجلة بشكل مخالف للضوابط، مهيباً بالمواطنين للمبادرة إلى الإخبار عن أية مخالفة في تسجيل أفراد عائلاتهم، بغية تجنب التبعات القانونية في هذا الشأن.

وكان مدير عام دائرة التموين والتخطيط رياض فاخر قد أكّد أن عدد المواطنين المسجلين ضمن نظام البطاقة تجاوز 32 مليوناً و247 ألفاً و528 مواطناً، مشيراً إلى أن الدائرة تواصل عملية تحديث سجلات البطاقة بشكل يومي، عبر إضافة تسجيل الولادات الحديثة والمواطنين العائدين إلى الوطن، وتثبيت تنقلات بطاقات العائلات بين مناطق البلاد كافة، وشطب الوفيات والحالات المخالفة، المتمثلة في تكرار تسجيل الأفراد وأية تغييرات أخرى. وأضاف أن الدائرة أنجزت شطب 13 ألفاً و944 اسماً لمواطنين تكرر تسجيلهم بشكل غير مشروع، منذ بداية هذا العام ولغاية منتصف الشهر الماضي.

كما أعلنت دائرة التموين والتخطيط في وزارة التجارة أنها باشرت بحجب البطاقة التموينية عن الموظفين الذين يتقاضون راتباً شهرياً يبلغ مليوناً ونصف فأكثر. ويأتي هذا الإجراء تنفيذاً لتوجيهات الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وذلك لدعم البطاقة التموينية كمّاً ونوعاً، وتوجيهاً لدعم أصحاب الدخول المحدودة والفقراء والمحتاجين بموجب قوائم أرسلت من الوزارات والدوائر كافة بأسماء المشمولين بأحكام هذا القرار، الذي بمقتضاه نفذت الدائرة الحجب.

وتضمنت الآلية المعتمدة في هذا الشأن: حجب البطاقة عن الموظف الذي يتقاضى راتب مليون ونصف، وحجبها عن أفراد أسرته كافة، وحجبها أيضاً عن الموظف الذي يتقاضى راتب مليون ونصف فأكثر وغير متزوج. أما إذا كان الموظف الذي يتقاضى هذا الراتب وزوجته وأطفاله ضمن بطاقة تموينية (ليس رب أسرة) فيتم الحجب عنه وزوجته وأطفاله فقط.

وكان وزير التجارة العراقي قد أعلن أخيراً لدى تقديمه عرضاً عن أوضاع البطاقة التموينية في مجلس النواب أن هذه البطاقة شكلت في عام 2005 نسبة 20% من الميزانية العامة للدولة، البالغة 42 مليار دولار، في حين فى عام 2008 لم تشكل أكثر من 1.5 % من الميزانية البالغة 48 مليار دولار في هذا العام. وأكد أن وزارته بحاجة إلى تخصيصات مالية كبيرة تتجاوز خمسة مليارات دولار، لتغطية مفردات البطاقة التموينية نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية، موضحاً أن كلفة البطاقة التموينية تصل من 20 إلى 22 دولاراً للفرد الواحد شهرياً.

وحذر الوزير حدوث quot;مجاعةquot; في العراق، لو تم إلغاء البطاقة التموينية في الوقت الحالي، ودعا إلى التفكير في quot;بدائل جيدةquot; تفيد المواطنين المحتاجين لها، مشيراً إلى ضرورة وضع quot;خطة عقلانية وموضوعية لاستبدال البطاقة التموينية ببدائل جيدة تفيد المواطنين المحتاجينquot;. وقال quot;لانستطيع الاعتماد على نظام البطاقة التموينية إلى ما لا نهاية، خاصة وأن البلد يعيش حالة من الإستقرارquot;. لكن السوداني شدد على أنه quot;من الصعب إلغاء البطاقة التموينية في الوقت الحاضرquot;، محذراً من quot;حدوث مجاعة في العراق لو تم إلغاؤها الآنquot;. وأضاف quot;لو تم رفع يد وزارة التجارة عن هذا الأمر لحدثت عواقب وخيمةquot;.

وقال إن هناك هناك خطة ستطبق خلال ثلاث سنوات لاستبدال البطاقة التموينية ببدائل أخرى. ولفت إلى وجود نقص شديد في كثير من الموادquot; التي توزّع على البطاقات، وعزا هذا النقص إلى حالات الفساد الإداري التي تشهدها الوزارة، إضافة إلى التلكؤ والخلل الإداري والنقص في الملاكات لإدارة هذه العملية الكبيرة وعدم وجود أجهزة رقابية تكفي لمراقبة العملية بأسرها. وأوضح أن عملية توزيع مفردات البطاقة يفترض أن تتم بملاك يبلغ عدده 60 ألف وكيل لخمسة ملايين عائلة، بينما لاتمتلك وزارته سوى 30 ألف موظف فقط يشتغلون على هذه العملية.

وكان نظام توزيع الحصص الغذائية، المعروف بنظام البطاقة التموينية، قد بدأ عام 1995، في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء الذي وضعته الأمم المتحدة في أعقاب الاجتياح العراقي للكويت قبل 17 عاماً. لكن هذا النظام أخذ يشهد تدهوراً واضحاً منذ الحرب الأخيرة التي قادتها الولايات المتحدة في العراق عام 2003، بسبب انعدام الأمن وسوء الإدارة وانتشار الفساد. وقد استفاد حوالي 80 % من العراقيين من نظام التوزيع، خلال حقبة النظام السابق، وشكلت السلة الغذائية المصدر الوحيد لاحتياجات حوالي 60 % من العراقيين، الذين يصل عددهم إلى 30 مليون نسمة.