من المرجح أن تبقي دول الخليج على برامج الإنفاق الضخم العام المقبل، رغم قيام اقتصادات رئيسة بسحب إجراءات التحفيز، إذ يمنحها ارتفاع أسعار النفط مجالاً لدعم تعاف هش.

دبي: من المرجح أن تبقي دول الخليج العربية على برامج الإنفاق الضخم في العام المقبل، رغم قيام اقتصادات رئيسة بسحب إجراءات التحفيز، إذ يمنح ارتفاع أسعار النفط أكبر منطقة مصدرة للخام في العالم مجالاً لدعم تعاف هش.

وقلّصت الأزمة المالية العالمية دخل أكبر اقتصادين عربيين - السعودية والإمارات العربية المتحدة - مما اضطرهما إلى استخدام الاحتياطيات، بينما تباشران خطط إنفاق هائلة للمساعدة على تجاوز التباطؤ الذي شهده هذا العام.

لكن مع ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من مثليها من مستوياتها المتدنية التي لامستها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عند حوالي 32 دولاراً للبرميل، تتوقع معظم الحكومات الخليجية تحقيق فوائض في الميزانيات والمعاملات الجارية هذا العام، وهي تبدي تفاؤلاً أكبر بشأن 2010.

وقال سايمون وليامز، كبير الاقتصاديين لدى اتش.اس.بي.سي في دبي، quot;الحكومات في أرجاء العالم طبقت سياسات توسعية على مدى العام المنصرم، لكن في معظم أنحاء العالم يعني ارتفاع مستويات العجز والمديونية أن المجال يضيق. بيد أن الوضع ليس كذلك في معظم دول الخليج.

وأضاف إن quot;التحفيز المالي الخليجي ربما جاء متأخراً عن مناطق أخرى من العالم، لكن من المرجح أن يستمر فترة أطول، لأن الأوضاع المالية هنا أقوى بكثير من الدول المتقدمة أو في الأسواق الناشئةquot;. ويتصدر جدول أعمال صناع السياسات على مستوى العالم نقاش بشأن سحب إجراءات التحفيز المالي والنقدي الضخمة.

وقررت الصين الأسبوع الماضي كبح بعض إجراءات التنشيط، في حين تعتزم بنوك مركزية عالمية سحب دعم بتريليونات الدولارات في العام المقبل مع تحسن الاقتصادات. ورغم بوادر التحسن، لايزال من المتوقع انكماش اقتصادي السعودية والإمارات نحو 1 % هذا العام، مع استمرار تدني الإقراض، لكن تدفقات جديدة من عائدات النفط ستساعدهما على النمو نحو 3 % في 2010.

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين لدى البنك السعودي الفرنسي-كريدي أغريكول في الرياض quot;التحفيز المالي سيستمر بما ينسجم مع جهود المحافظة على نمو الاقتصاد، بالنظر إلى ما مرت به المنطقة في 2009quot;.

ومن المتوقع أن يستمر الإنفاق مرتفعاً، بصفة خاصة السعودية، أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، والذي يباشر برنامجاً لاستثمار 400 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وفي قطر التي تتوسع في منشآتها للغاز الطبيعي باستثمارات قيمتها مليارات الدولارات.

وفي ضوء توقع استمرار أسعار النفط حول 75 دولاراً للبرميل العام المقبل، فإن معظم الدول الخليجية ستحقق فوائض مريحة رغم الإنفاق المرتفع، إذ من المنتظر أن تضع ميزانياتها على أساس تقديرات متحفظة لمتوسط سعر النفط عند 50 دولاراً للبرميل.

وتوقعت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين لدى المجموعة المالية-هيرميس في دبي quot;في 2010 تحسن الوضع المالي، مع ارتفاع دخل النفط. من ثم نتوقع زيادة في صافي مراكز الأصول الأجنبية لدول مجلس التعاون الخليجي. ولا نتوقع عجزاً في 2010 سوى في البحرينquot;.

ويبلغ متوسط سعر الخام الأميركي منذ مطلع العام 61.54 دولار للبرميل، وهو ما يتجاوز بهامش مريح سعر 45 دولاراً للبرميل الذي رسمت دول الخليج ميزانياتها على أساسه في 2009.

ومن بين دول مجلس التعاون الست، كانت سلطنة عمان والبحرين غير الأعضاء في أوبك، البلدين الوحيدين اللذين لم يستطعا زيادة الإنفاق بدرجة الدول الأخرى نفسها، بسبب احتياطياتهما المحدودة من النفط والغاز.

ومن المتوقع أن تحقق السعودية فائضاً في الميزانية قدره 7 % من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، بعد 0.8 % فقط في 2009. أما دولة الإمارات، التي تضم إمارة دبي المثقلة بالديون، فستحقق فائضاً نسبته 5 %، بعد تعادل الإيرادات والنفقات هذا العام.

وبحسب مسح أجرته رويترز الشهر الماضي، تقل تلك الأرقام بكثير عن مستويات الفائض المتوقعة في 2010 لكل من الكويت وقطر عند 16.9 % و8.3 % من الناتج المحلي الإجمالي على الترتيب.

ومن المتوقع أيضاً زيادة كبيرة في فوائض ميزان المعاملات الجارية في معظم دول الخليج العربية العام المقبل، مع تواصل انخفاض الإقبال على السلع المستوردة قياساً إلى 2008، الذي كان عام الطفرة والأزمة، في ظل استمرار خطر تقلبات أسعار النفط.

وتعقد منظمة البلدان المصدرة للبترول quot;أوبكquot; اجتماعاً في أنغولا يوم 22 ديسمبر، ويتوقع المحللون أن تبقي الإنتاج دون تغيير نظراً إلى أن أسعار النفط الحالية ترضي الدول الأعضاء.