لوتسرن (سويسرا): قد يبدو من التناقض أن يقترن اسم سويسرا كواحدة من أغنى دول العالم بالفقر، لكن تقريراً أصدرته منظمة quot;كاريتاسquot; غير الحكومية اليوم، يكشف عن أن الفقر طال أكثر من 750 ألف نسمة في البلاد، أي ما يعادل نحو 10 % من سكانها.

ويطالب التقرير باتخاذ quot;حلول سياسية، والتنسيق مع جهود منظمات المجتمع المدني على اختلاف توجهاتها لمكافحة تلك الظاهرةquot;.
وكشف التقرير عن أن الحديث عن مشكلة الفقر في سويسرا يعد من المحرمات، التي لا يحبّذ الكثيرون تناولها علانية، quot;لكن زيادة نسبة الفقراء يجب أن تكسر هذا الصمت، حيث أعربت العديد من المنظمات الأهلية عن قلقها من تفاقم تلك الظاهرةquot;.

وأوضح أن الأهداف التي يجب على المنظمات المعنية بمكافحة الظاهرة السعي إلى تحقيقها طرح مشكلة مكافحة الفقر كأحد الموضوعات الملحة التي يجب مناقشتها أمام الرأي العام، وعدم تحويل الفقر إلى إرث تحمله الأجيال تباعاً، لما في ذلك من تأثيرات اجتماعية سلبية على البلاد.

أما الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، فيحددها التقرير، في التعاون بين الساسة والاقتصاديين، سعياً إلى تقليل نسبة الفقراء إلى النصف خلال السنوات الـ10 المقبلة، وذلك من خلال إنشاء quot;شركات ذات طابع اجتماعيquot; تستوعب الأيادي العاملة التي قد لا تتوافر فيها شروط الكفاءة المهنية العالية التي تفرضها المصانع والشركات الكبرى كأحد شروط العمل.

ويأتي هذا التقرير في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة في سويسرا بشكل كبير، بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تركت بصماتها، حيث فاقت معدلات البطالة 4 %، حسب إحصائيات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 5 % أثناء العام المقبل.

على الصعيد السياسي، يمثل ملف مكافحة الفقر في سويسرا حلبة صراع سياسية بين تيارات اليمين واليسار، إذ يرى الفريق الأول أن السبب في ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفقر جاء بسبب زيادة عدد الأجانب في البلاد غير القادرين على مواكبة متطلبات سوق العمل، ويطالب بتقليص نسبة الأجانب غير المنتجين حفاظاً على خزانة التأمينات الاجتماعية، مستنداً في ذلك إلى إحصائيات رسمية، تشير إلى أن 44 % من المستفيدين من الإعانات الاجتماعية هم من الأجانب.

في حين يرى اليسار أن رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة الدعم الاجتماعي للأطفال والتلاميذ، لتتمكن أسرهم من مواجهة أعباء الحياة، ووضع سياسة جديدة تتعامل مع مستقبل الأسرة في سويسرا بصورة أفضل، هو من الخطوات الأساسية التي يجب اعتمادها رسمياً لمواجهة تلك الظاهرة، المرشحة للزيادة، حسب توقعات الخبراء.