أفشين مولافي، ترجمة أشرف أبو جلالة: قبيل انعقاد قمة العشرين بيوم واحد فقط، وقّعت الصين سراً على اتفاق مهم مع الأرجنتين، قد يشير إلى سمة رئيسة جديدة في الاقتصاد العالمي.
حيث وقعت على عقد مقايضة للعملة، لتداول مبلغ قدره 10 مليون دولار مستحقة باليوان الصيني لمبلغ مماثل بعملة البيزو الأرجنتينية، وهو ما سيسمح للصين بإجراء معاملات تجارية مع الأرجنتين بعملتها الخاصة بها.
وكانت الصين تستعين بالدولار الأميركي في الماضي عند المتاجرة مع الأرجنتين، وهو الإجراء الذي تستخدمه الصين وكثير من الدول حول العالم بصورة روتينية، حتى في حال عدم إجراء معاملات تجارية مع الولايات المتحدة.
ويعتبر الدولار الأميركي العملة المهيمنة في التجارة العالمية، وأهم احتياطي للعملات في العالم. كما إن أكثر من ثلثي مخصصات النقد الأجنبي الحكومية كافة موجودة بالدولار الأميركي، وتدار الغالبية العظمي من حركة التجارة العالمية بوساطة الدولار، بما فيها السلع الأساسية، مثل النفط.
وهكذا، أثارت تلك الصفقة التي أبرمتها الصين مع الأرجنتين دهشة كثيرين، خاصة، وأنها جاءت بعد فترة قصيرة من التساؤلات التي أثارها رئيس الوزراء الصيني وين جياباو بخصوص دور الدولار الأميركي باعتباره احتياطي العملات العالمية، كما تساءل بصوت مرتفع عما إذا كانت القيمة الإجمالية لاحتياطي الصين الذي يزيد عن 700 مليار دولار أميركي في مأمن من المشكلات الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة أم لا.
في غضون ذلك، نشر الشهر الماضي محافظ البنك المركزي الصيني مقالاً دعا فيه إلى اتخاذ خطوة للابتعاد من الدولار، باعتباره العملة العالمية الرئيسة.
كما تزايدت حدة الانتقادات من جانب الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف نتيجة لاعتماد العالم على الدولار الأميركي. ولدى وصوله إلى لندن من أجل حضور فعاليات قمة العشرين، دعا ميدفيديف إلي quot;تأسيس نظام دولي جديد للعملةquot;. كما أكد على أن أفكار روسيا الخاصة بـ quot;العملة الفائقةquot; حظيت بدعم كثيرين في المجتمع الدولي.
وقال ميدفيديف: quot;لن يتمكن الاقتصاد العالمي من التطور خلال الأعوام العشرة المقبلة، إذا لم ننشئ بنية تحتية جديدة، بما فيها أنظمة جديدة للعملةquot;. وفي إشارة إلى أن روسيا والصين يقتربان من حيث الرؤى في ما يتعلق بهذا الموضوع، قال وزير المالية الروسي أليكسي كودرين، الثلاثاء إن اليوان الصيني قد يصبح احتياطي عالمي للعملات في غضون 15 عاماً.

وناقش فريق من الخبراء الاقتصاديين التابعين للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إنشاء مؤسسة جديدة لإدارة احتياطي خاص للعملة. كما اقترح الخبير الاقتصادي الأميركي الحائز جائزة نوبل، وأحد خبراء الأمم المتحدة، جوزيف ستيغليتز، أنه سيكون من السهل نسبياً إنشاء هذا النظام الجديد الذي سيبنى على أساس سلة من العملات الرئيسة.
وتمتلك دول، مثل الصين واليابان والمملكة العربية السعودية، احتياطات ضخمة من الدولار الأميركي. وفي الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة طباعة الأموال وانتهاج سياسة الاقتراض لإعانة نظامها المالي، قد تنخفض قيمة الدولار، وبذلك تنخفض قيمة احتياطات البلاد الأجنبية. أما الرئيس باراك أوباما فقد نبذ فكرة quot;العملة الفائقةquot;.
وقال البيت الأبيض إن الدولار يظل احتياطي العملات العالمية الأكثر معقولية والأكثر قابلية للحياة. كما أكد خبراء الاقتصاد على أنه في ظل غياب بديل واضح، لا يزال الدولار يعتبر احتياطي العملة العالمي بلا منازع. ومع هذا، يشكل تحدي موسكو وبكين للدولار الأميركي تحدياً خطراً لإدارة أوباما.
وقد سمح احتياطي الدولار للولايات المتحدة بتمويل ديونها الضخمة علي مدار 3 عقود لدعم نموها. وفي الماضي، كانت تميل الدول التي دخلت في تحدي مع واشنطن بشأن احتياطي الدولار، لأن تكون الدول التي تقوم بدور هامشي في الاقتصاد العالمي، مثل إيران وفنزويلا، ودول أخري قوية مثل روسيا والصين.
وفي الوقت الذي لم يدرج فيه موضوع احتياطي عملة الدولار في الأجندة الرسمية الخاصة بقمة العشرين، كانت الصين وروسيا تسعيان إلى حشد التأييد لخطتهم من أجل دعم احتياطي النقد الدولي بغرض الدخول في تحد مع الدولار.
وأمل أحد مسؤولي وزارة المالية الروسية quot;في تحريك تلك الأجندة إلي الأمام في لندنquot;. وإذا اختار الاتحاد الأوروبي قبول تلك الفكرة، فإن مجهود موسكو وبكين الدبلوماسي قد يكتسب زخماً بشكل مفاجئ، ما يؤدي إلى العمل المباشر. وفي غضون ذلك، يظل الدولار أقوي احتياطي للعملات، لكنه فقد بالتأكيد بعضاً من بريقه في العام الماضي.