الكويت - إيلاف: قضى الربع الأول من العام الحالي، وبدا السوق سعيدا بذلك. سوف يدخل هذا الرُبع، بالإضافة إلى الرُبع السابق، التاريخ باعتباره واحدا من أسوأ الأرباع المالية التي مرّت على سوق الأوراق المالية الكويتي.فلم تكن البيئة الاقتصادية هي وحدها التي شهدت تدهورا، فقد ساءت أحوال البيئة السياسية أيضا، حيث قدّمت الحكومة التي تم تشكيلها في شهر يناير الماضي استقالتها بعد مضي شهرين، عقب ارتفاع عدد الاستجوابات الموجهة إلى رئيس الوزراء. بالإضافة إلى ذلك، تم حلّ مجلس الأمّّة الذي تم اُنتخابه في العام الماضي، وسوف تجرى انتخابات جديدة للمجلس في شهر مايو المقبل وسط احتمالات كبيرة بانخفاض عدد الأعضاء المُنتخبين.

جاء ذلك في تقرير بيت الاستثمار العالمي quot;غلوبلquot; أداء أكبر عشر شركات مدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية.وجاء في التقرير أنه على الصعيد الاقتصادي، خسر سوق الكويت للأوراق المالية قرابة 5.0 مليار دينار كويتي من قيمته السوقية أو ما نسبته 14.9 في المئة خلال الربع الأول من العام 2009 . وقد تلقى السوق بأكمله ضربات موجعة في بداية الربع الحالي، وخصوصا قبل صدور مشروع قانون بنك الكويت المركزي. وبدا السوق كما لو أنّه كان يغرق ببطء دون أن يدري. فقد عرض المستثمرون أسهما قيّمة للبيع بأسعار منخفضة ومع ذلك لم يجدوا من يشتريها. والدليل على انعدام ثقة المتعاملين في السوق، أن كمية الأسهم المتداولة انخفضت في الربع الأول من العام 2009 بنسبة 48.7 في المئة عن مستوى الكمية المتداولة في الربع الرابع من العام 2008. فقد سوق الكويت للأوراق المالية ما قيمته 5.0 مليار دينار كويتي في شهر يناير و 2.5 مليار دينار في شهر فبراير الماضي، و لكنّه عوّض جزءًا من خسائره في شهر مارس لترتفع القيمة السوقية بمقدار 2.0 مليار دينار كويتي.

شهدت مكونات قائمة مؤشر جلوبل لأكبر عشر شركات كويتية مدرجة في السوق تفاوتا خلال الربع الأول من العام بسبب التقلّبات غير المتناسبة في أسعار أسهم الشركات الكبيرة. وعلى الرغم من ذلك، اخترنا في تحليلنا أكبر عشر شركات مدرجة في السوق الكويتي على أساس إقفال يوم 31 /3/2009، وقد استثنينا منها بنك الخليج الذي تم إيقاف تداول أسهمه منذ شهر أكتوبر من العام الماضي. وشكلت البنوك نصف قائمة الشركات، كما تضمنت القائمة شركتين للاتصالات فيما كانت الشركات الثلاث الأخرى المتبقية شركات استثمارية، لوجيستية وغذائية. وفي نهاية العام الماضي، بلغ إجمالي القيمة السوقية لهذه الشركات 15.2 مليار دينار كويتي بالمقارنة مع 33.4 مليار دينار للسوق ككل. وانخفضت القيمة السوقية لهذه الشركات العشر بنسبة 11.8 في المئة في الربع الأول من العام الحالي لتبلغ 13.4 مليار دينار في 31/3/2009.

وتفوق أداء أسهمها على أداء السوق ككلّ، الذي تراجعت قيمته بنسبة 14.8 في المئة لتصل إلى 28.5 مليار دينار في نهاية الريع الأول من العام 2009. وشكّلت هذه الشركات العشر 47.1 في المئة من إجمالي القيمة السوقية لسوق الكويت للأوراق المالية في الربع الأول من العام 2008. وفي الربع الأول من العام 2009، شهدت سبع من أصل عشر شركات انخفاضا في قيمتها السوقية بينما ارتفعت القيمة السوقية لشركتين وبقيت شركة واحدة دون تغيير في قيمتها السوقية. من ناحية أخرى، انخفضت القيمة السوقية للبنوك الخمسة في هذه المجموعة مجتمعة بنسبة 10.0 في المئة، في حين تراجعت القيمة السوقية لشركتي الاتصالات بنسبة 16.7 في المئة كما تراجعت قيمة الشركات الثلاث المتبقية بنسبة 7.6 في المئة.

يعزى الانخفاض الذي شهده سوق الأسهم الكويتية بصفة أساسية إلى مشكلة نقص السيولة الناجمة عن المخاوف من ارتفاع معدلات الرفع المالي لبعض الشركات في ميزانياتها العمومية وخصوصا الديون الأجنبية. واتخذت السلطات الكويتية العديد من الإجراءات من أجل مواجهة الأزمة المالية التي تعرضت لها البلاد. وتشمل هذه الإجراءات تخفيض سعر الفائدة، وضخّ عدت مليار دينار كويتي في القطاع المصرفي الكويتي في شكل ودائع حكومية، بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الوكالات الحكومية المختلفة. كان الهدف من هذه الإجراءات هو استعادة ثقة المستثمرين في النظام المالي من أجل إعادة تدفق الأموال من جديد إلى النظام. ولكنّ، جميع هذه التدابير لم تنجح في تحقيق الغاية منها.

لذا، دفعت الأزمة المالية بنك الكويت المركزي إلى صياغة quot;مشروع قانون الاستقرار الماليquot; الذي يهدف إلى إنعاش سوق الائتمان. وسوف تتعرض هذه الخطّة إلى مشكلة نقص الائتمان من خلال منح الثقة للبنك المقرضة وضمان نصف قيمة القروض الجديدة المُقدَّمة التي تستوفي المبادئ التوجيهية الصارمة للقروض. ولكن ّضمان نصف القروض فقط سوف يترك النصف الآخر(غير المضمون) عرّضة لمخاطر الائتمان، لذا سوف يتعين على البنوك إجراء عمليات الفحص المالي النافي للجهالة لحماية أنفسها من انكشافها على هذه المخاطر. وأقرّ مجلس الوزراء الكويتي مشروع قانون الاستقرار المالي بعد حلّ مجلس الأمّة و قد أصبح القانون نافذا بصفته قانونا ملزما. ومع ذلك، لن يحل هذا القانون سوى المشاكل المتعلّقة بانعدام الثقة في المدى القصير بينما هناك العديد من القضايا الخاصّة بالاقتصاد الكويتي التي تحتاج إلى حل. ومن أهم هذه المشكلات، تزايد الإنفاق الحكومي بغرض إنعاش الطلب المنخفض. هذا بالإضافة إلى مشكلة أخرى وهي إصدار قوانين تجارية أكثر شمولية بهدف تشجيع المنافسة، محاربة الفساد، وزيادة مستوى الشفافية في الأسواق المالية. والهدف من ذلك، هو تهيئة بيئة اقتصادية أفضل للقطاع الخاص لكي يزدهر، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق المحلي.