دبي: اتخذت دول خليجية خطوة صوب تخفيف أزمة إقليمية في الكهرباء وتوفير الطاقة المطلوبة بشدة في مجتمعاتها الغنية من خلال الربط بين شبكاتها. وكان النمو الاقتصادي قد أنهك البنية الأساسية لدى أكبر مصدري النفط في العالم، وتركها تكافح لتوفير ما يكفي من إمدادات الكهرباء. وبطأت الأزمة المالية العالمية وتيرة النمو، لكن إمدادات الكهرباء مازالت محدودة.

وقال يوهانس بينيني، العضو المنتدب في جي.بي.سي انرجي للخدمات الاستشارية، ومقرها فيينا، quot;إنها خطوة مهمة للغاية لأمن الطاقة الكهربية. خاصة إذا ما كان هناك نقص في السوقquot;.

ويمكن أن يبدأ تدفق إمدادات الكهرباء عبر الحدود بين المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين بنهاية يوليو. وكانت الدول الأربع وقّعت الأسبوع الماضي اتفاقاً لتجارة الكهرباء، وبدأت اختبار الربط بين شبكاتها منذ شهور. وسيتم ربط سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة بالشبكة في وقت لاحق.

وستكون التجارة عبر الحدود من خلال مشروع الربط الذي تبلغ تكلفته 1.4 مليار دولار محدودة في البداية، إذ إن قطر هي الدولة الوحيدة الآن التي تمتلك فائضاً من الطاقة الكهربية يمكنها بيعه. وقال بينيني إن أكبر تأثير فوري للشبكة سيتمثل في خفض فائض طاقة الكهرباء المطلوب لضمان استمرار الإمدادات.

وتشيع أنماط استهلاك متشابهة في دول الخليج، إذ يصل الطلب إلى ذروته في فصل الصيف، مع الإقبال الشديد على استخدام أجهزة التكييف لمواجهة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة. لكن بينيني يقول إن نمط الاستهلاك في كل بلد سيختلف قليلاً، ففي الوقت الذي يمكن أن تعاني فيه إحدى الشبكات من الضغط، سيكون بإمكان أخرى تقديم فائض الطاقة المطلوب لاستمرار العمل.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء السعودية علي بن صالح البراك لرويترز quot;هذا الربط يمثل هيكلاً، يسمح بتبادل هامش الاحتياطي في مرحلته الأولىquot;. وأضاف quot;يعاني الجميع نقصاً في الطاقة، بسبب الزيادة الهائلة في الطلب، كما هو الحال في السعوديةquot;.

وتواجه المملكة انقطاعاً مكلفاً في الكهرباء، يصل إلى خمس ساعات يومياً في المنطقة الصناعية في مدينة جدة المركز التجاري في المملكة. وأوضح البراك أن السعودية تعتزم ربط شبكاتها الجنوبية والغربية العام المقبل، الأمر الذي يعتقد أنه سيحسن الأمور.

وحتى في قطر، فإمدادات الكهرباء محدودة. فقد أبلغت قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، الكويت الأسبوع الماضي بأنه ليس لديها فائض لبيعه هذا العام، رغم أن مصادر صناعية قالت إن اتفاقاً محتملاً بين البلدين تعثّر بسبب السعر. وكان هذا سيكون أول اتفاق بشأن الشبكة الجديدة.

وتعاني كل دول الخليج، باستثناء قطر، نقصاً في الغاز، وهو الوقود المفضل لتوليد الكهرباء، رغم أن المنطقة تقبع فوق بعض من أكبر احتياطيات الغاز في العالم. وتلجأ دول الخليج إلى استخدام منتجات بترولية لتشغيل بعض محطات الكهرباء، وتبحث استيراد الغاز، وبناء محطات تعمل بالفحم أو محطات للطاقة النووية، كوسائل للوفاء باحتياجاتها من الكهرباء في المستقبل.

ويرى راجنيش جوسوامي، نائب رئيس وحدة الغاز والطاقة في وود ماكنزي للاستشارات، أن سوق الكهرباء الخليجية لن تبلغ مرحلة النضج إلا بحل هذه القضايا. ويضيف quot;مبدئياً سيتعلق الأمر بالتعاون السياسي بين الدول، أكثر من كونه فرصاً للتجارة في الكهرباء. وأردف أنه قد تظهر قوة دفع إيجابية قرب نهاية العقد المقبل، إذا مضت الإمارات في خططها لتطوير طاقة نووية.

وتدعم دول الخليج أسعار الكهرباء، وتسيطر الدول في الغالب على محطات التوليد، الأمر الذي يجعل التسعير في اتفاقات الكهرباء مسألة شائكة. وستتردد الحكومات في البيع لجيرانها بالأسعار المحلية، إذ إن ذلك سيعني دعم اقتصاد آخر. لكن الاتفاق على سعر سيكون أمراً صعباً مع عدم وجود سوق قريبة للطاقة الكهربية يمكن الاسترشاد بها.