لندن: رب ضارة نافعة، فمن يصدق أن الأزمة المالية العالمية كان لها تأثير إيجابي واحد؟. هذا فعلاً ما حصل عندما لفتت الأزمة الأنظار على الاقتصاد الإسلامي ودفعت إلى تعلمه والاستفادة منه. فقد لاحظ خبراء في الشؤون الاقتصادية أن الأزمة المالية العالمية الحالية، والنابعة من السياسات المصرفية غير المسؤولة، لفتت الانتباه إلى الاقتصاد وعمليات التمويل الإسلاميين، وهو ما تجلى في طرح الجامعات الغربية مواد تدرس هذا النوع من الاقتصاد، بعد التزايد الكبير في الطلب عليها.
فقال الدكتور حبيب أحمد، الأستاذ في كرسي إمارة الشارقة في جامعة دورهام البريطاني، quot;إن هناك زيادة هائلة في الطلب على المواد الجامعية المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي، بحيث إنها أكبر من أن نتحملها،quot; مشيراً إلى أن الجامعة ستقدم درجة ماجستير في الاقتصاد الإسلامي في أكتوبر المقبل، أسوة بغيرها من الجامعات الأوروبية.
وأوضح أحمد، في لقاء أجرته معه CNN، quot;أن الاهتمام بالتمويل والاقتصاد الإسلامي قد نما ما بين 15 إلى 20 % سنوياً منذ فترة، إذ إن هناك الكثير من الاهتمام بهذه المسألة في اللحظة الراهنة، فالناس يبحثون عن بدائل بعد الأزمة الاقتصادية العالميةquot;.
وأضاف quot; يعتقد الاقتصاديون الإسلاميون أنه لو كانت مبادئ التمويل الإسلامي قد طبقت لما وقعت الأزمة الاقتصادية على الإطلاق، إذ نرى أن العديد من الدول غير الإسلامية، والتي تشمل المملكة المتحدة وفرنسا واليابان وهونغ كونغ وسنغافورة، تشجع التمويل الإسلاميquot;.
وأوضح أحمد أنه رغم أن البنوك الإسلامية كانت قد عانت من تبعات الانحدار الاقتصادي، ولكنها خرجت منه دون أن تتأذى من الانهيار المصرفي الذي حدث في البداية وسبب الاضطراب المالي، وذلك لأنه محظور على البنوك الإسلامية بأن تتعامل بالسندات المؤيدة بالرهن أو مقايضة الائتمان الافتراضية، وهما من المعاملات المالية التي سببت الأزمة المالية، بحسب الخبراء.
من جهته أشار عالم التمويل الإسلامي، علي خورشيد، إلى أن هناك العديد من الفروق بين الممارسات البنكية الإسلامية ونظيرتها التقليدية، وتأتي على رأسها امتناع الأولى عن احتساب فائدة على القروض المقدمة للعملاء، فبدلاً من أن يكون النظام البنكي مبنياً على المقرضين والمقترضين، فهو مؤسس على البائعين والمشترين.
وقال خورشيد quot;إن التعامل البنكي التقليدي منحاز إلى البائع، بينما يحاول نظام التزيل الإسلامي إيجاد توازن بين الطرفين، quot; مضيفاً بأن quot;الناس يعتقدون أن النظام الإسلامي، مبني على الإيمان، ولكنه في الواقع مؤسس على العدالة. إن هذا النظام مبني على إيجاد قدر من العدالة بين الطرفين، وكيفية تحقيق العدالة عبر اشتقاقها من التعاليم الإسلاميةquot;.
وبيّن خورشيد أن هناك تشابهاً بين ما يعرف باسم خطط quot;الاستثمار الأخلاقيquot; والتمويل الإسلامي، بحيث أن كلاهما يمنع الاستثمار في ما يضر الناس أو البيئة, معتبراً أن نجاح قطاع التمويل الإسلامي نابع من نجاح السندات الإسلامية التي تعرف باسم quot;الصكوكquot;.
يذكر أنه وفقاً لإحصائيات وكالة quot;موديquot;، فإن قيمة قطاع التمويل الإسلامي يصل إلى 700 مليار دولار، وله القدرة الكامنة بأن يصل إلى 4 تريليونات دولار، حيث إن العديد من البنوك في الغرب، مثل لويدز والبنك الهولندي ومصرف quot;سيتي بنكquot; تقدم منتجات التمويل الإسلامي للمقترضين المسلمين.
التعليقات